تعلو نبرة صوته مرددا سور القرآن الكريم غايته الكبرى ان يناله رضا الرحمن ,ان يعرف ما يأمر به القران فهو كلام الله تعالى المنزل على نبيه الكريم ,ان يلزم نفسه حدود الامر والنهي ,ان يطبق ذلك عملا وليس قولا ما استطاع الى ذلك سبيلا, وليس مهما ان يحظى بالأعجاب ويطاله التبجيل وان حدث فذلك فضل الله تعالى عليه ومنة تستوجب الحمد والشكر .
يقرأ وقلبه متعلق بالكتاب ,يقف حين الوقف ويصل حين الوصل ,يحرص على مخارج الحروف يقرأها بأفضل صورة , يسكت عند السكت , يمد عند المد بالدرجات التي درسها وتعلمها وحاز حين اداها قبول معلميه واساتذته ,هو لا يلقي إلقاء وانما يجوّد تجويدا فهو ملم بأصول التجويد وبمختلف القراءات .
تعلو نبرة صوته ويستمع اليه الكثير وفيهم الكثير ممن يخشعون ومنهم الكثير ممن يتعلمون ومنهم الكثير ممن يؤمنون ومنهم الكثير ممن يستمعون القول فيتبعون احسنه فغايتهم العمل بآيات القران الكريم ويحتكمون بأحكامه يلزمون نفوسهم حدوده فهي حدود الله تعالى منزَّل القرآن على نبيه محمد صلى الله عليه واله الطيبين الطاهرين وصحبه المنتجبين ومنهم من يسمعون ولا يعون وينظرون ولا يبصرون ويقولون ما لايفعلون.
…..
بسم الله الرحمن الرحيم
(فأما اليتم فلا تقهر, وأما السائل فلا تنهر, وأما بنعمة ربك فحدث)
(الضحى-9)
طرقت الباب
…………………………………ز…………………..
فأما اليتيم فلا تسيء معاملته ولا يضيق صدرك عليه ,ولا تنهره ,انه يتيم .
اكرم اليتيم واعطه ما تيسر.
تذكر دائما انك ان اكرمت اليتيم ستحظى برضا ربك الكريم الذي خلقك ورزقك وانعم عليك مختلف النعم في هذه الحياة .
تذكر دائما ربما توفاك الله وتركت ايتاما …..الست تدعو الله تعالى ان يقيض لهم من يرعاهم ويأخذ بيدهم ويحنو عليهم ويحبهم حتى يشتد عودهم .
اذن اصنع باليتيم اليوم كما تحب ان يصنع بولدك من بعدك.
…………………
فاما اليتيم فلا تقهر.
معنى القهر هو التغلب على الغير والإذلال له.
قال النبي محمد (ص):
“انا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة ” واشار صلى الله عليه واله وسلم .بأصبعيه السبابة والوسطى”.
انا يتيم….
عشت يتيما سنوات طفولتي واعرف ماتعني هذه الكلمة بل هذه المفردة ….
كنت اشعر بانني افقد احساس الفرح الذي يشعر به صديقي حين يلتقي اباه وايضا احس نظرة الحنو التي يغمرني بها والد ذلك الصديق الذي لم يرتبط واسرتي باي قرابة وهذه النظرة كنت افتقدها حين اقابل احد أعمامي أو أخوالي بل كنت احس انهم ينظرون الي َّشزرا ويلقون علىَّ تعاليمهم وما يريدون مني أن أفعل امرا واجب وتكاد تكون نبرة صوتهم الآمر سيفا قاطعا وكأن رعايتهم لي منة منهم ودين لا استطيع ان اسدده لهم في مستقبل الايام .
لم يضموني الى صدورهم بعطف ولم يلمسوا على رأسي مربتين ولم يمسكوا بيدي حين اشتداد الخطوب بل تركوني اصارع الايام وحيدا فريدا هاربا من سطوتهم حتى تزلزلت بي الدروب وضاع عن خطوتي دليل الامان.
انا يتيم
اسير وانا اردد بيت شعري للشاعر حسب الشيخ جعفر:
فجرا صحوت على الرصيف فلم أجدني
وسألت كناس الشوارع قال
اني كنستك والنفايات فاعفوا عني
…..
