غالبا ًما تتعرض خطوط نقل الطاقة الكهربائية إلى توقفات غير مبرمجة تلقي بتبعاتها على المنظومة الكهربائية العاملة مما يُحدث الإرباك في تشغيلها وما يصاحب ذلك من انقطاعات للتيار الكهربائي عن المستهلكين بالإضافة الى ما يبذل من جهود فنية تتطلبها إعادة الخطوط المتوقفة الى العمل وما يتضمن ذلك من خسائر مادية يحدد حجمها نوع الضرر الحاصل.
تلجأ الجهات المنفذة لمشاريع تشييد خطوط النقل إلى خيارات استخدام العوازل الخزفية أو الزجاجية في أعمال تسليك هذه الخطوط وتثبيتها على هياكل الأبراج المعدنية الحاملة لها.
في الكثير من دول العالم يعزى سبب توقف عمل العديد من خطوط منظوماتها الكهربائية وبنسب عالية ومتفاوتة الى حدوث الأضرار في العوازل الكهربائية المستخدمة نتيجة لتحطيمها عمداً أو لإصابتها عرضياً في حالات محدودة.. حيث تعدّ هذه العوازل من الأجزاء الواهنة والمكشوفة لتكون أهدافًا سهلة لأفعال العابثين أو من أصحاب الغايات السيئة في إحداث التوقفات لعمل المنظومات الكهربائية والذين غالباً ما يلجأون إلى استخدام الاطلاقات النارية في استهداف هذه العوازل المسكينة.
في ثمانينات القرن الماضي ونتيجة للظروف الاستثنائية السائدة، آنذاك، كانت هذه الظاهرة (تهشيم العوازل) قد تفاقمت وتحديداً في المناطق الشمالية من العراق حيث تتكرر هذه الحوادث تباعاً وتلاحق بإجراءات سريعة لغرض تلافي حدوث الانهيار في عمل المنظومة الكهربائية فيها والتي يجهز إنتاجها مختلف المرافق الحياتية والتجمعات السكانية بما تحتاجه من الطاقة الكهربائية والتي يعتمد سريانها على سلامة عمل خطوط النقل المنتشرة على مساحات واسعة ومفتوحة في هذه المناطق.
في نهاية عقد الثمانينات جاء الحل حاسماً ليقف أمام تكرار حوادث تحطيم العوازل الزجاجية أو الخزفية منها عندما استوردت الدوائر المعنية في قطاع الكهرباء كميات محددة من العوازل المطاطية والتي تواجه العيارات النارية بالسماح باختراقها (من دون التأثير على وظيفتها أو مستوى عازليتها) وليس تحطيمها أو تهشيمها كما يحصل في أنواع العوازل الأخرى.
في أوائل العام ١٩٩٠م وبعد الانتهاء من مهمات إيفادنا (كنت حينها المدير الفني لشبكات كهرباء المنطقة الشمالية) مع مجموعة من المهندسين المتخصصين والتي كانت محددة بمعاينة العوازل البلاستيكية وفحصها في إحدى المصانع المتخصصة في الولايات المتحدة الامريكية (بلد المنشأ) والتي تضمنت إجراء العديد من الاختبارات الكيميائية والفيزيائية والكهربائية بالإضافة إلى المعاينة الميدانية لبعض الشبكات الكهربائية الأمريكية التي استخدم فيها هذا النوع من العوازل حيث كانت تعاني من تصرفات العابثين من هواة صيد الطيور أو الصيادين أنفسهم، بعد فشلهم في الحصول على ما كانوا يتوقعون من ثمار القنص في رحلاتهم الطويلة والمكلفة لتكون إحدى ردود معاناتهم النفسية وشعورهم بالإحباط هي الانتقام من العوازل الكهربائية بتوجيه إطلاقات أسلحتهم النارية إليها (هذا التحليل أخبرنا به أحد مرافقينا أثناء جولات المعاينة في إحدى مناطق الصيد الامريكية ولا أعلم مدى دقته طبياً).
جاءت توصياتنا في تقرير الايفاد باعتماد العوازل المطاطية في شبكات الكهرباء العراقية مع توفير المزيد منها لمواجهة حالات العبث والتخريب التي كانت تعاني منه شبكاتنا آنذاك.
وبذلك وضعنا حداً لهذه المشكلة.