لم تغب عني بعد ملامح تلك النظرات من الرجال الغيارى الذين شرعوا يجهزون حقائب سفرهم الى الفردوس الأعلى, وكل متاعهم الطاعة للمرجعية واليقين بأن النصر لايأتي الا مخضب بقرابين الشهادة.
ظهر يوم الجمعة كانت ملامح كربلاء جديدة تصدح في الصحن الحسيني المقدس, لتعيد لنا بصورة أخرى وحديثة مشاهد ذلك اليوم الدامي, وكيف أنتصر الدم على كل مظاهر الزيف الأعلامي والحقد المبطن بالأسلام المزيف, فصدى تلك الرسالة التي أنطلقت من النجف ودوى صداها وأنطلق من أرض كربلاء, جاءت لتعالج تلك الجروح 1700 شابا في سبايكر, ولتفند زيف مدعي الأسلام.
عايشت سنوات من الحروب في الثمانينات والتسعينات وأدرك بشاعتها ووحشية مخلفاتها, وما تفرزه من دمار وخراب وماتخلفه من أثار نفسية ومجتمعية على الأطفال والنساء, فمئات الاف الأرامل والأيتام لمغامرات النظام السابق في القرن الماضي لا زالت أثارها قائمة ليومنا هذا, وأيام الحرب الطائفية في العقد الأول من الألفية الجديدة للقرن الحالي لم تندمل أثارها بعد, ومع هذا كنا مرغمين على التماسك وتبديد مخاوفهم الصغارا والكبار ليس لاننا أقوياء بل لأننا وأثقون أن خلفنا مرجعية حكيمة تسير بتسديد الألهي.
تاريخنا حافل بالأنتصارات وكانت تلك الدماء التي سالت في كربلاء حاضرة في عيون المجاهدين, لذلك فحلم الأنتصار لم يكن عصيا على التأويل بل كان سهل المنال فاستحضار تلك المواقف في ذلك اليوم الدامي في قلوب أولئك الرجال هو الذي سرع وتيرة الأنتصار بعد ثلاث سنوات من القتال, فعندما يخاطب المرجع الأعلى المجاهدين ويقول لهم أنتم كأصحاب الحسين (ع) فماذا نتظر من أولئك الأصحاب غير التضحية والجود بالنفس, فقدموا لنا حبيب وبرير ووهب النصراني وعابس ولكن بأسلوب عصري يقين محمدي وغيرة عباسية, ونخوة زينبية بهذه الصفات أنتصر رجال المرجعية.
ثلاث سنوات والعراق يواجه مصيرا مجهولا مع زمر التكفير المأجورة التي جندت المرتزقة من مختلف الجنسيات العالمية, لتوهمهم بشرعية الجرائم التي يرتكبونها في حق الابرياء, وأن تلك العمليات من القتل والذبح والأغتصاب هي جواز المرور إلى الجنة, فأنواع التعذيب المبتكر الذي مورس في تلك المناطق كان القشة التي جردتهم من ورقة التوت التي يغطون بها عورتهم فأنكشف زيف معتقدهم وبانت عوراتهم للعيان فكان للأعلام الحق المرجعي الكلمة العليا في كشف تلك الحقائق, وأبرازها للرأي العام المخدوع بشعارتهم البراقة, وأهدافهم الخبيثة فكانت الكلمة لجند الحق في قصم ظهورهم في معارك التحرير الخالدة.
في تلك اللحظة التي أدرك فيها الإمام الحسين عليه السلام الشهادة؛ ثبت عقيدة رسخت في نفوس المؤمنين والبشرية جمعاء على اختلاف دياناتهم ,فعقيدة أنتصار الدم على السيف لا يمكن زعزعتها او زوالها من عقولنا , لذلك فقد راهنت المرجعية العليا على النصر دون أدنى نسبة من لخسارة فللحرب رجالها المسلحين بتلك العقيدة التي راهنت عليها والبرابرة ليس لهم من الرجولة شيء كونهم يفتقدون الى شيء أسمه الحسين(ع).