22 ديسمبر، 2024 9:48 م

أمريكا .. أشعلت العراق بأيرا

أمريكا .. أشعلت العراق بأيرا

عام 1979 , أندلعت في أيران ثورة , أطاحت بالشاه , وأدت الى سقوط أيران في أيدي رجال الدين المتشددين المعادين لامريكا والكيان الصهيوني , بقيادة أية الله الخميني الموسوي , فوبخ الكونكرس الأمريكي وكالة المخابرات المركزية ,لانها لم تتوقع في تقاريرها , سقوط الشاه , أذ أن تقاريرها أفادت , بأن الثورة لاتشكل خطرا عليه , وأن الشاه قادر على تفادي الأزمة .. وكان الرئيس الأمريكي جيمي كارتر , مستاءا من سقوط الشاه , الذي قام بتعويض الأمريكيين بالنفط , حين حظره عليهم الملك فيصل بن عبد العزيز , وما أراد كارتر أن يورط بلاده بالتدخل العسكري في أيران خوفا من أن يتكرر جحيم فيتنام ثانية , ولم يكن الحل سوى توريط العراق بمهمة أسقاط الثورة الإسلامية ,لاستعادة الشاه أو نظام أخر غيره , يكون مواليا لامريكا .. وكانت المؤامرة تقضي , بدفع الأحداث وتفجير الأوضاع نحو أندلاع الحرب , ليغرق العراقيون والإيرانيون في دماء بعضهم البعض , فأوعز الامريكيون إلى العراق بالتهيؤ للحرب ,لاسترداد ما تم التنازل عنه للشاه , وذكروا في تقارير كاذبة بأن الجيش الايراني يعاني من الانهاك والتشرذم والتفكك , أثر الأحداث العصيبة التي تمر بها البلاد , وأخفت تقاريرهم عن العراق , حقيقة أن معظم ضباط الشاه أنضموا للخميني .. وجرى في أيلول عام 1979 , لقاء في هافانا بين الرئيس صدام حسين ووزير خارجية الثورة الإسلامية أبراهيم يزدي , طلب خلاله صدام أستعادة الاراضي التي تنازل عنها العراق في أتفاقية الجزائر عام 1975 , وكان فشل ذلك اللقاء , هو الفتيل الذي يترقب عود الثقاب لاشعاله ..
بلا شك كانت الثورة الإسلامية في أيران , ترغب في أن تكون ملهمة للعراقيين , في النهوض بثورة أسلامية للاطاحة بنظام البعث , ولهذا الغرض أرسل الخميني رسالة , الى المفكر الإسلامي العراقي السيد محمد باقر الصدر يحثه فيها , على أستنساخ تجربة الثورة الاسلامية في العراق .. وأما المؤامرة الامريكية فقد صورت الامر زورا وبهتانا , على أن أيران , تخطط لغزو العراق عسكرياً , وتصدير ثورتها اليه , وذلك في سبيل أيجاد الذرائع تبريرا لشن الحرب على أيران , بتوجيهات كارتر ووزير الخارجية البريطاني جورج براون , وكذبت أمريكا على دول الخليج أيضاً , وأوهمتهم بأن الثورة الاسلامية ستصدر الى دولهم , وستزحف على عروشهم , وما عليهم ألا أن يقدموا للعراق الدعم والمساعدات , بحجة أنه شرطي المنطقة , وسيقوم بحمايتهم من الغزو الايراني المزعوم , فتم تبادل سحب السفراء بين العراق وأيران في أذار 1980 , وكان الامريكيون بارعين في أختراع عدو بديل للعرب , يشغلهم ويصرف أنظارهم عن العدو الحقيقي , فصنعوا هذا العدو صناعة كاملة للعراق , وأعلن صدام في 17 أيلول 1980 ألغاء أتفاقية الجزائر ..
وأنطلقت شرارة الحرب في 22 أيلول 1980 , بهجوم القوات العراقية على أهداف في العمق الايراني , وأمرت أمريكا حلفاءها في المنطقة , بمساعدة نظام صدام ماديا وعسكريا وأعلاميا , وأنصاعت الدول العربية للاوامر الامريكية , بأستثناء سوريا وليبيا , وتدفقت الاسلحة الامريكية على العراق , وتزويده بمواقع القوات الايرانية , وبصور الاقمار الصناعية , التي تظهر تحركات الجيش الايراني وثكناته , وأستعدادات الحرس الثوري للهجوم , ولكن صدام لم يكن حينها يدرك المؤامرة الامريكية , وأنه ما من شئ يقدمه الامريكيون للعراق يكون بلا ثمن , وقد قبضت أسرائيل ذلك الثمن الذي دفعه العراق عام 1981 , عندما حلَق سرب الطائرات الإسرائيلية , فوق مفاعل تموز النووي العراقي ,على أرتفاعات منخفضة , فدمَره وصار ركاما فوق رماد ..
وعلى مبدأ الترضية , سارعت الولايات المتحدة بتعويض العراق بعض الشئ ,وذلك بتزويده بالاسلحة الكيميائية والمواد الجرثومية والغازات السامة وبالمعلومات التعبوية والصور الفضائية ,التي ساعدته في حربه مع أيران, وزعم الرئيس الأمريكي رونالد ريغان ,بأنه سيعاقب أسرائيل على تلك الجريمة , وكانت العقوبة هي وقف تزويدها بطائرات F16 في أستخفاف وتهاون أمريكي ,بحجم الكارثة التي حلت بالعراق وتواطؤ معهود مع العربدة والبلطجة الاسرائيلية على الدول العربية ..
صدام حسين يقر بالمؤامرة الامريكية لاشعال الحرب العراقية الايرانية , بهدف ألهاء البلدين ببعضهما , عن العدو المشترك أسرائيل , ويتهم الخليج ومصر ,أضافة الى أمريكا , بالسعي في سبيل أطالة تلك الحرب , وكان لافتا من العجب العجاب , أن يصف صدام حسين قدرات أيران بالخيرة !!!
ما أشبه اليوم بالبارحة , وما زالت أمريكا تشعل الحروب في المنطقة .. وما خفي كان أعظم …….