تنحو الأحداث في المنطقة ،الى منحىً خطير جداً، يشي بحرب طاحنة في عموم المنطقة،وجناحا هذا الصراع ،هما أمريكا وإسرائيل من جهة، وإيران من الجهة الأخرى،وكل منهما، يحمل مشروعه على كتفه ،ويصعد به نحو جلجلة الحرب،ومعروف المشروع الأمريكي – الإسرائيلي هما التطبيع وإقامة الشرق الاوسط الكبير،فيما يحمل المشروع الإيراني التوسعي الديني،بصمات إعادة استنساخ الامبراطورية الفارسية القومية- الدينية،وهذان المشروعان يتقاطعان كلياً،ويتصارعان من أجل التحقق والبقاء ،ولكن لنلقي نظرة وتحليل الواقع الراهن، وتتبع الأحداث ،لنعرف ماهي نهاية هذا المشروعان الخطيران، وإنعكاسهما ،على عموم منطقة الشرق الأوسط ،والعالم بشكل عام،فالأوضاع الساخنة في سوريا والعراق ولبنان واليمن ، لاتهدأ من التصعيد،والتعقيد،والتي تقف خلفها إيران وأذرعها وفصائلها وأحزابها،بمواجهة أمريكا وتحالفها الدولي،ويقف بينهما تنظيمات متطرفة كتنظيم أحرار الشام والنصرة في سوريا ، وداعش في العراق،ويحمل كلّ طرف أجندته الدينية المتشدّدة والتكفيرية، وتحاول أمريكا وإيران معاً، إستخدام ودعم هذه الأطراف المتشددة ،وأن تستخدمها ضد الطرف الآخر،في السلاح والمعلومات الإستخبارية واللوجستية،لإضعاف كل طرف، على حساب الآخر، والطرف الرابح هو التنظيم المتشدّد والتكفيري في التمدّد، كما حصل في العراق، وتم تسليم مدن الموصل وصلاح الدين والانبار لداعش،اليوم يأتي مؤتمر فيينا، حول إعادة الاتفاق النووي الايراني الى رشده أمريكياً،ويكاد يكون نجاح المؤتمر أو فشله ، القشّة التي ستقصم ظهر إيران،إذا ما فشلت المفاوضات الاخيرة، التي ستجري قريباً، بين أمريكا وأوروبا وإيران،فهل سيقرّر مؤتمر فيينا مصيرالعالم، نرى بكل تأكيد،أن نجاح أو فشل مؤتمر فيينا،سيكون الحد الفاصل بين عصرين ،عصر ماقبل المؤتمر وعصرمابعده،في ظل نفاد صبر أمريكا وأوروبا الإستراتيجي،حيال إصرار إيران على بلوغ حلمها التأريخي ،والحصول على القنبلة النووية، حتى لو دخلت الحرب ،وظلّ تهديدات أمريكية وإسرائيلية يومية ، بشنّ حرب لاهوادة على مفاعلات إيران النووية،وتدمير بنيتها النووية والبالستية وطائراتها المسيرة،والأمر الأكثر غرابة ، هو إنتهاء تحالف روسيا وإيران، بسبب الخلافات ،على الهيمنة على مواقع إستراتيجية في سوريا،وبقاء إيران وحدها بلا حليف ، يضع إحتمالية الهجوم عليها وارداً جداً،خاصة بعد زيارة رئيس الوزراء الاسرائيلي لموسكو، و(التفاهم) الروسي –الاسرائيلي بشأن الملف النووي الايراني،وهذا جاء على لسان بينيت رئيس وزراء إسرائيل نفسه،معرباً عن (إرتياحه) ونجاح الزيارة،التي تعطي لإسرائيل الضوء الأخضر، بمهاجمة مفاعلات إيران ،إذما فشلت مفاوضات مؤتمر فيينا،وقرأنا تصريحات إسرائيلية ،قبل يومين،عن إستعدادات اسرائيل وإنتهاء تدريباتها العسكرية وهي تنتظر أمر التنفيذ فقط،بخصوص ضرب وتدمير مفاعلات إيران،بالإتفاق مع أمريكا ودعمها ،مستغلّة ضعف إيران العسكري والدولي في المنطقة ،وهزيمتها مع أحزابها وميليشياتها في إنتخابات العراق، وتقييد أدائها في سوريا، بعد تفاهمات روسية –تركية هناك، وفشلها في حسم الحوثيين لمأرب عسكرياً،إضافة وهو الاهم،التصعيد العسكري على حدودها مع أذريبيجان ، وتهديد الرئيس الأذريبيجاني علييف،لإيران بدعم لامحدود من باكستان وتركيا وأفغانستان،والذي يقلق إيران هذا ،وتعدهّ تحدّياً مباشراً لأمنها القومي الستراتيجي،والدليل تصاعد الخلاف بينها وبين تركيا، التي أعلنت موقفها ودعمها ،عسكرياً ولوجستياً علانية لأذربيجان ،إلموقف الإيراني الضعيف،في العراق، ولبنان وأذريبيجان وأفغانستان وعلاقتها السيئة مع تركيا وباكستان ،وتخلي روسيا عنها ، وتجنّب الصين الدخول في حرب مع المجتمع الدولي ،لصالح إيران،جعل عزلة إيران أمراً واقعاً،وقبولها العودة للمفاوضات،نتيجة هذه العزلة والضغط الدولي عليها ،والحصار التأريخي الذي أنهكها إقتصادياً،،لإخضاعها للشروط الدولية في مؤتمرفيينا،إذن اليوم إيران أمامها طريقين ،لاثالث لهما،إماّ القبول بالشروط الامريكية الدولية،وإما الذهاب الى الحرب ،وهو الخيار الاول لإيران،المعروفة بعنادها وصلفها، وتضليلها للرأي العام، والظهور بالموقف المتشدّد وهي أوهن من بيت العنكبوت، والتسويّف في إطالة أمدّ التفاوض.
