23 ديسمبر، 2024 9:33 ص

أمريكا وتداعيات معركة الموصل …؟      

أمريكا وتداعيات معركة الموصل …؟      

قلنا أن معركة الموصل ليست معركة تقليدية عابرة ،كبقية المعارك التي خاضتها امريكا في العراق، ضد تنظيم الدولة الاسلامية داعش،وذلك لاسباب عديدة ،تحتم علينا التوقف عندها ودراستها بعمق،والتنبه لمخاطرها المستقبلية على مستقبل العراق خاصة والمنطقة عموما،وأولى هذه الاسباب واهمها الاستحضارات العسكرية الهائلة ،والتحالفات الدولية الكبيرة مع الدول العظمى في خوض المعركة،بوصفها معركة تاريخية فاصلة بين عصرين،عصر سيطرة تنظيم داعش على المدن العراقية والسورية،وعصر ما بعد  القضاء على تنظيم داعش ،لهذا لابد من كشف الاستراتيجية الامريكية، التي تستخدمها امريكا، واهدافها في مرحلة ما بعد تحرير واستعادة الموصل ،وتداعياتها وتأثيرها على خارطة المنطقة كلها،ودور دول المنطقة وخاصة العربية منها ،في مواجهة المخطط الامريكي وافشاله ،فالسيناريو والمخطط الامريكي يبدو واضحا الان ،في كل من سوريا والعراق، أن الهيمنة والسيطرة الامريكية على المنطقة،وتطبيق مشروعها العسكري في اقامة شرق اوسط كبير،يضمن المصالح الاستراتيجية بعيدة المدى لامريكا واسرائيل،هو الهدف الاول لها،وتأتي المصالح الروسية والايرانية والفرنسية والبريطانية والتركية،في المقام الثاني ،لذلك هي تعمد الى أن تكون هي رأس الحربة في قيادة التحالفات الدولية ضد ما تسميه ب(الارهاب العالمي)، 
الذي تصنعه وترعاه وينقلب عليها ،ففي العراق ،الجميع يعلم والوثائق والادلة تثبت ان ادارة اوباما هي من يدعم الارهاب والتطرف في المنطقة ،وهو من نشر القومية العنصرية والطائفية في العراق وسوريا،عندما سمح لظهور ميليشيات ايرانية تحارب داعش في سوريا والعراق ، في مواجهة تنظيمات الاسلامية متطرفة كداعش والنصرة واحرار الشام والجيش الحروفتح الشام والجيش الاسلامي والنقشبندية (كما تصنفهم هي على مزاجها)، وهكذا كانت الحرب الاهلية الطائفية ،وتحولت من مواجهة النظام السوري والنظام في العراق،الى احتراب طائفي اهلي بين(السنة والشيعة )، واستطاعت ان تحول الصراع الى صراع طائفي بحت في كل من العراق وسوريا،والرابح الاكبر من كل هذه الحروب هي ايران ،حتى وصلت الامور الى ما نراها الان ،اليوم ونحن نرى العالم كله يتحشد في معركة الموصل،فلا بد من قراءة المشهد وتداعياته وانعكاسه على خارطة المنطقة، فجميع المنظمات الدولية وتقارير الامم المتحدة تشير الى نزوح مليون عراقي من الموصل ،وهذه كارثة حقيقية تواجه اهل الموصل وما ينتظرهم من مآس وكوارث النزوح،بعد ان دمرت امريكا وتحالفها الدولي البنية التحتية كلها في الموصل بحجة ان داعش استخدمها كمقرات له وكمعامل ومصانع للتفخيخ وصنع العبوات والسلاح الكيماوي، وقلنا امرنا لله  ورضينا على مضض، ولكن ان تقوم امريكا بتدمير البنية التحتية، وتهجيير مليون نازح في العراق، دون ادنى مستلزمات النزوح، وعجز حكومة العبادي ومنظمات الامم المتحدة والمجتمع الدولي المدني عن تهيئة تلك المستلزمات ، يضع المدينة واهلها في مهب الريح ،في مواجهة الموت والتشريد، وتحطيم البشر نفسيا وماديا وقتلهم قتلا رحيما ،وتتركهم يلقون مصيرهم صاغرين ، ان معركة الموصل بكل ثقلها العسكري الذي تقوده امريكا ،يؤشر بلا  لايدع مجالا للشك ،الريبة والخوف والشك لدى العراقييين من مرحلة ماعد داعش، لانها تؤسس لحروب طائفية واهلية ومذهبية طويلة ، 
