مايجري على الحدود العراقية – السورية،من إنتشار الجيوش الأمريكية وخاصة الفرقة الجبلية ، ودخول الأسطول الخامس في مياه الخليج العربي،وعودة طائرات الب52 وغيرها ،هو قطع الطريق ،وغلق الحدود بين العراق وسوريا ،ومنع الفصائل الولائية من التنقّل ،وهل يتوقف الأمر عند هذا ، بالتأكيد لا، فدخول قوات أمريكية الى داخل العراق وبأعداد هائلة ، أكثر من جيوش غزو العراق، أمر يثير الريبة والشك، ويجعل المراقبون في حيرة من أمرهم، لهذا يشاع في الشارع العراقي، والعربي، أن الإستحضارات الأمريكية ، ووراؤها سيناريو كبير جدا ، ليس في العراق، فحسب بل في عموم منطقة الشرق الأوسط، ولكن لايعلم أحد ماذا يدور في رأس البيت الابيض والبنتاغون ،من خطط وأفكار ونوايا للمنطقة، رغم تحفّظ المسؤولون الأمريكان في البنتاغون، وحتى السفيرة في بغداد ألينا رومانيسكي ،عن الإفصاح أو إلإشارة أو حتى التلّميح ، لماذا جاءت هذه الجيوش والطائرات، وإنتشرت في العراق وسوريا والخليج، هل لأمر جلّل، أم فقط لإعادة إنتشار عادية وتبديل قطعات، كما يشاع أمريكياً، ولدى حكومة السوداني وإطاره التنسيقي،في حين يرى العراقيون بأم أعينهم، تجول القطعات الأمريكية في مدن وبلدات عراقية، وإستلامها معابر العراق كلها مع سوريا، المعلنة منها والسريّة،إذن لابد من إعادة قراءة الواقع على الأرض والاوضاع السياسية والعسكرية ،في كل من العراق وسوريا ولبنان، حتى يكتمل مشهد تحشيد أمريكا العسكري في المنطقة ،وتحليل دوافعه ونواياه،فينحصر هذا التحشيد لغايات وأهداف عسكرية وسياسية ،هي (الضغط على روسيا وإضعافها عسكريا في سوريا، لتخفف روسيا الضغط على أوكرانيا في الحرب،وإجبار روسيا على مغادرة سوريا ،أو تقليل نفوذها وتحجيمه هناك، ثم الهدف الثاني هوإنهاء تواجد الفصائل الولائية الايرانية، في كل من العراق وسوريا،ونزع سلاحها هي وحزب الله اللبناني ،(قضية تهريب اسلحة أمريكية لحزب الله وفضيحة إنقلاب شاحنة الأسلحة في الكحالة اللبنانية)، ثم يأتي الهدف الأخطر على أمريكا والعالم ،من وجهة النظر الأمريكية وتبريراتها ،وهو (الإتفاق النووي الإيراني ومفاعلاته)، وضرورة التخلّص منه ،بالضغط والتلوّيح بالحرب ،إذا لم توقّع إيران وتذّعن للشروط الأمريكية ال(12)،هذا هو ملخص أسباب عودة القوات الامريكية الى المنطقة ، والعراق،أما تواجدها في العراق فله قصة أخرى، لايعرفها إلاّ العراقيون ، لما عانوه من ويلات بسبب غزو العراق ،وتدمير بنيته التحتية ،وتنصيب أحزاب طائفية ، وكتابة دستور على اسس المحاصصة الطائفية، التي أدخلته في حروب أهلية، لم يخرج منها الى الآن، وحكومات فاسدة وفاشلة ،أفقرت الشعب والدولة معاً، فلابد من إعادة الأوضاع الى نصابها ،وإنهاء المحاصصة الطائفية في الحكم وتعديل الدستور، وإبعاد الأحزاب الطائفية الفاشلة ،وحيتان الفساد عن السلطة والقرار،وإنهاء ظاهرة السلاح المنّفلت، الذي قوّض عمل الدولة، وحولها الى دولة فاشلة، تحكمها اللادولة ،ولكن ليس بالحرب والقتال ،كما غيرت النظام السابق ،ولكن بالقوة الناعمة، وفعس ودعس من لم يستجب للأوامر الامريكية،ويشمل هذا حكومة السوداني وإطاره التنسيقي، وعليه أن يستجيب ويخضع للسيناريو الأمريكي الجديد،وهو فرض النظام والقضاء على الفساد وتهريب الدولار ، وضبط إيقاع السلاح المنفلت ،الذي تدعمه وتقويه أحزاب السلطة لضمان بقائها،ودمج الحشد الشعبي بوصفه منظومة عسكرية قاتلت داعش وقدمت شهداء،وإخضاعه الى سيطرة وزارة الدفاع، والقائد العام للقوات المسلحة ،وليس لاية جهة أخرى خارجية ،وتنقيته من الفصائل، التي لاتأتمر بأوامر القائد العام ، وولاؤها ليس للعراق، كما تعلن هي بنفسها ،ولاتعترف ولا تنفذ أوامر القائد العام،فعودة إنتشار القوات الأمريكية في المنطقة ،ليس إنتشاراً عادياً لغرض الإنتشار كما يروّج البعض، وإنما هو عودة إستعمار المنطقة والتفرّد بها ، وإستثمار حرب روسيا بأوكرانيا، للهيمنة والنفوذ وتحقيق مشروع أمريكا،الشرق الأوسط الكبير، الذي قاب قوسين أو أدنى، من التحقّق، في ظروف وفوضى دولية مؤاتية الآن ،كالحرب الناعمة الغير معلنة ،مع الصين وروسيا ، ربما الفرصة التأريخية، التي لن تتكرّر في المستقبل..ولكن السؤال الذي يشغل بال الشارع العراقي ويقلقه، هو هل ستقاتل الفصائل الولائية في العراق وسوريا وتواجه القوات الامريكية المتواجدة في الاراضي العراقية والسورية، وتدخل في حرب مفتوحة طويلة الامد مع امريكا، وهل سيكون لايران قول وكلمة وموقف في الذي يجري على الحدود بعد قطع المعابر ومنع إيران من التواصل مع سوريا والعراق ولبنان وقطع امداداته هناك،وماهو موقف فصائل الداخل العراقي وهي ترى القوات الامريكية تتجول في شوارع العراق، هل ستنتفض ضدها ، بعد أن قرأنا تهديدات زعماء الفصائل المسلحة لأمريكا ،وخاصة حركة حزب الله العراقي والنجباء وسيد الشهداء، أعتقد ستقوم بعمليات محدود لإثبات وجودها ،وتنفيذ تهديداتها ضد السفارة والجيش الامريكي، وقواعدها في عين الأسد وحرير وغيرها، ولكن لن تستطيع مواجهة الجيش، الذي بدأ ينتشر ببطء وهدوء دون إستتفزاز الفصائل، في كل مدن الجنوب العراقي، وبتواجد بريطاني عسكري معه ،وإذا حصلت مواجهة مع أمريكا وبريطانيا في العراق ، فلن تستطيع الفصائل حسمها ،لأنها حرب غير متكافئة عسكرياً، وستتحوّل الى حرب شوارع وعصابات لا أكثر ، وهذا هو فعل القوة العسكرية المهيمنة ،على الشارع ومعركته ، أمريكا ماضية في مخططها الجهنمي في المنطقة ، ولا تستطيع قوة على الأرض هزيمتها ، لتفوقها العسكري والجوي والصاروخي والتكنولوجي،أمريكا تعود دولة غازية ومستعمرة ،ولكن بوجه ناعم أملس جديد،ظاهره تصحيح المسارالديمقراطي ومحاربة داعش، لا كما في غزو العراق ،بحجة وجود أسلحة دمار شامل والعلاقة مع القاعدة، وستنفذ مخططها، كما تريد في سوريا والعراق ولبنان ،رغم أنف الجميع..لأن مانشاهده من تحشيد عسكري في المنطقة ،يفوق ال150 الف جندي أمريكي، لم يأت للنزهة أبداً…