23 نوفمبر، 2024 4:37 ص
Search
Close this search box.

أمنييية ثانية ..

هوامش متأخرة حول نتائج المؤتمر العاشر للحزب الشيوعي العراقي .
كتب لي أكثر من صديق ورفيق ومناضل حول رأيي بنداء الحزب بعد مؤتمره العاشر في الدعوة الى الشيوعيين الواقفين خارج حزبهم بالالتحاق به مجددا .
أنها مبادرة تنم عن حرص ومسؤولية وخطوة عملية بلملمة الجراح وطي صفحات الماضي المؤلمة لكنها تبقى أمنية لم تتحقق ولا يستجاب لها, ولم تحظى بالقبول والقناعة , أذ لم تقترن بخطوات عملية وجريئة وحريصة وصادقة في الدفاع عن قضايانا الوطنية وقوى اليسار وتاريخ الشيوعيين . قبل شهرين من عقد المؤتمر وجهت رسالة الى المؤتمرين بمثابة أمنية من شيوعي دفع حياته وضحى بمستقبله بدون مقابل .. بانتهاج سياسة جديدة وفق متطلبات المرحلة الحالية تعيد به أرث ومجد الحزب , الذي نهشته ليالي المنافي ورعونة الطرقات وسوء التسلكات البيروقراطية وسطوة المنافقين والمهزومين . وبادر وهو دومأ هكذا المناضل خالد حسين سلطان بنشر كراس حول نتائج المؤتمر العاشر والرسائل والمقالات قبل المؤتمر وأثنائه وبعده وكان من ضمنه رسالتي . على أعضاء اللجنة المركزية الجديدة شباب وشيب مسؤولية تاريخية ووطنية بلملمة جماهير الحزب من خلال النزول لهم والاطلاع على أرائهم وأفكارهم والوقوف عندها حيث لا يمتلك أحدأ كل الحقيقة .. وتجاربنا كافية باستخلاص النتائج ومعرفة الاسباب التي أدت الى تشرذمنا , والذي فتح مجالا واسعا لاحزاب الاسلام السياسي البائسة بتصدر مشاريع العراق نحو الهاوية والمأزق .. نحن الأجدر تاريخيا ووطنيا في بناء بلدنا والانتقال به الى شواطيء الامان .
تلقى نداء الحزب ردود أفعال متضاربة ومتناقضة , هناك من أشاد به .. وتمنى لو بات أمرا واقعا بتجسيده بخطوات فعلية وواقعية .. وثمة من شكك به جملة وتفصيلا وأعتبره كسابقاته مجرد كلام ولتهدئة لغة السجال والهروب من الانتقادات وحصر مساحات النقمة والغضب .
في تقديري سابق لاوانه في تقيمه وحصد نتائجه لننتظر برهة أخرى من الزمن .. لانه الذين يتربعون على عرش هذا الارث النضالي باتوا يدركون حجم المخاطر التي تحيط بكيان الحزب فلابد من سياج كونكريتي حوله مسلح بمناضليه وجماهيره ومحبيه .. وأن من لم يدرك حجم هذا الخطر في تداعي أوضاع العراق من شيوع الميلشيات والارهاب والاسلام المتخلف سنكون عرضة في المؤتمر القادم أن عقد أوسع تشظيأ وأكثر بؤسأ ولا ينفع الندم ولا يدمل النقد جرحأ غائرأ .
الحزب الشيوعي العراقي عمره تجاوز الثمانيين عاما على أيدي رجال مخلصين ومناضلين حلموا كما غيرهم بأقامة مجتمع عادل ونموذجي تسوده العدالة الاجتماعية والمساواة والديمقراطية والاشتراكية . فعلى الشيوعيين اليوم وأمتدادا لذلك التاريخ العتيق أن يقدموا نفسهم كقوة سياسية وفكرية وأخلاقية في مواجهة الارهاب والتطرف الديني والمحاصصة من خلال البحث في كيفية الخروج من الازمة بطرح مشاريع سياسية ووطنية عابرة للطوائف والتخلف . وهذا لم يتم الا من خلال الوصول الى وحدة سياسية تنظيمية حسب مباديء لينين التنظيمية . حيث بلغ اليوم التدخل الامريكي في العراق ذروته المتفاقمة في تهديم بنية مجتمع بالكامل من خلال عمليته السياسية الطائفية برموزها المهترئه تحت غطاء عباءة الاسلام السياسي فعلى الشيوعيين أن يتصدروا لهذا المشروع التدميري من خلال تعبئة الجماهير ضد هذا المشروع على أسس وطنية .
فشعار التغير , الذي طرحه المؤتمر العاشر فلابد أن يقترن بخطوات عملية وسريعة على مستوى السياسة والتنظيم والموقف .
ففي دعوته لرفاق الامس بان يتأهبوا للالتحاق بتنظيمات الحزب .. سوف تكون خجولة وبطرانه وربما تفقد سمعتها وتسقط بتقادم الايام .. هناك مئات من الشيوعيين لحق بهم الحيف والتجني والتشهير فمن أجل أعادة الاعتبار لهم أن يقدم لهم أعتذار رسمي وأسمي بعيدا عن الضغينة والثأر العشائري والحقد . وهذه المواقف تحتاج الى جرأة أدبية وفكرية وشجاعة وحرص ومسؤولية .. والشيوعيين أهلا لها من أجل مجد وتاريخ حزبهم .
في يوم ١٩ أيار عام ١٩٨٩ في براغ ودعت المناضل الكبير حسين سلطان عائدا الى بغداد بعد ٦٠ سنه من النضال والسجون والمعاناة وما تلقاه في أيامه الاخيره من حيف وأجحاف لمواقفه المعارضة .. أخر كلام سمعته منه وعينيه ممتلئه بالدموع والحسرة .. البركة بكم أنتم الشباب أن تحافظون على شرف الحزب وتاريخه الوطني .

أحدث المقالات

أحدث المقالات