23 ديسمبر، 2024 3:14 ص

الأحزاب المؤدينة بأنواعها ومسمياتها , كل منها يحسب أنه يمثل الدين وغيره لا يمثله , ” فكل حزب بما لديهم فرحون” , وتلك عاهة مدمرة لوجود المجتمع والدين.
فلو سألت أي حزب سياسي يدّعي الدين , لوجدته يؤمن بأن ما يقوم به يمثل الدين وخصوصا “الإسلام” , فلسان حال الأحزاب يقول ” أنا الإسلام وغيري عدو الإسلام”!!
فهل وجدتم حزبا سياسيا مؤدينا يدّعي بغير ذلك؟
هذه الآلية المرعبة تسببت بصراعات دامية ما بين أبناء الدين الواحد , والتي تسمى بالطائفية , أي أن منشار السياسة راح يقطع أوصال أبناء الدين الواحد , ويهرسهم ببعضهم , حتى يُحالوا إلى عصفٍ مأكول.
وما يجري في واقع الأمة , أنها تقطّعت إربا إربا بإسم الدين , وهي تجهز على روح الدين , وعلى قوة وجودها وتماسك لحمتها , وقدرتها على التواصي بالعطاء الأصيل.
الأمة صار فيها ألف دين ودين , وكلها تنادي “أنا الدين” , ووفقا لمعطيات رؤاها تشرّع وتتصرف بعدوانية وشراسة ضد الآخر الذي يقول ” أنا الدين” , وبين الأنا والأنا تستعر مواقد الأجيج الدامي في بلاد العُرب أوطاني.
وهذه الديناميكية سارية في مسيرة الأمة منذ عشرات القرون , بل منذ إبتداء التفاعل السياسي مع الدين , وتطورت تأثيراتها ومشاريعها حتى بلغت ذروتها في الزمن المعاصر , الذي توفرت فيه أدوات الفتك بالإنسان والدين.
فما تمتلكه الأحزاب المنادية بأنا الدين , لم يسبق لها أن حصلت عليه من قبل , فبعد أن كان السيف آلتها ووسيلتها للنيل من الآخر , أصبحت تحصل على مبتكرات الدمار الفتاكة , أو يتم توفيرها لها لكي تستعملها للإنقضاض على الدين وأهله بإسم الدين.
وتلك مصيبة قاهرة تواجة أمة الدين , فهل من قدرة على وعي جوهر الحياة والدين؟!!