22 نوفمبر، 2024 11:09 م
Search
Close this search box.

أمريكا بين الحليف والشريك ؟!!

أمريكا بين الحليف والشريك ؟!!

مثلت معركة تحرير الموصل محطة اختبار للجميع ، فهي ساحة حرب اشتركت فيها جميع القوى الإقليمية والدولية ، فضلاً عن القوى السياسية العراقية ، سواءً مع داعش أو المشاركة بالقوى الأمنية ، أو الحشد الشعبي أو العشائري أو حشد المكونات ، فالقوى المحلية برزت قواها من خلال هذا الحشد وكلاً بعدة وتعداد القوات المشارك بها ،  وقد مثلت معركة تحرير الموصل اختبار حقيقي لها في كيفية تحرير هذه المدينة التي يقطنها اكثر من اربع ملايين وخمسمائة نسمة ، من قوميات وإثنيات متعددة ، حيث الموقع الجغرافي المهم ، والخيرات الطبيعية التي تتميز بها المنطقة عموماً ، الامر الذي جعلها هدف داعش وإعلانها مركز دولتهم وخلافاتهم المزعومة . 
الجانب الإقليمي لعب دورا متميزاً ومهماً في حرب تحرير المدينة ، فإيران ما زالت تسعى الى المشاركة الفاعلة في التحرير ، سواءً من خلال الخبراء ، أو من خلال زُج قوات نظامية مع القوات الأمنية المشاركة في معركة تحرير الموصل ، خصوصاً مع وجود قوات التحالف الدولي التي تحاول تقويض النفوذ الإيراني ومنع اَي مشاركة له على الارض في حرب تحرير المدينة ، الى جانب التغيير اللافت في موازين القوى على الارض في سوريا ، وصعود كفة النظام السوري ، وزيادة الضغط على المعارضة المسلحة ، الامر الذي يجعل خارطة الأحداث تتغير تبعاً لتغير اللاعبين الاساسيين ، ومدى قوة هؤلاء اللاعبين والتحكم في سير اللعبة . 
التوازنات السياسية هي الاخرى انعكست في حرب تحرير الموصل ، كما انها انعكس بالإجمال على الواقع السياسي العراقي الجديد في حال نجاحها ، لانها ستكون العامل الأساسي في التاسيس لتوازن جديد في المنطقة عموماً ، والعراق خصوصاً ، لهذا فان تواجد اكثر من ٨٠ الف مقاتل يمثلون جميع القوميات والمذاهب ، والأطياف السياسية ، ما هو الا تمثيل لحالة التوازن السياسي ، وبالتالي تغيير الخارطة على الارض ، خصوصاً بعد هروب اكثر من ٧٠٠٠ آلاف داعشي الى الرقة ، الامر الذي يمثل صعود في كفة داعش هناك ، وبدأ مرحلة جديدة في المباحثات الجارية ، ويمثل ضغط حقيقي على النظام السوري من جهة ، والروس من جهة اخرى ، وضرورة إيجاد ضروف ملائمة للبدء بمباحثات سريعة ، وان لا تفقد زمام المبادرة على والسيطرة على الارض ، كما ان الأميركان في ظل هذه الظروف لا يملكون الجدية في حرب داعش ، لأنهم يسعون لإيجاد هذا التوازن ، وضرورة اعادة الأوضاع الى ما قبل التدخل الروسي ، الذي غير خارطة التحرك السياسي في المنطقة عموماً . 
الأتراك من جهتهم يعتقدون انهم يجب ان يكونوا جزء من عملية التحرير ، وذلك لقناعتهم  ان السنة العرب في العراق يتعرضون الى الإبادة الجماعية ، وان هذه الحرب ما هي الا انتقام من السنة ، وان اردوغان فجأة اصبح المدافع عن حقوق السنة العرب في العراق ، لهذا نجد الموقف التركي متشنجاً ، ومثيراً للانقسام ، محاولة منها في اعادة هيبتها ، وتحاول ان تكون نداً للغرب وخصوصاً الروس في حرب المنطقة ، لهذا نجد الموقف الامريكي مهادناً أو غاض الطرف عن التدخل التركي في العراق ، والضغط لإيجاد دور لها في معركة الموصل ، فالامريكان لا يمكنهم التفريط بحليف ستراتيجي على حساب شريك ضعيف ، لايمتلك الإرادة في حرب تكون الغلبة للقوي فيها ، لهذا نجد لا موقف رسمي للامريكان من التدخل التركي في العراق ، أو دورهم في الموصل ، وهذا ما يؤكد نظرية ان الأمريكان مع الطرف الاقوى ، وهنا لابد للطرف العراقي ان يسعى الى الاعتماد على نفسه في قتال داعش ، وان يكون له موقف قوي ومعلن من اَي قوة اجنبية تسئ الى السيادة العراقية ، خصوصاً وان الحشد الشعبي يمثل القوة على الارض ، وكان لها الدور الإيجابي في تحرير الاراضي من بطش داعش ، لهذا فان هذه القوى تمثل المصد والمانع ، ومصدر التهديد المباشر لأي تهديد أو تواجد تركي على الارض ، وان اَي محاولة للاتراك في تهديد وحدة العراق وأمنه ، فإنها ستواجه بقوة وصرامة ، وهذا ما أعلنه اغلب قيادات الحشد الشعبي الميدانية . 
يبقى الموقف على الارض ، والذي تتحكم به القوى المهيمنة على المشهد الأمني في العراق ، مع تراجع واضح لسلطة داعش ونفوذها على الارض ، اذ لوحظ الانكسار في قواتها ، وهروب اغلب قياداتها الى الرقة ، مما يجعل الأوضاع تسير نحو نهاية ملف التحرير بسرعة ، وغلق صفحة سوداوية في الموصل ، وطرد عصابات داعش من البلاد ، ولكن يبقى السؤال الخطير ، ماذا بعد داعش في الموصل ؟!!

أحدث المقالات