لا شك أن الحديث عن موضوع الكهرباء وإصلاحها في عموم العراق استثناء من إقليم كردستان ، صار موضوع ممل ومزعجوميؤوس منه! ، ألا أنه بنفس الوقت حديث يفرض نفسه على كل مواطن عراقي ويجبره على التفكير والتساؤل عن هذه الأزمة ومتى تجد الحل؟ . وفي الحقيقة تبين وبيقين تام لدى غالبية العراقيين أن الكهرباء كانت أحد الأهداف المهمة للمحتل الأمريكي لجعل الحياة أكثر صعوبة وتعقيد وبالتالي قتل الحياة في العراق! ، فقد تمتحويلها من أزمة خدمات يمكن حلها الى أزمة سياسية صعبة الحل، بعد أن وضعها برقبة الطبقة السياسية وأحزابها الحاكمة! . ومماجعل المشكلة أكثر تعقيدا هو أن المحتل الأمريكي منذ بدايات الاحتلال فتح الأبواب على مصارعها أمام استشراء الفساد في كل مفاصل الدولة ودوائرها ومنها وتحديدا وزارة الكهرباء وبالتالي صار حل أزمة الكهرباء مستحيلا! . وبعيدا عمن يتفق معي أو يختلف فأنا أرى بأن أمريكا لو كانت تريد حل أزمة الكهرباء لكانت قد عملت ذلك! . ولعدم وجود أرقام حقيقية ودقيقة عن حجم المبالغ التي صرفت من أجل تأسيس شبكة كهربائية جديدة أو حتى اصلاح الشبكة القديمة منذ تشكيل اول حكومة بعد الاحتلال ، وكلها ارقام تقريبية! ، فسأذكر ما جاء من تصريح للسيدة (سوزان السعد) عضوة لجنة النفط والطاقة النيابية بتاريخ 19/ تموز/2012 الى وكالة فرات نيوز الإخبارية قبل 13 عام !! عما صرف على اصلاح المنظومة الكهربائية حيث صرحت (( بأن مجموع المبالغ التي صرفت على قطاع الكهرباء في العراق تعادل عشرة أضعاف ميزانية البحرين وأكثر من ميزانية الكويت والأمارات مجتمعة!!، وذكرت قائلة ، بأن الحكومة صرفت أموال هائلة تكفي لشراء أصول شركة جنرال الكتريك الأمريكية نفسها!! بكل فروعها وخطوطها الانتاجية ، وأن تلك المبالغ تكفي لتغطية بادية السماوة وهور العمارة بالكهرباء!! ، والمتبقي من تلك المبالغ! ، يكفي لشراء شركتي سيمنس الكترونيك وميتسوبيشي باور!! ، كم أن المبلغ الذي صرف على اصلاح المنظومة الكهربائية يكفي لشراء شقق تمليك مؤثثة لكل عائلة عراقية في ربوع الريفيرا أو على ضفاف لاس بالماس أو جزر سيشيل!! على حد قولها)) . أما الدكتور(عبد الأمير علاوي) وزير المالية السابق ، فقد نشرت صحيفة الغارديان البريطانية وشبكة ( أن ار تي) العربية مقالا له بتاريخ 3/9/2021 عن الكهرباء جاء فيه (( أن المبالغ التي صرفت على الكهرباء خلال 20 عاما كافية أن تغطي العراق والدول المجاورة بالكهرباء!!).والسؤال أين أمريكا من كل هذه المبالغ التي صرفت؟ وهل يعقل أنها لا تعلم بذلك؟ ، في الحقيقة لم يعد الجواب صعبا ، فأن ابسط مواطن عراقي يمكنه أن يجيب على ذلك! ، بأنه ما دامت كل تلك المبالغ التي صرفت والصحيح (سرقت)! تدخل في حسابات البنوك الأمريكية والبريطانية وباقي الدول العربية والاقليمية والغربية الصديقة والحليفة لأمريكا فليسرقوا ما شاءوا!! . ويبدوا أن ملف الكهرباء لم ولن ينتهي ويبقى مفتوحا الى المزيد من هدر الأموالوبلا أية نتيجة! ، حيث ذكر الاعلامي (حيدر الحمداني) في برنامجه ( المهمة) قبل أكثر من أسبوع (( أنه تم تأجير باخرتين تركية ،لتجهيز الشبكة الكهربائية لعموم العراق ب 250 ميكا واط لمدة 71 يوم فقط! ، وبمبلغ قدره 1678 مليون وستمائة وثمانية وسبعون الف دولار!! ، وأضاف موضحا أن العراق يحتاج الى 55 ألف ميكاواط!! ، والمتوفر الآن هو 25 ألف ميكا واط ، أي أن العراق يحتاج الى 30 ألف ميكا واط لتغطية عموم العراق بالشبكة الكهربائية! ، فماذا ستشكل ال 250 ميكا واط التي ستجهزها الباخرتين التركيةولمدة 71 يوم وبهذا المبلغ الضخم وغير المعقول أمام ما تحتاجه عموم الشبكة العراقية على حد قوله؟ ، بالإمكان مشاهدة الحلقة كاملة من خلال اليوتيوب)) . أرى وقد يتفق معي الكثير من العراقيين بأنه وبعد مرور أكثر من 22 عاما على الاحتلال ثبت وبما لا يقبل الشك بان أمريكا التي غزت العراق أرادت له ، أن يكون بهذه الحال من الفوضى والضياع والتشرذم والانقسام الداخلي ، وأن يعيش في أزمات دائمة ومستمرة ولازالت تبارك وتشجع على ذلك من طرف خفي! ، المهم أن لا تتهدد مصالحها ولا قواعدها العسكرية ، وبالتالي ستبقى الكهرباء ستبقى بلا حل! ، ويبقى ملفها مفتوحا الى المزيد من هدر الأموال الى أمد غير معلوم! ، ولله الأمر من قبل ومن بعد.