نعم قد اعفو عن كناس الشوارع فهو لم يلتف الى حقيقة الاسمال التي تكورت في احدى الزوايا انها تضم جسما بشريا فيه من الحياة والآمال والاماني وفيه من الطاقات التي ستنهض به من تلك الكبوة في قابل الايام .
ولكن هل اعفو عمن سلبني حق طفولتي وحقي في احيا كطفل ينعم بالحب والحنو والحنان بل وشارك في سلب حقوقي واشار لي بأصبع الهوان مدعيا كذبا انني لا اشبه الاطفال في شيء …
وامي تلك المرأة العظيمة التي احتوت شراستي الطفولية وربتت على كتفي وامسكت بيدي وشدت ازري وكأنها جبل اشم دفعت عني غوائل الزمن وحاربت بصبر وجلد كيما تجعلني سويا مبرا من الصفاة التي ارادوا ان يلحقوها بي وحاولوا جاهدين تأكيدها من خلال مختلف الاستفزازات التي كانت تخرجني من صفوة الهدوء الى عاصفة الغضب ولكني ابدا لم استمر في ذلك الامر اذ سرعان ما اجد امي تأخذ بيدي وتسير بي الى حيث الطريق الامن حيث يتحول الغضب الى هدوء واليأس الى أمل والكسل الى نشاط والغفلة الى يقظة .
احدثكم عن طفولتي
كنت وشقيقتي الصغيرة ا سير في أحد الطرقات فالتقينا صدفة بأثنين من اعمامنا ,الكبير منهم كان مقتدرا وله سطوة في المال والجاه والاخر كان فقيرا ينحني لما يأمر به ذلك الكبير.
حين شاهدناهم اسرعنا نحث الخطى نحوهم وسلمنا عليهم فشعرت بالنظرة الشزراء من ذلك الكبير منتقدا حجاب شقيقتي الصغيرة التي لم تبلغ من العمر الا سبعة اعوام وراح ينحو باللوم على ذلك العم الفقير لأنه اقرب الينا رحما وحين رأيت نظرة اللوم الموجهة لي صرخت :
لم ازل اذكر ولا استطيع ان انسى ماحدث فما حدث شيء مؤلم واثم كبير صدر عن ذلك الكبير والاخر الفقير اذ امتدت الي ايديهما كل منهم صفعني على صفحة خدي فَّعَّلمت اصابعهم على خديَّ اليمين والشمال فما كان مني الا ان امسكت بيد شقيقتي الصغيرة ولم اذرف من عيني قطرة دمع واحدة بينما اشتعل في صدري اوار الغضب وعدت الى البيت ولكني فبل ان امضي
قلت لهما:
لا شأن لكما بنا ….انا يتيم …انا يتيم …ليس هذا فحسب بل انا وحيد لي ليمن قريب.
………………..
منذ تلك اللحظة اعتبرت نفسي وحيدا وليس لي في الوجود الا الله الواحد الاحد وقد كانت والدتي حريصة على ان تجعلني صالحا مؤمنا بأن من يتوكل على الله ويسأله العون فلن يخذل وكانت دائما تردد لي عبارة
(ان سألت فاسأل الله نعالي فهو أحم الراحمين وهو خير المسؤولين)
وهكذا مرت الايام بين مد وجزر بين اليأس والرجاء بين الفشل والنجاح ولا اخفيكم انني وجدت من يحتويني ويمدني بالعون من خلال أحدى المؤسسات الخيرية التي تمكنت والدتي من العمل بها وتوفير ما يمكن توفيره لعيش كريم .
مضت سنوات وكبرت وعجزت والدتي عن العمل فدخلت ميدان العمل بعد ان حصلت على شهادة تمكنت من خلالها ان اوفر لي ولعائلتي العيش الكريم ومن خلال ذلك رحت اسمع كلما ت مغايرة ممن كانوا بالأمس يصفوني بما لا ارضاها من الصفاة بل وجدتهم يفخرون باني ولدهم الصالح البار الكريم.
اللهم لك الفضل فيما آل اليه الامر لك الحمد والشكر دائما وابدا.