18 ديسمبر، 2024 9:58 م

ليس غريبا أن تطالعنا الأخبار أن دويلة قطر التي لا تتجاوز مساحتها مساحة غرفتين وصالة ، تفاوض العراقيين على فتح ممر آمن لمجرمي داعش الأجانب المحاصرين في تكريت والسماح لهم بالأنسحاب الى الأراضي السورية عن طريق محافظة نينوى مقابل أن تدفع قطر خمسون مليار دولار لأعمار المناطق التي تضررت من قبل داعش.
لكن الغريب في الأمر أن وفدا من وزارة الخارجية العراقية كان قد ألتقى مسؤولين قطريين في أنقرة للتباحث في هذا الموضوع ، ولا أعلم أن كان هذا الوفد المفاوض قد نسى أو تناسى الجرائم التي أرتكبتها عناصر داعش الأرهابية من خلال أحتلالها ثلاث محافظات عراقية آمنة ، وما قامت به هذه العصابات من أعمال أجرامية يندى لها جبين الأنسانية.
بدءا أتسائل ، اذا كان اللقاء عربيا – عربيا فلماذا يكون في عاصمة الرجل المريض بدلا من بغداد أو حتى الدوحة نفسها ، أم أن هناك أمرا دبر في ليل أنقرة الصاخب ؟
ثم أن هذا العرض هو بمثابة أعتراف صريح من قبل الحكومة القطرية أنها الداعم والممول الحصري للأرهاب ، سواءا كان في العراق أو في سوريا ، وأنها المحامي والمدافع عن أرهابيي داعش ، الأمر الذي يتوجب على الحكومة العراقية رفض هذا المقترح مبدئيا ومقاضاة الحكومة القطرية أمام المحاكم الدولية عن كل جرائم الحرب والأبادة البشرية والتهجير القسري للسكان، وتدمير الأرث الحضاري الأنساني العراقي في كل المناطق المحتلة من قبل تلك العصابات.
والأنكى من ذلك أن الوفد المفاوض يتعهد بعدم عودة هؤلاء المقاتلين للقتال مرة أخرى في العراق ، لأنهم سيرحلون الى بلدانهم عن طريق تركيا.
أن الله سبحانه وتعالى من على دويلة قطر بنعمتي النفط والغاز اللتان سخرتهما في التخطيط والمساعدة على قلب أنظمة عربية في تونس وليبيا ومصر واليمن بذريعة الربيع العربي ، وساندت بشكل واضح وجلي المعارضة السورية وجبهة النصرة وتنظيم داعش الأرهابي في مقاتلة القوات النظامية السورية.
أن توقف العمليات العسكرية الناجحة في صلاح الدين فجأة ، والتحرك السياسي العربي عامة ، والخليجي على وجه الخصوص ، ربما يعطي مصداقية لمثل هذه الأنباء التي لم تؤكدها ولم تنفها وزارة الخارجية العراقية حتى الأن.
أن الضربات الموجعة التي تلقاها التنظيم المتطرف من قبل القوات المسلحة العراقية والحشد الشعبي ، والطوق المحكم والخانق على بقايا هذا التنظيم في تكريت من جميع الجهات ، وقطع خطوط أمداداته اللوجستية ، أضطر كل من السعودية وقطر للتحرك السريع والتباحث مع العراقيين من أجل أيجاد ممرات آمنه لمرتزقتهم وأنقاذهم من المهلكة التي وضعوا أنفسهم فيها.
أن على الحكومة العراقية الرفض القاطع لأي وساطة تتبناها قطر أو غيرها ، من أجل أنقاذ جرذان هذا التنظيم ، ولتضع الحكومة العراقية مشاعر عوائل شهداء سبايكر نصب أعينها ، ولتحترم دماء الأبرياء التي سفكت منذ تسعة أشهر على ربى صلاح الدين والأنبار ونينوى وديالى ، وأن لا تحني رأسا لأميرا أو ملكا تلطخت حتى كوفيته بدماء العراقيين .
وعلى القوات الأمنية العراقية ، من الجيش والشرطة والحشد الشعبي الأبطال ، أن يستهدفوا بقايا هذا التنظيم الخارج عن القانون ، بكل ما أوتوا من قوة نارية وصاروخية تحرق أجسادهم المتعفنة ، كما تحرق قلوب من أرسلوهم وساندوهم وأعموا عيونهم وبصائرهم ، لأن أنتصارات قواتنا البطلة ستقلب الكثير من التوازنات السياسية في الشرق الأوسط.