23 ديسمبر، 2024 10:06 ص

أنا “احتج” إذن أنا موجود

أنا “احتج” إذن أنا موجود

دائما نفرح بل نصفق ونهلل ونبارك ونهنئ لما يبدو حلأ جراحيأ. فعندنا الكي آخر الدواء حين لم تعد كل الأدوية الموصوفة طبيأ طبقا لقناعات طب أيام زمان صالحة. والطلاق أبغض الحلال حين لم تعد الحياة الزوجية تطاق. والإعدام آخر العقوبات وأقصاها حين تكون الجريمة بمستوى هذا العقاب. والفصل العشائري آخر التسويات المقبولة لأزمة  تؤشر بداية نزاع مفتوحة أبوابه على كل الإحتمالات بين عشيرتين أو أكثر. والعملية الجراحية آخر الحلول لأزمة طبية قد تطول ولم تعد تنفع معها المسكنات. لكننا وطوال 13 عاما من عمر العملية السياسية لم نلجأ في كل مشاكلنا وأزماتنا الإ للمسكنات. فعند تفجر كل أزمة نلجأ الى الوساطات بين الأطراف  المتنازعة من خلال عقد إجتماع او مؤتمر او طاولة مستديرة أولقاء ثنائي أو  ثلاثي يدار من الداخل أو تديره دول وأحيانا مجموعة دول من الخارج وينتهي الأمر غالبا على طريقة “حب عمك.. حب خالك”. طريقة “تبويس اللحى” ونحن ماشاء الله من بين أكثر الدول التي يربي سياسيوها فضلا عن رجال دينها كل أشكال وانواع اللحى الطويلة منها والقصيرة “السكسوكة” منها والمشذبة المصبوغة بعناية مرة أو بطريقة النصف زائد على الطريقة الديمقراطية مرة وصلت هي الأخرى الى طريق مسدودة. بل يمكن القول ان هذه الطريقة “الترقيعية” في الحلول هي التي أدخلتنا شتى أشكال وانواع الانفاق المظلمة. للأسف كان ولايزال جمع كبير من السياسيين عندنا يتصور أن بالأمكان نقل التجربة العشائرية في إدارة الأزمات في السياسة. ليس هذا فقط فإن هناك كثر من بين السياسيين من نقل تجربته السياسية التي يراها هو وربما بعض المحيطين به  فذة بل دونها تجربة بسمارك وميترنيخ السياسية الى العشائرية سواء من خلال إتخاذه الفصل العشائري طريقأ لتسوية خلاف مع سياسي آخر أو تحريض عشيرته التي لديها مجلس أمانة ومكتب سياسي وناطق رسمي وربما تفكر بالإنضمام الى الأمم المتحدة أو تعيين ممثل لها لدى اليونسكو  للحفاظ على تراث العشيرة لإصدار بيان ينتصر له حين يتعرض لأزمة مخالفة للدستور.هنا يصبح الدستور شماعة يعلق عليه الجميع كل اخطائهم المتراكمة. تلك الأخطاء التي أوصلت البلد الى مرحلة جديدة من الإحتجاجات لانظير لها ولا مثيل. الشعب يتظاهر ضد الحكومة والحكومة تقول إن هذا نوع من حرية الراي والتعبير يضمنه الدستور. والشعب يعتصم ضد الحكومة والحكومة تنقسم على نفسها بين مؤيد لذلك بوصفها حقا مكفولا وبين معارض من منطلق ان الدستور لم ينص على ذلك. لكن أن يصل الأمر أن يعتصم نفس البرلمان على نصف البرلمان ويتبادلان التهم بإكتمال النصاب من عدمه فإن هذا جديد على أعتى الديمقراطيات فضلأ عن “أفكسها”. يحصل هذا لسبب واحد ولكنه رئيسي وهو أن تجربتنا السياسية هي التجربة الوحيدة في العالم التي يختلط فيها السياسي بالعشائري وبالعكس. وطالما الأمر كذلك فإن “الإحتجاج” تحول الى تعبير ليس عن حرية رأي او تعبير بل صار هوية تفكير بحد ذاتها قوامها .. أنا أحتج إذن أنا موجود.