23 ديسمبر، 2024 4:19 ص

أنامل مُقيّدة – وصايا السيد السيستاني والمعاهدات الدولية /2

أنامل مُقيّدة – وصايا السيد السيستاني والمعاهدات الدولية /2

أخذنا في المقالة السابقة البعد الانساني واسلوب التعامل مع الاخرين من الخصوم بل حتى كيفية التعاطي مع الحجر والشجر وكيفية معاملة المخالفين ومن يدينون بغير دين الإسلام وكيف ان الرسالة الإسلامية السمحاء وإقرار هذه التعاليم في وصايا السيد السيستاني .

اليوم سنأخذ واحدة من النقاط المهمة في هذه الوصايا التي تختص بمقارنة المعاهدات الدولية التي وضعتها الانظمة الوضعية في أطار دستورها العام لحماية المدنيين أثناء الحرب وقواعد الاشتباك حيث تشير الوصية في فقرتها السادسة الى الى الاسس الصحيحة في التعامل بين البشر مهما كان تدينهم وبأي دين او انتمى الى قومية اخرى المهم في كل ذلك الانتماء الى الانسانية وعدم اسقاط الاخرين من سجلها، وتشير في نصها الى (واعلموا إنّ من شهد الشهادتين كان مسلماً يُعصم دمُه ومالُه وإن وقع في بعض الضلالة وارتكب بعض البدعة، فما كلّ ضلالة بالتي توجب الكفر، ولا كلّ بدعة تؤدي إلى نفي صفة الاسلام عن صاحبها ) في المعاهدات الدولية يرتكز القانون الدولي الإنساني على معاهدات، ولا سيما اتفاقيات جنيف وبروتوكولاتها الإضافية، فضلا عن سلسلة من الاتفاقيات والبروتوكولات الأخرى التي تغطي جوانب معينة. وثمة مجموعة كبيرة من القواعد العرفية الملزمة لجميع الدول والأطراف المشاركة في النزاعات بل ان تلك الاتفاقيات تلزم حتى المنظمات الغير منتظمة بدولة وربما منها بعض الحركات التي تمارس الارهاب والتعدي على حرمات الاخرين وحياتهم فتجبرهم تلك المعاهدات في الكثير من القوانين وان

كانوا لا يلتزمون بها في التقيّد بقواعد الاشتباك والحفاظ على ارواح عامة الناس ممن كانوا في ميدان المعركة او وضعتهم الظروف في أن يكونوا هدفا للقوى المتحاربة ، ولذلك فان السيد المرجع حفظه الله يُصرّ على نقطة مهمة جدا وهي المحافظة على ارواح الناس وعدم اخراجهم من ملتهم او دينهم وانما التعامل على أساس الانسانية بعيدا عن روح الانتقام من أتباع هذا الطرف او ذاك وربما الإشارة الاخرى في الوصايا تشير الى هذا المعنى عندما يطالب من كل القوى العسكرية التي تقاتل ضد الارهابيين على ارض المعركة بعدم التعرض حتى لذويهم ((الله الله في حرمات عامّة الناس ممن لم يقاتلوكم، لاسيّما المستضعفين من الشيوخ والولدان والنساء، حتّى إذا كانوا من ذوي المقاتلين لكم ، فإنّه لا تحلّ حرمات من قاتلوا غير ما كان معهم من أموالهم)) الى أي سمة من السمات واي مرتبة يرقى اليها والتي يتعامل بها السيد السيستاني وهو يخاطب المحاربين الذين لبوا نداءه للجهاد في معاملة ذوي المجرمين من داعش لعدم حليّة حرماتهم ولكن في المقابل ماذا فعلت داعش بالحرمات عدا ما سرقوه من اموال وموارد العراق ، ألم يغتصبوا النساء ويسجنوهن ثم يقتلوهن ؟ ألم يقتلوا الاطفال والشباب وكبار السن؟ ألم يدمروا الحياة بكل ما فيها من جمال ؟

من هنا نتساءل مع كل الذين يقفون بسلبية تجاه النظام الجديد في العراق ألا يكفيكم ذلك من دليل دامغ على ان موقف المرجعية اضافة الى تطابقه مع روح الاسلام وسنة الرسول الأكرم (ص) هو مطابق للمعايير والمعاهدات الدولية التي نصت عليها الهيئات الأممية المقررة لديكم وفي أدراج مكاتب حكوماتكم وتعملون بها وتطالبون بتطبيقها على كل العالم وفي المقابل فان مثل تنظيم داعش اليوم يسحق بأقدامه على كل تلك الاتفاقات والمعاهدات الوضعية الاممية وحتى القيم الاسلامية ومنهج القرآن الكريم ، فما بالكم وانتم تقفون موقفا سلبيا تحوم حوله الكثير من الشبهات والشكوك بانسانيتكم واحترامكم لشرعة حقوق الانسان.