22 ديسمبر، 2024 7:04 م

الأماني جميلة وهي تملأ رؤوسنا جميعا ، حتى الآن نسامر الأماني ونتأمل ان تتحقق بعد عمر ليس بالقصير، وقد عبر الكثير من الشعراء، عن حمق من يبقى مرتبطا بالأمنية ولا يحاول العمل في سبيل تحقيقها، حتى قال احدهم : ( ان المنى رأس أموال المفاليس)، وقال حكيم: من كان مرتع عزمه روض الأماني لم يزل مهزولاً، وقبل هذا كله قال كعب بن زهير في قصيدته المشهورة ( بانت سعاد) :

فلا يغرَّنْكَ ما منّتْ وما وعدتْ… إن الأماني والأحلام تضليلُ

وسالفة أمنيات عبود معروفة ومتداولة، فقد سأل احد الأساتذة طلبته ، ووجه السؤال الى الطالب عبود: ماذا تتمنى ان تكون يا عبود؟ فقال: أتمنى ان أصبح مليارديراً وأتزوج أجمل امرأة بالكون، اشتري لها طائرة لنسافر الى جميع دول العالم، واقتني لها المجوهرات، واترك لها دفتر الشيكات لتشتري ما تريد، وابني لها أجمل القصور وأروعها، صمت الأستاذ وانتقل الى الطالب (احمود)، وانت يا احمود ماذا تتمنى ان تكون؟ فقال: ( أتمنى ان أكون مرت عبود)؛ العالم باجمعه يقف الآن وقفة إجلال وإكبار أمام مواعيد مرشحي الانتخابات العراقية، وحتى ان صديقا لي من اسبانيا تمنى ان يكون ( مرت عبود) عفواً عراقياً، لكي يتمتع بما يعد به المرشحون للانتخابات، فقلت له ما قال كعب بن زهير: ان الأماني والأحلام تضليل، كما ان المرشحين أيضاً يسيرون خلف الأماني وخصوصاً الجدد منهم، يمنون أنفسهم بالفوز في أنهم استندوا الى جدران فلان وفلان، وأنهم سوف يحصدون أصوات جيش هذا وأنصار ذاك، وهذه الأمنيات هي خادعة وغير مدروسة، لأنها في نهاية الأمر ستكون كما قال المثل الدارج: ( كلمن ايحود النار الكرصته).

عبود المسكين كان يتمنى، والشعب العراقي قضى السنين بالأمنيات، ستأتي امريكا وتخلصنا من صدام، أتت امريكا وتبين انها أسوأ من صدام بكثير، وسترحل امريكا ونحصل على السيادة وينتهي كل شيء، رحلت امريكا وعادت ولم نحصل على أي شيء، سيرتفع سعر النفط ونبني بيوتنا التي تهالكت، ارتفع النفط وانخفض ولم يصب الا في جيوب اللصوص من السياسيين، ستنتهي الدراسة ويتعين أبناؤنا وتتغير الأحوال، انتهت الدراسة وانتشر أبناؤنا في الشوارع لا تعيين ولا حتى وظيفة لكناس في الشوارع المليئة بالازبال والأوساخ، اعلمْ يا عبود ان لا أمنية قابلة ان تتحقق في هذا الوطن، وسأقسم برب الراقصات يا عبود ولا اقصد راقصات الملاهي في بغداد، لأنهنَّ لسْنَ من المحترفات، الراقصات اللواتي ينرْنَ السماء ليلاً بعد ان ملأها الأوغاد غباراً ورماداً، إنني رأيت بكاء السماء بعيني يا عبود، فقد نصحني صديق صدوق بان مطر نيسان يشفي من العلل ويبرىءُ الجسد العليل وينشط الإنسان من جديد، انتظرت بفارغ الصبر حتى أتى المطر، أبرقتْ وأرعدت ووضعت إنائي انتظر المطر، وهطلت الأمطار ففرحت مع انها تغرق بيتي أول البيوت، وانتظرت وانتظرت، وركضت نحو الإناء وجلبته بسرعة، واذا بالماء اسود يا عبود، لا يصلح للشرب، لقد استقبله هناك في السماء رماد المولدات ومحطات الطاقة الكهربائية ومناطق طمر الأوساخ التي أنشئت في حاراتنا، فصبغ الماء بالسواد، وزالت أمنية عزيزة كنت أتمنى تجربتها يا عبود فقد تعبت من الأدوية الكيميائية، لكنها ربما تكون محض أمنية تشبه أمنياتك يا عبود.