22 نوفمبر، 2024 4:33 م
Search
Close this search box.

أمريكا ضد العرب شيلوا سفارتها؟

أمريكا ضد العرب شيلوا سفارتها؟

لربما يتذكر جيل الخمسينات والستينات هتاف ( أمريكا ضد العرب شيلوا سفارتها)،الذي طالما كنا نردده ونسمعه في المظاهرات التي كانت تخرج نهاية ستينات وبداية سبعينات القرن الماضي ، أيام كان المد العروبي في قمة سطوعه وتألقه وبركان القومية في أوج ثورته0 فرغم أننا كنا في بداية مراهقتنا السياسية والفكرية، مثلما كنا في بداية مراهقتنا الأنسانية والأجتماعية والجسدية، نتقلب ذات اليمين وذات الشمال!، ألا أنني ومعي الكثيرين من أبناء جيلي لا ندري لماذا كنا نكره أمريكا ونحب الأتحاد السوفيتي السابق؟!، رغم أن ذلك الحب للسوفيت وكره أمريكا لم يكن مسيسا ونتيجة لأيديولوجية فكرية وسياسية تحاول الحكومة (البعثية) وهي في بداية أستلامها للسلطة بالعراق ترسيخها في أذهان وعقول الجماهير!0 وبعد أن بدأنا نكبر وننضج وتكبر وتنضج أجسادنا وعقولا سوية مع أفكارنا، وبدأ وعينا يزداد حول ما يدور حولنا وبالعالم من أحداث كثيرة وكبيرة ، بدأت أفهم لماذا نحن نكره أمريكا حتى بالفطرة!، ولماذا تستحق فعلا أن ( نشيل) سفارتها!، لأنني أكتشفت فعلا انها دولة حقيرة!، لا تحب الخير للشعوب وتحديدا للشعوب العربية بقدر حبها لمصالحها، كما عرفت كم الأمريكان كذابين وأنهم يعملون عكس ما يدعون ويقولون، فلا أمان لهم ولا ثقة بهم، وعفوا أن قلت أن من يثق بالأمريكان فهو حقا غشيم وغبي!، فهم بحق عنوان الشر والمصائب في هذه الدنيا 0 ومع تقادم الزمن أدركت وأيقنت تماما بأن ما من مصيبة ومشكلة وفتنة تقع في أية بقعة في الكرة الأرضية مهما كانت بعيدة أم قريبة ، ومهما كانت المشكلة كبيرة أو صغيرة ، ألا وتجد بصمات الأمريكان الخبيثة عليها!، كما ترسخ عندي وأدركت أيضا وبيقين تام بأن أمريكا تعني الباطل، وأن أية دولة تحاربها هي على حق!0 فكان من الطبيعي أن نعشق (جيفارا) البطل الأسطوري للثورة الكوبية، ونتأثر بشخصية الزعيم الكوبي فيديل كاسترو، حتى أصبح هو وزميله ( جيفارا) ملهمين لأفكارنا وثوريتنا البريئة!، وكم كان كبيرا ومهابا ومحترما في نظرنا الجنرال الفيتنامي (نغوين فان جياب)، وكم كنا نجل قدره لأنه أذاق الأمريكان مر الهزائم في الحرب الفيتنامية!، وكم بكينا على الرئيس اليساري الوطني الشيلي (سلفادور أليندي)، الذي قتل في الأنقلاب العسكري الذي كان مدعوما من قبل الأمريكان في سبعينات القرن الماضي!، وكان لا بد لنا أن نعشق الزعيم الراحل عبد الكريم قاسم ونترحم على ذكراه، لأنه تحدى الأمريكان والأنكليز الخبثاء حيث ضرب وأضر بمصالحهم بالعراق، عندما نجح بالقيام بثورة تموز عام 1958 وأسس الجمهورية العراقية، وسنظل نتذكره لوطنيته الصادقة وحبه للعراق وشعبه والتي راح ضحيتها بأنقلاب مدبر ومدعوم من قبل الأمريكان!0 وهكذا مالت كفتنا وصفقنا من حيث ندري ولا ندري لكل من تحدى الأمريكان بصدق وحقيقة وحاربهم دون كذب وأدعاء!0 كان المرحوم نوري باشا رائد التاريخ السياسي الحديث للعراق يقول ( (أذا رأيت عصفوين يتعاركون فأعرف أن الأنكليز وراء ذلك!)، دلالة على خبث الأنكليز وتدخلهم في شؤون دول العالم آنذاك0ويمكننا القول الآن، وبعد أن فرضت أمريكا سيطرتها على العالم منذ بداية تسعينات القرن الماضي، (أذا رأيت سمكتين تتعاركان في المحيط فأعرف أن الخبث الأمريكي وراء ذلك!)0 أعود للقول، أذا من حقنا أن نكره أمريكا، بعد كل ذلك ونطالب يأن (يشيلوا سفارتها)!