23 ديسمبر، 2024 2:54 م

أمريكا والحشد ومعركة الانبار

أمريكا والحشد ومعركة الانبار

منذ ان سيطرتنظيم الدولة الاسلامية –داعش-على محافظة الانبار ،والاستعدادات العسكرية لاستعادتها تتواصل عراقيا وامريكيا وايرانيا ،على وقع تصريحات نارية وتهديدات طائفية لمحو مدينة الفلوجة من الوجودواحالتها الى تراب لانها-رأس الافعى- او لاقتحام المحافظة خلال ثلاثة ايام اووتحريرها خلال اسبوع وهكذا سمعنا كما هائلا من التصريحات التي ترعد وتزبد وهي عبارة عن جعجعة بلا طحين كما يقال ،اليوم دخلت سيطرة تنظيم داعش على المحافظة شهره الثاني ،دون ان نرى اي من التصريحات تتحق على ارض الواقع،فكانت كلها زوبعة في فنجان،على عكس ما يقوم به التنظيم من احراز تقدم على الارض ومسك المحافظة عسكريا بشكل محكم ،حيث سير طائرات استطلاع بلا طيار ،واعاد الوضع الطبيعي داخل المدينة ،ووقام بتطبيق احكام الشريعة الاسلامية على ابناء المدينة من منع السكائر واطلاق اللحى ولبس النقاب وعودة فتح بعض الدوائر وحركة السوق تسيطر عليه الحسبة وهكذا تماما كما هو الحال في الموصل،مع فتح باب البيعة وتدريب المبايعين ،واصدار عفو عن-المرتدين –من الجيش والشرطة والصحوات،في حين تتوافد أعداد المقاتلين من شتى بقاع الارض للقتال والدفاع عن المحافظة من الهجوم المزعوم للحشد والحكومة ،وهذا كله موثق ومعروف لدى حكومة العبادي وادارة اوباما،وتصريحات قادة الحشد الشعبي ومعلوم لديهم كل ما قامت به داعش ،وحتى خططها العسكرية في تحصين دفاعاتها العسكرية وجبهتها الداخلية،في الدفاع والحفاظ عن المدينة كشفها الاعلام الامريكي وغيره،اذا ما بقي من قيمة للتصريحات والتهديدات والتحشيدات المليونية والهجمات الاستباقية لوزارة الدفاع وللحشد الشعبي ،غير الهمبلات التي يطلقها هادي العامري وابو مهدي المهندس ونوري سبايكر ولملوم الحشد في ضرب الفلوجة بالنووي والكيمياوي وتسويتها ترابا ،واختراق الانبار من عدة محاوروتحريرها بساعات ، وهلم جرا من الخريط العنجوري لقادة الدمج العسكري ،ضاربين عرض الحائط الخبرات العسكرية لضباط الجيش الحالي والسابق وعدم الاستفادة منها –اليوم قدم احد قادة الجيش استقالته بسبب تهميشه ومحاربته وتقييده من قبل قادة الحشد الشعبي ،حيث لايسمحون لاحد من القادة العسكريين بقيادة المعركة او التخطيط لها ،بل يمارسون ضدهم شتى انواع الاهانات والاقصاء والتحقير ،بكل تاكيد لاتوجد خطة عسكرية متكاملة حقيقية لتحرير الانبار من سيطرة داعش ،سواء اكان لدى قادة الحشد الشعبي او وزارة الدفاع والقيادة العامة للقوات المسلحة ،او حتى للبنتاغون وادارة اوباما ،كيف ،ولماذا ،والدليل ان الانبار تدخل شهرها الثاني تحت سيطرة داعش دون ان يستطيع الجيش او الحشد من التقدم نحوها ولو عدة اشبار على العكس ما زلت ناحية الكرمة وضواحيها عصية على الحشد والجيش،ثم ان المستشارين الامريكان والايرانيين وفي مقدمتهم قاسم سليماني المتواجد في الخطوط الامامية في الانبار ،لم يفصحوا عن اية خطة يعملون بموجبها ،سوى التصريحات ،ثم ان مهمة المستشارين الامريكان ال(1000)
في قاعدة عين الاسد والحبانية ليست تحرير الانبار او وضع الخطط لها نوانما لها اهداف اخرى لاتفصح عنها ادارة اوباما،والا كانت الانبار لاتصمد كما هي الموصل الا ساعات ويتم تحريرهما على يد الجيش والطيران الامريكي وخطط المستشارين الالف،لذا فمعركة الانبار بالنسبة للحشد الشعبي ولايران تحديدا هي معركة وجود ،ازاء خطاب ابو بكر البغدادي زعيم التنظيم عندما قال با الهدف الثاني هو بغداد وكربلاء،وهذ الامر يشكل تحديا كبيرا لايران التي ارسلت قادة الحرس الثوري بقيادة قاسم سليماني لادارة معركة الانبار،وقد قتل احد ابرز قادة الحرس قبل ايام في الانبار،ثم ان الحشد الشعبي يتسلح، ويأتمر باوامر ايرانية مباشرةمن ولي