23 ديسمبر، 2024 7:02 م

في الآحاد تتوقف السفن في الموانيء الهندية، وتنام الكلاب السائبة مع الفقراء في الشوارع. يبلغ القمر غايته في الصعود، فيعود العشاق إلى أصابع أيديهم، يحسبون عليها ويعيدون الحساب. قضيت الليلة الماضية مع شكسبير في الطابق الحادي عشر في القسم الداخلي، ولم يكن لي غير الشاي الهندي. شكسبير هو الذي أرسلني قبل أيامٍ إلى المجوسي الدكتور شروف، أشهر الأطباء الهنود في الأمراض الجلدية. نظر إلى ظهري العاري تغزوه الدمامل وقال: عاشقٌ أنت؟ قلتُ بلى، ولكنني طالبٌ أيضاً، أحضر لشكسبير. هل سبق وقرأته؟ نظر لي بإبتسامة محايدة، وقال: إذاً أنت من الصحراء العربية؟ قلت لم أر من الصحارى غير حصى الزبير.
هل لي أن أجد إشارة عابرة إلى مفاعلنا النووي المحروق بين هذه الصفحات الكثيرة التي تركها شكسبير؟ وكيف أجد الحقيقة عند واحدٍ لوطي، أحبه، ولا أحترمه؟ لكن الطريق إلى شكسبير هو الإنسانُ نفسه. وأغلقت الكتاب.
صارت القاعة الإمتحانية بعد الثالثة عصراً كالفرن.  كنت آخر الخارجين. جلست على رصيف الكلية أنظر إلى ثلاثين طالبة يرمين الكتب والملازم عالياً في الريح. سلاماً للإمتحان. لا إمتحانات بعد اليوم. لي الصحارى والقفار، ولكنّ مستقبلكن الهندي النووي، بنات الذرّة.
قالت: هل تفكرون بالإنتقام؟
إنتقامنا في المآتم. ننتقم لأنفسنا من الميت الذي نسيناه.
تقرفصت على أرضية الحمام، والمياه تنزل على رأسي باردة. دبت الأنوار في الشوارع وأضاءت نوافذ البيوت. نامت الديوك والقطط. هنا أناس وأطفال وعشاء ساخن. كان القمر يخطو خطواته الأخيرة من النافذة. هو القمر نفسه الذي ينير حبات الرمل العراقية الحبلى باليورانيوم.
أنا والحقيقةِ، كواصلٍ والرّاءِ
بومباي 8/6/1981