23 ديسمبر، 2024 5:18 ص

أم عادل والعيدية..

أم عادل والعيدية..

يوم عرفه، له طقوس عديدة لدى العائلة العراقية، واحدة من تلك الطقوس هي عمل (الكليجة)، حيث تجتمع الأسرة العراقية رجالا، ونساء، وأطفال، حول طبق دائري كبير يسمى (صينية) لصنع الكليجة متبادلين الأحاديث، والنكات، لينسوا بعض الهموم الذي كبست على قلوبهم، وقلوب العراقيين.

أم عادل؛ واحدة من تلك النساء اللاتي تحملن عبء الحياة القاسية، بعد عجز زوجها عن العمل، لتجد نفسها تقوم بدور الرجل في توفير قوت لأبنائها.

أم عادل؛ حالها حال الكثير من العراقيات، تنفسن الصعداء بعد سقوط الطاغية، مؤملة نفسها بأن يكون حكم ابن أبي طالب عليه السلام حاضرا، يمد العون للفقراء، والمحتاجين، فضلا عن الأيتام، سيما بعد أن سمعت بان أحزابا إسلامية تدعي انتسابها لشيعة أمير المؤمنين (عليه السلام) تسنمت زمام القيادة في العراق، بعد أن أتعبتها البسطة في سوق مريدي! التي كانت تعيل بها أبنائها، لكنها لم تعرف ما يضمر لها القدر!.

وائل؛ ذلك الشاب العشريني، حاله حال الكثير من الشباب المؤمن، الذي تطوعوا في صفوف جيشنا المغدور تلبية لنداء المرجعية الرشيدة، دفاعا عن الوطن، ومقدساته ممنيا نفسه بإحدى الحسنيين النصر، أو الشهادة .

جاء يوم عرفة؛ لتمارس أم عادل طقوسها العائلية الشعبية مع عائلتها في صنع الكليجة، التي ما إن آلت على نهاية عملها حتى اتصلت بوائل، لتخبره بأنها حجزت له ولإخوته المجاهدين حصة كبيرة من الكليجة، التي طالما كان يحبها، ويحرص على المشاركة بصنعها مع عائلته فضلا عن أكلها.

أخذت أم عادل موبايلها الصغير لتتصفح الأرقام ليستقر نظرها إلى اسم وائل، لتعطي له إيعازا بالاتصال، ليتصل قلبها به أولا، استمعت أم عادل إلى نغمة ابنها، وهي تردد(يا حسين بضمايرنا، صحنا بيك أمنا) ليهدأ روعها، لكن؛ بالمقابل يرفع الموبايل، من بين مجموعة من الموبايلات، ليقرأ المعني أمي الحنونة تتصل بك، ما إن انقطع صوت النغمة، بادرت هي بكلمة الو يمه وائل اشلونك؟ لكنها سمعت بالطرف المقابل صوت أجش أوجس قلبها منه خيفة، ذكرها بصوت الشمر اللعين، ونبلة حرملة البغيضة، أنت منو؟ قالت أنها أم وائل، أشبيه ابني امشي عليك ضلع الزهراء؟ ظنا منها انه من الإسلام! أو من دخل حصن محمد.

لم تعرف أنه من السلالة نفسها التي كسرت ذلك الضلع الشريف، وأسقطت المحسن عليه السلام، سمعت كلاما كان عليها أثقل من سقوط السموات والأرض على رأسها، قال لها بأن أبنك قد ذبحته بيدي! ورأسه موضوع على قفاه، لتتذكر بذلك مصيبة أبا عبد الله الحسين عليه السلام، وعريس أل محمد، ذلك الشاب الحسني(القاسم بن الإمام الحسن) عليهم أفضل السلام.

نعم؛ لقد ثكلت أم عادل بابنها في ليلة العيد، احتسبته حالها حال الكثير من العراقيات التي فقدن أبنائهن من اجل الوطن.

اسأل الله المغفرة لشباب العراق، والصبر والسلوان لأهلهم.