22 ديسمبر، 2024 7:49 م

مِنْ المعلومِ أنَّ الممارسةً الديمقراطية بحسبِ المفهوم الغربي، قد تكون عرضة إلى الإخفاقِ فِي تحقيقِ الحكم الرشيد؛ إذ ليس هناك ما يضمن إفراز العملية الانتخابية لمخرجاتٍ بمقدورِها المساهمة فِي تشكيلِ حكومة وطنية رشيدة، حيث أنَّ الكثيرَ مِن التجارب الانتخابية فِي البلدانِ الغربية كانت حصيلتها ظهور حكومات أدخلت بلدانها فِي دوامةِ الأزمات الاقتصادية، وهو الأمر الَّذِي يجعلنا نتيقن مِنْ أنَّ الشعبَ يُعَدّ اللاعب الرئيس والأساس فِي عمليةِ التغيير المرتجى، ما يعني تحمل الكيانات والأحزاب السياسية الداعمة للتغيير، والرامية إلى خوضِ الانتخابات البرلمانية مسؤولية إنشاءِ قاعدةٍ جماهيرية قادرة عَلَى التأثيرِ الإيجابي فِي مهمةِ الاصلاح السياسي والاقتصادي مِنْ خلالِ صناديق الاقتراع.

ليس بالأمرِ المفاجئ القول إنَّ إجماليَ عمل الكتلَ السياسية العراقية فِي المدةِ الماضية ساهم فِي تشتيتِ القرار السياسي، فضلاً عَنْ تسببه فِي إجهاضِ الكثير مِنْ مشروعاتِ الإصلاح والتوجهات الخاصة بمهمةِ التغيير؛ بالنظرِ لغيابِ الرؤى المتعلقة بإعدادِ البرامج الَّتِي مِنْ شأنِها خدمة الشعب عَلَى خلفيةِ سيادة المنافسة عَلَى الزعامةِ والاستحواذ عَلَى مصادرِ السلطة، وَالَّتِي انعكست بمظاهرٍ عدة مِنْ بَيْنَها المناكفات والتشهير بالشريكِ الآخر ومحاولات التسقيط والتخوين بشتى السُبل، مع العرضِ إنَّ كُلّ مِنْ هذه الكيانات المتصارعة يشكل جزءاً مِنْ المنظومةِ السياسية الَّتِي تدير شؤون البلاد.

لا مفاجأة في القول إنّ ثلاثَ دورات انتخابية خاضها الشعب العراقي بعد سقوط النظام السابق، كانت كافية لتصحيحِ مسار العمل السياسي، بَيْدَ أنَّ انشغالَ الأحزاب السياسية فِي تحقيقِ مآربها أفضى إلى إغفالِها مهمة مراجعةِ أدائها قصد تلمس إخفاقاتها، والبحث عَنْ مخارجٍ لأزماتِ البلاد الَّتِي انعكست بتنظيمِ التظاهرات الجماهيرية والاعتصامات في أغلبِ مناطق البلاد. وَليس خافياً أنَّ أبرزَ معطيات العملية السياسية فِي السنواتِ الماضية، تمثلت فِي التخبط السياسي، ضعف سلطة القانون، تراجع إنتاجية القِطاعات الاقتصادية غير النفطية، سوء أداء الأجهزة الخدمية، تردي المستوى المعاشي، تفشي البطالة، فضلاً عَنْ استشراء الفساد المالي والإداري، الأمر الَّذِي فرض عَلَى الكتلِ السياسية الفاعلة فِي المشهدِ السياسي المحلي اللجوء قسراً إلى خيارِ ” التشظي ” مِنْ أجلِ ضمان عودة ذات الوجوه الَّتِي وصلت سابقاً إلى قبةِ البرلمان والمحافظة عَلَى ما حققته مِنْ مكاسب. وَالمذهلُ فِي الأمرِ أَنَّ الكتلَ والأحزاب السياسية العراقية أصبحت منذ بدءِ العد التنازلي للانتخاباتِ البرلمانية الَّتِي ستجري يوم غد السبت، فِي مواجهةِ أحد أكبر التحديات، والمتمثلة بانشقاقاتٍ بنيوية عَلَى يدِ قادةٍ وأعضاء بارزين فِيها؛ لذا فإنَّ الكتلَ الانتخابية الصغيرة المعول عَليها فِي التعبيرِ عملياً عَنْ متطلباتِ المرحلة القادمة، ليس مِنْ اليسرِ تحقيقها نتائج مؤثرة فِي الانتخاباتِ البرلمانية القادمة تتوافق مع رغباتِ الشعب العراقي الَّذِي أدرك خيبة الوجوه القديمة فِي إعادةِ إعمار البلاد وتأهيل بناها الارتكازية وتحديث قطاعاتها الإنتاجية وَالَّتِي تُعَدُّ البوابة الحقيقية للاستقرارِ الاجتماعي الَّذِي ينشده المواطن.

فِي أمانِ الله.