اليوم، نعيش أمركة لا عولمة، علينا جميعاً ان نلبس ثوبها مهما كان ضيقاً أو واسعاً، حتى إن بدَونا كالهيبيين. لا بأس، فهذه ضريبة لابد منها للدخول الى المعبد الامريكي.
أقرب نقطة في الأرض الأمريكية من جهة الشرق إلى العالم ينتصب فيها تمثال الحرية حاملاً مشعله القديم وكتاباً، يمثل هذا التمثال االعالم الحر، أو اللبرالية، أو الحلم الأمريكي.
حرية التعبير كفلها الدستور بقوة، ودعمها الرؤساء المتعاقبون، حتى تلك التي تهاجم ـ في بعض الأحيان ـ روح الفكرة الامريكية. باستطاعة المواطن أن يفعل ما يريد متى أراد، وعلى الجميع احترام ذلك. التسويق الأمريكي حاضر وبقوة عبر مليارات الدولارات التي تدفع لترويض وإفهام الاخرين بأهمية النظرة الأمريكية.
هذا هو سيل اللبرالية الأمريكي العارم، يدفعه إعلام خيالي ساحر، طوفان ينطلق بلا هوادة، ولا يصده حاجز.. إلا اسرائيل!
كل الافكار الامريكية عن اللبرالية تتحول الى هراء فيما يخص اسرائيل، تتحول قائدة العالم الحر في لحظات الى كائن همجي أبله، لايفهم معنى التعقل، ولاينصاع لنداء الفكر الحر واحترام الآخر.
قد لاتتحمل الولايات المتحدة جريرة الفيلم المسيء للرسول العظيم (ص) الذي قلب العالم رأساً على عقب، لكنها تتحمل ذنباً أخلاقياً لوقوفها متفرجة على ما يحدث. لم تنفع تبريرات هيلاري كلنتون لهذا الكسل المتعمد، فالقضية أكبر من نصوص قانونية، أو إيمان بمبدأ.
تخيّلوا معي أن فيلماً وثائقياً مدعوماً بالأدلة تحدّث عن مجازر الفلسطينيين، أو تفنيد أسطورة الأرض الموعودة، أو محاولة محايدة للتدقيق في محارق النازية، تخيلوا معي ماذا سيحدث. قبل كل شيء سيتعطل الفهم الحر الأمريكي، وستتبنى الولايات المتحدة الدفاع عن الحق الإسرائيلي ضد معادي السامية، وسينضم صاحب الفكرة الى قائمة المارقين، ولابد ان تنتهي حياته العملية ويطويه النسيان.
هيلين توماس، خدمت إعلامية في البيت الابيض ستة عقود، قدمت استقالتها في يوم 8 حزيران 2010 على إثر إدلائها بتصريح قالت فيه عن إسرائيل «هؤلاء الناس محتلون وعليهم ان يرجعوا الى ألمانيا أو بولندا.. أخبِرْهم أن يخرجوا من فلسطين». ولم تأتِ استقالتها طواعية، فقد عدّ البيت الأبيض تصريحاتها «عدائية وغير مسؤولة، وتستدعي التوبيخ» وطالبها بالاعتذار، فاعتذرت مرغمة!!