5 نوفمبر، 2024 10:47 ص
Search
Close this search box.

أنبوب النفط العراقي الأردني والكارثة القادمة

أنبوب النفط العراقي الأردني والكارثة القادمة

خلال فترة الحكومة السابقة مررت الكثير من صفقات الفساد التي اشترك فيها أطراف من الحكومة وأخرى من الحزب الحاكم آنذاك وأطراف خارجية. وبعض هذه الصفقات تم كشفها للرأي العام مثل صفقات أجهزة كشف المتفجرات والتسليح لوزارتي الدفاع والداخلية وصفقة السلاح الروسي (التي دفع ثمنها وزير الدفاع الروسي) وعقود وزارة التجارة والكثير ممن لم يكشف ولم يعلن عنه. وعلى العموم فقد دفع الشعب العراقي المظلوم من قوته ومستقبله ما يقارب تليريون دولار خلال فترة عشر سنوات من الفشل إضافة إلى فقدان ما يوازي مائة وعشرون مليار دولار من فوائض الميزانيات التي لم يعرف مصيرها لحد ألان. وأحد هذه المشاريع التي طبخت في عهد الحكومة السابقة ولم يرى النور إلى ألان بسبب كلفته الباهظة والتي تصل إلى ثمانية عشر مليار دولار هو مشروع مد أنبوب لنقل النفط الخام من حقول العراق الجنوبية الى ميناء العقبة الاردني مع اقامة مصفى للنفط مرتبط بهذا الانبوب لصالح الاردن بطاقة تصل الى مائة وخمسون الف برميل يوميا ويتحمل العراق تكلفة جميع هذه التفاصيل. وحسب المعلومات المتوفرة لدينا فأن عراب هذا المشروع هو أحد رجال الأعمال العراقيين المقيمين في الاردن والذي كان يدير أعمال احد رموز النظام السابق واليوم هو بخدمة المخابرات الاردنية ويلقب ب (السعدي). وبغض النظر عن هذه المقدمة فلنناقش جدوى هذا المشروع بالنقاط التالية:

1-أثبتت تجارب العراق السابقة مع أنابيب تصدير النفط عبر موانىء الجوار العربي السني انها ليست سوى تبذير بأموال العراق في مغامرات مرهونة بالمتغيرات السياسية وتذبذب العلاقة مع ذلك الجوار والأمثلة السابقة تثبت ذلك، مثل الانبوب العراقي السعودي عبر البحر الأحمر والانابيب السابقة عبر فلسطين ولبنان وسوريا وجميعها اليوم متوقفة او ترك صيانتها لتتلف لاسباب سياسية.

2- ان هذا المشروع ليس عراقيا اصلا بل هو اردني المنشأ والتخطيط والغايات تم تمريره خلال الحكومة السابقة عبر شبكة علاقات مشبوهة بين وسطاء الفساد في تلك الحكومة وأحد رجال الاعمال العراقيين من ذيول النظام البعثي كما ذكرنا انفا. وبالنتيجة فهو لم ينشأ لمصلحة عراقية بل نشأ كمحصلة لمجموعة مصالح وغايات اولها استمرار وتضخم الاتكاء الطفيلي لدولة الاردن الطائفية على ثروة الشعب العراقي ومنذ بداية الثمانينيات والى اليوم ، وثانيها هو مصالح الفاسدين من اطراف عراقية ما بين حكومية وحزبية.

3- ان كلفة هذا المشروع الباهضة والتي تصل الى 18 مليار دولار حسب ما اعلنته وزارة النفط مؤخرا يمثل مقامرة كبيرة بثروة الشعب العراقي المحروم اصلا والذي يعيش اليوم تحت مطرقة التقشف والفساد، وفي الوقت الذي اصبحت فيه خزينة الدولة خاوية نتيجة انخفاض اسعار النفط والفساد ومحاربة الارهاب. ومع هذا فرب ضارة نافعة، فهذا الافلاس هو سبب تأجيل المشروع شهرا بعد شهر ويبدو أن الحكومة تنتظر أي فائض بسيط في الميزانية لتضخه في هذا المشروع.

4-دخول عامل الارهاب وسقوط المناطق الفاصلة بين الاردن والعراق بيد داعش دعا عباقرة وزارة النفط العراقية وبأصرار غريب على انجاز هذا المشروع الكارثة وحسب ما اعلنته الوزارة نفسها الى تغيير مسار الخط ليكون بالقرب وبموازاة الحدود السعودية (امن البزون شحمة) وكأن هذه الحدود هي مع سويسرا وليست مع السعودية المصدر الاول للارهاب للعراق وللعالم فيا للعبقرية!!.

5-الحكومات العراقية المتعاقبة منذ 2003 والى اليوم لم تقم بأنجاز أي مشروع استراتيجي تصل كلفته لاكثر من مليار واحد سواءا بالبنية التحتية او الصناعة المشلولة او الزراعة، ومشروع ميناء الفاو احد الامثلة على ذلك مع كل هذه الميزانيات الانفجارية التي مرت علينا في السنوات الماضية وكما تفعل كل الدول التي تحترم نفسها وشعوبها، وبالمقابل تبخرت تلك المليارات وتحولت الى عقارات وارصدة خارج العراق لصالح السياسيين وابنائهم . وفي مقابل ذلك نجد الاصرار على انجاز هذا المشروع وبما لا يتفق مع سلوك العجز الحكومي في انجاز أي مشروع كبير لصالح الوطن.

6-يتحجج (الخبراء النفطيون بأهمية المشروع) لزيادة الصادرات النفطية للعراق وهذا الكلام قابل للنقاش فنقول انه بدلا من صرف مبلغ 18 ملياردولار على مشروع هو اقرب للمغامرة، فبلامكان المباشرة بتنفيذ ميناء الفاو الكبير والذي تصل كلفته التقديرية ما بين 5 الى 7 مليارات دولار فقط حسب ما صرح به السيد وزير النقل مؤخرا، وهو امن وقريب من مناطق الانتاج وعراقي مئة بالمئة ويمكن أن يحتوي على ارصفة لتصدير النفط.

7-واذا كان ولا بد لزيادة التصدير فالافضل تمديد انبوب الى الموانىء الايرانية الصديقة والقريبة على الخليج وبذلك لن نكون تحت ارادة دولة تعلن عدائها للشيعة يوميا وتدعوا للتقسيم الطائفي للعراق وتأوي البعثيين والارهابيين واخرافعالهم هو تسمية احد شوارع عمان بأسم المجرم طارق حنا عزيز.

أحدث المقالات

أحدث المقالات