لكسب الوقت ، وتحقيق هدفها،إيران الآن بأضعف حالاتها، وتريد أن تظهر للعالم أنها هي الأقوى ، والأبقى على الثبات في المواقف المتشدّدة، حيال برنامجها النووي العسكري، الذي أصبح قاب قوسين وأدنى من التحقق،في وقت تحاول خلط الأوراق والتشويش على المؤتمر،بإفتعال أزمات هنا وهناك،كما يحصل في لبنان من تعطيل تنفيذ إجراءات القضاء، بخصوص جريمة مرفأ بيروت الدامي،ونزول حزب الله الى الشارع والصدام مع الشعب اللبناني، وضحايا الانفجار،وفي العراق، توجيه فصائلها لإفتعال –حرب طائفية- بسبب خسارة أحزابها وهزيمتها في الإنتخابات، الذي أفقد صواب إيران وأحزابها،وتأجيج البعد الطائفي هنا وهناك، وديالى مثال على ذلك،رغم أن داعش إستغل هذا، ونفّذ جريمته بحق مدنيين في قرى ديالى،ولكن تبقى يد ايران حاضرة ،في صبّ الزيت على النار،لإستغلال هكذا حوادث جانبية، يقوم بها داعش بعملياته العسكرية ،في نينوى وكركوك وصلاح الدين والانبار،يستغل فيها تخلخل وانهيار الاوضاع السياسية في بغداد،والصراع بين الاحزاب والاطراف الخاسرة،وبين تيار الصدري الفائز الاول في الانتخابات،والتي( قدْ) تصل الأمور بينهما، الى ما لايحمد عقباه،كما حذر السيد مقتدى الصدر،إذن الاوضاع جميعها في تصعيد، وإعلان حرب،في لبنان،في العراق، في اليمن، في سوريا، على الحدود مع إذربيجان،تقودها وتؤججها إيران لصالح مشروعها القومي –الديني وتصدر مشاكلها للخارج، لتخلط أوراق مؤتمر فيينا،، للضغط على مؤتمر فيينا،ووضع أمريكا وحلفاؤها وأوربا أمام الامر الواقع، وهو القبول بالشروط الإيرانية،وهذا لن يحدث أبداً ،ولكنه الدهّاء الإيراني والإصرار على مواجهة العالم الى النهاية،فنشر الفوضى وتخريب الملعب كما يقال أو الخضوع لشروطها، نعم مؤتمر فيينا هو مؤتمر اللحظة الآخيرة ،للطرفين الأمريكي والاوروبي من جهة ،والايراني من جهة اخرى،وبعدها سنكون أمام عالم جديد، مابعد مؤتمر فينا، فهل سيشهد العالم إيران بلا قنبلة نووية،أو إيران القنبلة النووية،هذا مايترقبه العالم كلّه،ويحبس أنفاسه ،أمام التعنّت الإيراني، في الخضوع للقرارات الدولية ،ومجلس الامن الدولي،خاصة بعد رفض إيران جميع القرارات الدولية ، ومجلس الطاقة النووية الدولية ، وطرد المنظمة من ايران وعدم السماح لها الاشراف ،وتفتيش مفاعلاتها الحساسة، ومواقعها البالغة الخطورة،وتهديد المنطقة، بصنع طائرات مسيرّة عالية الدقة ،تؤرق دول المنطقة، وتؤرق ادارة الرئيس جوبايدن واوروبا،عموماً،المنطقة بين خيارين أحلاهما مرّ، تضع المنطقة كلها على كفّ عفريت،هو الحرب التي بشّر بها هنري كيسنجر ،عرّاب السياسة الأمريكية،الحرب تدقّ طبولها في الخليج،ومن لم يسمع طبولها فهو أصم،هكذا تبدو المنطقة الآن ، في ظل تنمّر إيران وأذرعها وفصائلها وأحزابها،في عموم الشرق الاوسط،والذي أخذتْ تمثّل تهديداً مباشراً لأمن المنطقة،ومستقبلها،بالرغم من الخراب والدمار، الذي أحدثته بعد رحيل الاحتلال الامريكي من العراق،وغلق قواعده العسكرية في المنطقة.الحرب السيبرانية، حاضرة وبقوة الآن على إيران،ومستمرة من قبل إسرائيل بإشراف أمريكي مباشر،والأوضاع كلّها تغلي على مرجّل الحرب وطبوله، التي أخذت تدقّ وبقوّة،أكثر من أي وقتٍ مضى، خاصةً بعد الإنسحاب الأمريكي من العراق، وغلق قواعده في قطر والبحرين والعراق وغيرها،فهل يعيش العالم اللحظات الآخيرة قبل الحرب …؟