23 ديسمبر، 2024 4:31 ص

بعد حوادث الانتحار المتزايدة التي اقدم عليها شباب عراقيين ، تفاجأنا اليوم الأحد ، بمحاولة انتحار امرأة اربعينية بألقاء نفسها من على جسر بته الواقع بأطراف الحلة مركز محافظة بابل ، قبل أن تتمكن الشرطة النهرية من انقاذها ، وحوادث آخرى كثيرة ، وسبب اقدامها على الانتحار يعود لمشاكل عائلية حسب مصدر إعلامي من شرطة بابل .

هذه الحوادث المفجعة للشباب العراقي ، تدل على تفاقم المشاكل الاجتماعية والاقتصادية ، وفشل الحكومة والبرلمان والاحزاب والحركات السياسية العراقية في إدارة الدولة فشلا ذريعا ، اعترفت به عدة شخصيات سياسية ، كان لها دور كبير في الحكم بسبب خيانتها للبلد والشعب واستيلائها على أملاك الدولة وثروته الوطنية وطائفيتها واستغلالها البشع للسلطة ، بأسم الدين والمذهب والقومية والعرق .

ومن المؤسف أن يتمسك قطاع عريض من الشعب بهذه المفردات وهذه القمامة السياسية ، التي سحقت المجتمع لحد هذه اللحظة .

فرغم توافر ثروات وطنية هائلة إلا أنها استغلت للسيطرة على الشعب واذلاله ، وسرقتها لصالح بعض دول الجوار .

الفشل الذي يعيشه العراق فشل سياسي وقانوني واقتصادي واجتماعي وتعليمي وصحي وثقافي وإداري وووو القائمة تطول . ومن المؤكد أن للتدخلات الدولية والاقليمية بالشأن العراقي ، لها تأثيرات سلبية على الواقع العراقي ، بعد ان اصبح العراق ساحة صراع دولي واقليمي ومخابراتي مفتوح ، وبسبب ضعف الروح الوطنية العراقية لدى الطبقة السياسية التي تحكم البلد ، وعدم شعورها بالذنب من خيانتها للشعب والوطن .

الخيارات الممكنة للشعب بالتخلص من هذه الزمر الفاسدة بأنتفاضة شعبية عارمة ، تستلهم انتفاضات المصريين والجزائريين والسودانيين ، مستبعد في الوقت الحاضر، والخيارالثاني ، إصلاح النظام السياسي الحالي بالالتفاف حول الأحزاب والحركات السياسية العراقية حديثة التأسيس ، ذات التوجهات العراقية ، مع الحذر من محاولات بعض القيادات الفاسدة التي دمرت البلاد والعباد من إعادة تأهيل نفسها بتأسيس أحزاب سياسية جديدة بأسماء وبرامج وطنية ومدنية جديدة ، تمثل أذرع لبعض الأحزاب الملطخة ايديها بدماء وأموال الشعب ، مستغلين التسهيلات النسبية التي يوفرها قانون الأحزاب السياسية النافذ ، والوفرة المالية من سرقتها للمال العام ، وفي حال لم يحدث شيء على ارض الواقع ، والخيار الثالث مقاطعة الانتخابات بصورة شاملة ، لنزع شرعية الاحزاب والحركات السياسية المشاركة بالسلطة والذي اصبح مزاج شعبي متعاظم .

فعمليات الاغتيال لن تجدي نفعا ، فقد جربها نظام صدام حسين ، بأبشع الطرق والاساليب الدنيئة ، ولكنه ذهب الى مزبلة التاريخ ، والاجراءات الترقيعية لن تجدي نفعا ايضا ، واذا كانت الحلول بائسة ، مثل الحل الذي اقترحه مجلس محافظة بغداد ، لمواجهة حالات انتحار الشباب ، بأشاء حواجز أمنية على الجسور لمنع تزايدها ، بدلا من دراسة أسباب الظاهرة ، وايجاد الحول السريعة والعملية لها ، فعلى الدنيا العفى .

واخيرا ادعوا المرجعيات الدينية والنخب الثقافية والادبية والناشطين السياسيين والمدنيين والوجهاء ، وكل من يهمه الواقع المأساوي الذي يعيشه الشعب ، ان يرفعوا اصواتهم ضد القتل والتشريد والفساد والانفلات الاقتصادي والاجتماعي والامني ، والمطالبة بحصر السلاح بيد الدولة ومكافحة الفساد بصورة فورية ، واجراء اصلاحات سياسية دستورية وقانونية واقتصادية واجتماعية وتعليمية وصحية فورية لمعالجة الوضع الحالي ، واشاعة روح الامل في نفوس الشعب .

فعدم انفتاح الكتل والاحزاب والحركات السياسية على الحلول الواقعية ، والمباشرة بالاصلاحات الشاملة خلال الاشهر القادمة ، وقبل الانتخابات المحلية ، يمثل انتحار سياسي لها ، وله عواقب وخيمة على الجميع .