وما نشاهده الان من تصريحات مخيفة لاطماع ،من جهات عراقية واقليمية ودولية تريد تقسيم وقضم وضم واستحداث محافظات طائفية وعرقية وقومية لاجندات خاصة،تؤكد هذا التخوف والاستنتاج الاكيد لهذه الحروب الاهلية الغير مبررة اصلا،انها السيناريو الامريكي،اذا بقي على حاله دون حسم امريكي يقطع الالسن التي تريد الشر بالموصل واهلها ،فهي كمن يضع الزيت والبنزين على النار،مع ضمان كامل لحقوق وأمن واستقرارما يسمى بالاقليات (أنا لااسميها اقليات فلا توجد اقلية في العراق يوجد عراقيون في العراق)،نعم الموصل في خطرما بعد داعش وما قبلها ، لان الاطماع كبيرة ،والجهات متعددة ، ان اهل الموصل من بقي منهم ومن نزح وهاجر هم من سيقرر مستقبلها ومصيرها ،كما قرر اجدادهم سابقا،ولسنا متخوفين من تقرير مصير اية قرية او بلدة في الموصل،فألها لهم الحرية بما يقررون،ولكن بإشراف العالم كله ،وحسب الاتفاقيات الدولية التي تخضع لرأي وقرار الشعوب،وليس للاهواء والامزجة والمصالح والمشاريع الدولية والحزبية والفئوية،كما نرى اليوم في قضية الموصل، وما قرره مجلس النواب هو يمثل رأي الشعب كله،وليس رأي جهة او حزب ،لان مجلس النواب قراره ملزما ويمثل صوت الشعب العراقي رغم تحفظنا عليه ،عليه نرى ان معركة الموصل ،اخذت ابعادا دولية، وهذا يضع على الدول العظمى المشاركة في معركة الموصل لطرد داعش،مسئولية اخلاقية وقانونية ودولية،على الحفاظ على الموصل واهلها وبنيتها وحدودها ضمن الحدود القانونية الشرعية لتقرير مصير الشعوب، وان لا تتركها ضحية ،تمزقها المصالح الحزبية الضيقة ،والمشاريع الاقليمية والدولية ، وهذا يحتم على امريكا اولا ،أن تقول كلمتها صريحة بوجه هؤلاءبعد هزيمة تنظيم داعش في معركتها المرتقبة معه ، وقد المح السفير الامريكي الجديد في بغداد ،ان امريكا لاتسمح بتقسيم الموصل ، وهذه اشارة مريحة لاهل الموصل ورسالة اطمئنان لهم ،في جو ضبابي وسباق محموم، يؤكد تخبط مروجي التقسيم على اسس طائفية وقومية ،وقصر نظر سياسي،وتنفيذ مصالح نفعية شخصية وحزبية ودعاية انتخابية واضحة،لا يدركون خطورته المستقبلية على النسيج الاجتماعي الموصلي عموما ، ان معركة الموصل تقودها امريكا بكل تفاصيلها،نعتقد انها ستكون صعبة وسريعة ،لان التحشيد الدولي كبيرا، وان عصابات داعش منهارة الان في المدينة، في مقابل ذلك كله وهو(ثيمة الهزيمة الاكيدة له)،ان اهل الموصل ذاقوا ذرعا بهم ولفظتهم ،وستنتفض عليهن بثورة وتهزمهم قبل وصول القوات العسكرية،وهذا مقود هزيمة داعش،فلا احد يستطيع هزيمتها مهما امتلك من جيش وسلاح وطائرات وصواريخ،الا اهل الموصل انفسهم،لخبرتهم الطويلة في القتال ،ورفضهم لداعش واجرامها،وهو السر الوحيد الذي ادركته امريكا وانتبهت له ، وهو ما ستدعمه في معركتها الحاسمة التي اعلنت عنها بانها ستكون مفاجئة لتنظيم داعش في الموصل ، اذن ملامح النصر ودحر داعش ليس امريكيا وانما عراقيا وموصليا تحديدا،فلا هزيمة لداعش الا على يد اهل الموصل ،وسيكون لاهل الموصل بثورتهم وهزيمتهم لداعش (فضل) على العالم والعراق والمنطقة كلها ، وهذا ما يؤكد ويدحض نظرية اللقطاء وانغولة ايران ،ان الموصل حاضنة لداعش كما كان يروج لهذا نوري المالكي وعصابته وكلابه في الموصل ،وما هروبه بأوامر ايرانية للانسحاب من الموصل وهروب جيشه وقادته الا مؤامرة على اهل الموصل كما اعترف نوري المالكي بنفسه في مكالمته الهاتفية مع قادته(انسحبوا واتركوا اهل الموصل تحت رحة داعش)، ان امريكا عليها التزامات دولية في الموصل ،كما لها مصالح استراتيجية طويلة الامد في الموصل ، قواعد عسكرية،وتواجد جيوش ومستشارون  ومعسكرات ودوائر اتصالات دولية حساسة للتجسس على دول المنطقة وحضور سياسي وعسكري مؤثر،كل هذا يترتب عليها ،ان تجعل من تواجدها عاملا مساعدا، لمنع تقسيمها واعادة اعمارها،
واعادة نازحيها وابعاد خطر داعش عنها ،فالموصل تعد رأس العراق وتاريخه وحضارته الاولى، وموقعها الجغرافي يؤهلها ان تكون في اولويات الاهداف الاستراتيجية الامريكية على مر العصور ،وتحقق هذا الحلم أخيرا في غزوها للعراق واحتلاله، فالنوايا والاهداف الامريكية ،لم تكن غائبة عنا كعراقيين ،ولكن القوة العسكرية الغاشمة والعدوان  الوحشي ،هو الاداة القذرة التي تستخدمها امريكا في قهر الشعوب، وتدمير بلدانهم لتحقيق غايات واهداف ومصالح حقيرة على حساب دماء الشعوب المضطهدة المقهورة،وهذا ما فعلته وتفعله امريكا في العراق وسوريا والمنطقة بأكملها ،وما تفعله اليوم في معركة الموصل، احدى تداعيات غزوها واحتلالها للعراق