أصبحت هذه العبارة من المشهورات التي تُنسب للسيد محمد الصدر (قدس) وهي ((أنا حررتكم فلا يستعبدكم احدٌ بعدي)).
وبغض النظر عن صدور هذه الكلمات وعدمه فإن مدلولها المعنوي مطابقٌ لما قام به السيد الشهيد محمد الصدر (قدس)..
فالحرية تقابل العبودية..
فهل كان الشعب العراقي مستعبدا؟
إذا تجاوزنا المعنى الفقهي للرق العبودية لأنه في عصرنا الحاضر ليس له موضوع حتى يكون الجعل مجعولا ….
إذا تجاوزنا هذا المعنى أمكن ان نسلط الضوء على معانٍ أُخرى للحرية والعبودية.. وعندها يتم لنا بوضوح فهم هذه العبارة العظيمة..
بعد ان نلتفت الى ان العبودية تقابل الحرية بمعنى ان نفي العبودية هو الحرية ونفي الحرية هو العبودية, وبالتالي سوف أسلط الضوء على العبودية التي كانت سائدة ومسيطرة ومستحكمة في الشعب العراقي على مستوى الفرد وعلى المستوى المجتمع ومن معاني العبودية.
1- الظلم والاستكبار: فالظالم الجائر يريد دائما إستعباد شعبه بحيث يسلط سيفه على رقابهم حتى يركنوا ويخضعوا وهذا أوضع معاني العبودية…
ولا أحتاج الى وصف الظلم الذي كان مسلطاً على الشعبِ العراقي من قبل المقبور صدام وعصابته البعثية فقد إستطاع أن يستعبد الشعب العراقي بعد أن قتل الملايين وسجن الملايين وشرد الملايين وجوّع وأمرض الملايين مما أدى الى دخول الخوف والرعب في قلوب العراقيين بحيث أصبح الاخ يخاف من أخيه والإبن يخاف من أبيه… حتى أعوان صدام كانوا أكثر رعباً وخوفاً بحيث يدفعهم إلى عدم التسامح مع المظلومين, إن تلك الفترة المظلمة هي من أقسى الفترات الزمنية التي تجرع سمها أبناء الشعب العراقي ومن العجيب الغريب ان البعض يصف تلك الأيام بأنها أيام الخير!!!
ومع ذلك فقد أستطاع السيد محمد الصدر (قدس) ان يقلع الخوف من قلوب الملايين من العراقيين وان يستبدله بالشجاعة وهذا يعني وضع حداً للعبودية وتحرير الملايين من قيدها….فهذا مصداق واضح لعبارة انا حررتكم… فقد تحرروا من الخوف.
2- الانحراف والفساد: ايضا كان الشعب العراقي في الأغلب عبداً للشهواتِ المحرمة والفساد والانحراف مما ادى الى أن اصبحت بعض الامور المنحرفة هي من ضروريات الحياة فعلى سبيل المثال ان من الضروري على كل عائلة عند زفاف احد اولادها فلابد ان يكون الزفاف فيه رقص وغناء وخمور ولا بد من إستئجار مطرب للغناء..
هذا المشهد كان بشكل 95% أو أكثر ولا يحق لاحد أن يعترض او يخالف فالناس أصبحوا عبيدا لهذه العادات المنحرفة… وفي حال ان شخص لم يجلب مطرب فان الناس يقولون هل انت نهبت هذه البنت؟؟؟ يعني انك هل سرقت البنت من اهلها دون زواج!!!
وعلى هذا الامر يمكن القياس على أمور اخرى كانت مستعبدة للمجتمع والافراد على حد سواء.
فإن كل فرد في تلك الفترة الا ما رحم ربي كان أسيرا للشهوات المحرمة من زنا ولواط ولعب القمارأوالاستماع للغناء أو سرقة او غش او…الخ هذه الظواهر كانت تمثل الشكل الاساسي للمجتمع العراقي والتي كان نظام صدام المقبور يساهم مساهمة كبيرة في نشر الفساد والانحراف بل ويعاقب كل مصلح أشد العقاب وكان السيد الشهيد محمد الصدر (قدس) ضحية تصديه لإصلاح المجتمع حيث قدّم دمه الطاهر ثمناً لوقوفه بوجه الفساد والانحراف..
وبعد ان تصدى السيد الشهيد فقد تحرر الملايين من عبادة الشهوات وعبودية الانحراف والفساد الى عبودية الله وهي أجل وأسمى درجات الحرية الحقيقية.
3- عبودية الافكار: أيضاً كانت هناك أفكار قديمة لها طابع ديني يعني قد تكون متبناة من قبل رجال الدين ولكنها بالتدريج أصبحت من المسلمات لدى خواص وعوام الناس……
وهذه العبودية ليست من خصوصيات تلك المرحلة بل هي مرض مزمن يصيب الافراد والجماعات في كل جيل ولمختلف الشعوب..
وعلى سبيل المثال الشعر الحسيني والمنبر الحسيني لم يكن أحد يخطر في باله مناقشة بعض الأمور التي هي من عنديات الشاعر والتي ينسبها الى الامام المعصوم كلسان الحال…. ولكن الشهيد محمد الصدر(قدس) حرّر العقول والقلوب من الاساءة للامام المعصوم..
ومحل الشاهد ان السيد محمد الصدر(قدس) أعطى درساً واضحاً وعظيماً لعدم إغلاق العقل والخضوع لعبودية سلبيات التفكير..
وعلى هذا المنوال تحرّر عقول الكثير من الناس وبدأ يعيدون النظر في الكثير من الافكار المغلوطة..
والذي ساهم في ذلك منهج الشهيد محمد الصدر الفكري الذي ينتهج اسلوب الاطروحات والذي فتح الباب على مصراعيه في التفلسف والتفكر فإن هذا المنهج بحد ذاته يمثل قمة في التحرر الفكريي..
وهناك الكثير من الأمور التي أستطاع السيد الشهيد محمد الصدر(قدس) من تحرير الناس من عبوديتها وأترك استقصائها للقارئ الكريم فإنه وعلى حد تعبير السيد الشهيد محمد الصدر(قدس) إنه باب ينفتح منه الف باب…..
وما أحوجنا في هذه الايام الى التمسك بهذه الحرية التي منحها لنا بفضل الله شهيدنا الصدر المقدس… خصوصا ونحن تعاني من الاحتلال الغاشم الجاثم على صدورنا نسأل الله بحق دماء الصدر الطاهرة ان يحررنا من هذا الاحتلال البغيض ومن كل ظلم يتعرض له الشعب العراقي من الخارج والداخل….