، لأنها أس المصائب والبلاء والمشاكل والفتن والقلاقل في العالم0 وأذا كان العرب عربا حقا، وبأنهم فعلا أمتداد لرجالات رسالة الحق والعدل الألهي والمحمدي، فعليهم أن يكرهوا أمريكا، ليس لأنها تمثل الباطل فحسب، بل لآنها وقفت مع اليهود ضد العرب، فهي من خلقت وأنشأت ودعمت وحمت وقوت وزرعت أسرائيل في قلب المنطقة العربية لتدمير العرب ولتثير الفتن والأنشقاقات والمشاكل بينهم!، ولأنها هي وحليفتها التاريخية بريطانيا هم من رعوا وخططوا لمؤامرة أغتصاب فلسطين من الحضن العربي من قبل أسرائيل! ، فحقا يجب أن (نشيل) سفارة أمريكا لأنها عنوان للشر والباطل والدمار ونهب ثروات وخيرات الشعوب وفعلا أنها الشيطان الأكبر0ولكن آه كم كانت خيبتنا كبيرة ، فبعد قرابة نصف قرن على ترديد هتاف (أمريكا ضد العرب شيلوا سفارتها)، والذي كنا نناضل ونحلم ونتمنى أن لا نرى للأمريكان وجود في منطقتنا العربية ، وأذا بذلك الحلم الثوري التاريخي الجميل يتحول الى كابوس خانق ومدمر عندما أجهض الأمريكان على كل أحلامنا، بعد أن أستحلوا بلدنا لا، بل بنوا فيه أكبر سفارة في العالم!، وهي رسالة واضحة للعالم أجمع، وللعرب وللعراقيين تحديدا، بأننا أحتلينا العراق، لنبقى الى أبد الأبدين الى يوم تقوم الساعة!، وكانت تلك أكبر الخيبات العربية، لأن الأحتلال الأمريكي للعراق في الحقيقة، هو كسر للعرب وأذلال لهم جميعا، وكسر لشوكتهم وبقايا هيبتهم!، لأن العراق كان يمثل جمجمة العرب منذ فجر التاريخ! فلا قيمة ولا كرامة ولا هيبة لوجود العرب بعد أحتلال العراق!0 ولا بد هنا أن نذكر بأن الكثير من الزعماء والملوك العرب شعروا بالندم لأنهم خانوا العراق وتآمروا عليه بعد أن أفتقدوا لضياء بدره بالأيام المضلمة التي مرت وتمر وستمر عليهم، بعد ان صاروا( مكفخة)!، وعرضة للتهديد من هذه الدولة وتلك، ولكن لات ساعة مندم!0 وبدل أن نحقق حلمنا بأن (نشيل)، سفارة أمريكا من كل البلدان العربية ، فقد نجحت أمريكا بأبقاء سفاراتها لدى الدول العربية، واقامة قواعد عسكرية كبيرة أيضا، أضافة لذلك!0ولم ينتهي أمر أنكسارنا وخيبتنا الى حد أمريكا، بل كانت صدمتنا الفكرية والنضالية أكبر عندما أصبحت أسرائيل صديقة مخلصة للعرب!، تتسابق الزعامات العربية صاغرة، على تقبيل أيادي الأسرائيليين وألانحناء لهم من أجل تطبيع وأقامة العلاقات معهم، لا نقول شيء سوى أنه حقا زمن العار العربي!0 فعذرا يأ أجيالنا، أن خنا أمانة النضال الوطني فقد خاب حلمنا بأن نمنع أقامة سفارة للأمريكان في العراق!، وأن (نشيل) سفارتها من كل الدول العربية كما كنا نهتف!، ليس بسبب الشعوب لا وأف لا ولكن تارة بسبب خيانة بعض الحكام العرب وتارة بسبب حماقة وتهور البعض الآخر!، ونعتذر لكم أيضا يا أجيالنا بأننا لم نكن بحجم تصريحاتنا ضد أسرائيل، وبأننا سوف نرميها في البحر كما وعدونا زعمائنا!، فقد أظهرت لنا الحقائق بأن كل تصريحات قادتنا العرب ضد أسرائيل هي فقاعة صابون وبأنهم وتصريحاتهم لا يعدون كونهم ظاهرة صوتية، وأن كل عنترياتهم لم تقتل ذبابة!0 وبالتالي صار من الصعب جدا علينا نحن بلد الهتاف!؟، أن (نشيل) سفارة أمريكا من وطننا المحتل من قبلها ومن قبل كل شياطين وقذارات الدنيا!، لأنها السفارة الأكبر بالعالم، يحيطها ويحرسها العسكر ومنظومة الصواريخ وفيها طاقم اكثر من 4000 آلاف موظف ومع وجود أسرائيلي واضح وغير معلن يعمل معها وفيها!0 سيرحل جيلنا وفي نفسه غصة الحلم بالتصدي للأمريكان وأفشال مخططاتهم، ورمي أسرائيل بالبحر وعودة الحق الفلسطيني لأصحابه!0 نعم لقد أورثنا لكم يا أجيالنا اللاحقة تركة فكرية ونضالية صعبة وثقيلة، لا ادري هل ستستطيعون النهوض بها وأكمال المسيرة؟، فأذا هزمنا نحن فكونوا أنتم الجيل الذي سيهزم هزيمتنا والله الموفق !0 المقال كتب بمناسبة ذكرى أنتكاسة حرب، 5/ حزيران/ 1967.

أحدث المقالات