الفقيه، مع تسليح ايراني حديث لكافة انواع الاسلحة والصواريخ والمعدات وصواريخ كراد وراجمات من احدث ما تنتجه المصانع الايرانية ،باختصار ايران تعتبر معركة الانبار معركتها هي ،وليست معركة العبادي وحكومته،لذا فهي تحضر لها تحضيرا عسكريا هائلا،وقد افصحت بعض التصريحات عنه مثل تصريح نوري سبايكر عندما طالب بمحو الفلوجة وجعلها ترابااو تصريح ابو مهدي المهندس واصفا ان الفلوجة رأس الافعى ،او تصريحات هادي العامري ووزير الداخلية محمد الغبان باقتحام الانبار من جهة الفلوجة ومن عدة محاور بعد قصفها بصاريخ كراد وراجمات الصواريخ لاحالتها الى تراب ومن ثم اقتحامها وتدميرها مع الانبار لانها كما يزعمون مفتاح تحرير الانبار،فماذا سيبقى لكم من الانباربعد هذا –التحرير-التدمير يا اهل الانبار والفلوجة،هذا هو المخطط الايراني لتدمير المدن العراقية الرافضة للوجود الايراني وميليشياته ونفس الحال ستكون الموصل في المرحلة التالية ،والحجة جاهزة هي القضاء على داعش ،وهذا تتحدث به الصحف العالمية وغيرها،اما الاستيراتيجية الامريكيةفي الانبار ونينوى فتختلف باختلال الاهداف والمصالح،كيف سنوضح هنا جانبا منها،حيث تقوم على تقوية وتسليح العشائر السنية باستحداث الحرس الوطني(زيارة رئيس مجلس النواب نموذجا)،واجراء مصالحة وطنية شكلية لترميم العلاقة بين حكومة العبادي والقادة السنة في الحكومة حسب الاتفاق السياسي المبرم بينهما قبل تكليف العبادي بالوزارة،وتنفيذ قنون العفو العام واعادة بعض النازحين الى ديارهم في تكريت وديالى والانبار،بمعنى ،اعطاء دور لسنة في قيادة العراق ودمج من كان يعارض حكومة المالكي في الحكومة والمؤسسات العسكرية والامنية ،اي التوازن الاجتماعي والوظيفي في المناصب الحكومية،كي لايشعروا السنة بالاقصاء والتهميش والمظلومية  كما يزعمون،باختصار امريكا تريد فرض هذا على التحالف الوطني ارضاء للسنة ،كي تستطيع اعادة الموصل والانبار بالاعتماد على السنة والحشد الشعبي والوطني وغيره،ولا تريد ابقاء اية حاضنة لداعش في المحافظات السنية،لذلك هي تدعم كل الاطراف في وقت واحد ،بعدما كانت ترفض التعامل مع الحشد الشعبي وتعتبره ميليشيات خراجة عن القانون وغير دستورية ،فاقترحت على العبادي ان تجعله يتبع لاوامر القائد العام للقوات المسلحة ولو-شكليا- حتى يتسنى لها التعامل معه امام العالم ،وهكذا تم الاتفاق مع قادة الحشد وايران ،علما بان قادة الحشد ينتقدون ويهينون العبادي وجيشه وقادته وخططه العسكرية ويصفونها بالفاشلة وكلمات السخرية ،-اين وزير الدفاع الان لاصوت له-سوى صوت الحشد وقادته من دمج وملالي بزي عسكري ورتب عسكرية كبيرة ،اذن الاستيراتيجية الامريكية الجديدة تنهج نهجا توافقيا ،وتعمل من خلاله لاسترضاء الاطراف كلها في وقت واحد،حتى ان قرار مجلس الشيوخ الامريكي برفضه تسليح العشائر والبشمركة ،الا عن طريق حكومة العبادي،ما هو الا استرضاء للاطراف الطائفية في التحالف الوطني وتحديدا المالكي ودولة القانون،لذا نقول ان معركة الانبار والموصل لايمكن لها ان تنجح بمعزل عن الاستيراتيجية الامريكية وزج الحشد الشعبي فيها ،بل واعطائه الدور الاكبر في المعركة –حسب الاستراتيجية الامريكية نتحدث،اما اذا بقيت المعركة من اختصاص الحشد والجيش وطيرانه ،فانها ستكون معركة الارض المحروقة وهذا ما لاتريده امريكا في العراق ،بل وتحذر منه حكومة العبادي وايران،وما زيارة العبادي الاخيرة ليوم واحد الى طهران الا لغرض تبليغ الاوامر الامريكية لايران لتغيير استراتيجيتها التدميرية للمدن العراقية وضغطها على الحشد الشعبي للالتزام بذلك ،معركة الانبار وبعدها الموصل بحشد شعبي وجيش وطيران امريكي مكثف وحرس وطني وشرطة عراقية وبشمركة ،هذا هو النهج العسكري لادارة اوباما في ادارة الملف العراقي وتفعيل دور السنة في العراق…….