23 ديسمبر، 2024 5:25 ص

أمريكا أسست لدكتاتورية المذهب الواحد في العراق

أمريكا أسست لدكتاتورية المذهب الواحد في العراق

عنداستعراضنا للحالة السياسية في العراق ما قبل الاحتلال وما بعده نرى التناقض الحاد الذي اسسته الدوائر الاستعمارية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية وارتكزت عليه في احتلالها للعراق واستعماره .

بعد الاحتلال ومن خلال ممثليه وابرزهم ” بريمر ” ألغت امريكا دولة العراق بالكامل حلّت كل مرتكزاتها مؤسساتها المدنية والعسكرية السياسية والاقتصادية وبعثرت كل النماذج المعتمدة من دولة العراق منذ تأسيسها لحد الاحتلال بحجة مكافحة الدكتاتورية الفردية .

دولة العراق منذ بداية تأسيسها سنة 1920 واقرار دستورها وقوانينها سنة 1921 , شكلها وفحواها العام يتمثل ” بالعلمانية الإيمانية ” التي تتعامل مع المثابات الحكومية الفاعلة الوطنية على اساس الكفاءة والمقدرة النزيهة ولا على شيء آخر لا مذهبية ولا اكثرية أو اقلية ولا قومية .

أسست لموضوع الديمقراطية بشكلها المتواضع الصريح تماشياً مع الحال العام للدولة الحديثة والضاغط السياسي الاستعماري البريطاني فكانت القوانين تحترم من الجميع من الملك وما دونه .

طرأت تغيرات على منهجية الدولة العراقية فيما يخص اسلوبها ونهجها ونظامها الديمقراطي و فلسفتها السياسية بعد انقلاب عبد الكريم قاسم ومن استخلفه في حكم وادارة العراق من عبد السلام عارف وعبدالرحمن عارف واحمد حسن البكر وآخرهم صدام حسين . أختلفت اساليب ومناهج الدولة ومراوحتها بين التيار الاشتراكي والقوميي والوطني الوجوبي لكن ضلت متمسكة بعلمانيتها الإيمانية لحين الاحتلال الأمريكي الغاشم .

الإنقلاب الذي احدثته امريكا في مجمل حركة وتكوين الدولة العراقية لم يكن مبرراً على الاطلاق . كان بالإمكان الحفاض على صفة وسمات الدولة . لكن الولايات المتحدة الامريكية ضمن نظريتها الاستعمارية اللصوصية أحدثت هذه الفوضى ” الفوضى الخلاقة ” التي نتائجها وما يتمخض منها لصالحها كدولة متسلطة باطلة في مضامينها وفحواها .

ففرضت المذهب الشيعي الاثني عشري كحالة فاعلة وحيدة في العراق بحجة الاكثرية وهذا المنطق مخالف للحقيقة والاعراف الاجتماعية المتداولة في العراق . المذهب الاثني عشري حاله حال بقية المذاهب فيي العالم الاسلامي لم تكن مناهج معتمدة ” كما في ايران ” بل الاسلام كدين هو المنهج المعتمد ولم تكن طائفة الشيعة اكثرية مذهبية في العراق بل السنّة والجماعة هم الاكثرية . وان كانت هناك اكثرية فبفارق بسيط لا يكاد يذكر . ولم تكن حكومة العراق تعتمد في ادارتها على المذهبية السنّية أو غيرها بل كانت الحرية في العمل والتفاعل مكفولة لجميع المذاهب والاديان . ومراكزها تعمل لصالح الجميع . وحقوقها المدنية وشرائعها مصانة . المنظور العام للدولة المرتكزة عليه هو المنظور الوطني ولا غيره .

لكن الامريكان ارادوا فرض وتعميم المذهبية الطائفية المتمثلة بالتيار الشيعي الخميني الايراني كونه يتخذ من الشيعة مرتكزا له ومتناقضا مع بقية المذاهب ونسبتها للدولة في العالم الاسلامي . والامريكان يعرفون منهجه تماما في التخريب والإستئثار على مساحة العراق والعرب والاسلام . يتلخص ذلك في تصريح نوري المالكي عندما كان رئيساً لوزراء العراق ( أحنا ما ننطيها ) ويقصد اصراره على عدم التفريط في سلطة التيار الشيعي الإيراني في حكمه للعراق . الأمريكان ادرى به كون الحركة الخمينية صناعتهم وشعارها المعروف منذ قيامها ” تصدير الثورة ” .

الدستور الذي فرضته الولاات المتحدة على شعب العراق دستور يتماشى ونهجها الاستعماري التسلطي المشؤوم . كان الاجدر بها لو كانت صادقة بأدعائها الكاذب في مساعدة العراق . وضع دستور يتماشى مع مصالح الجميع في المجتمع العراقي ويحافض على نسيجه وتكون وسيلته وهدفة ومنهجهه الانسان العراقي ” الغاية والوسيلة ” وتكون ارادة الاكثرية الارادة الشعبية الاكبر تطاع وتحتَرِم الارادات الاصغر منها لا الارادة الحزبية او الدينية او القومية بل الوطنية هي الاساس في ذلك .هذا الدستور العاري من كل مقومات الايجابية الضامن للاحتلال والتردي رُفِضَ شعبيا وبشكل مطلق لكنهم زوَّروا نتائج التصويت علية ” واصبحت حالات التزوير مرجع مشروع في العملية السياسية العراقية ” وهذا ما عاناه العراق من بداية الاحتلال وما يعانيه الوم وبشدة ” . المهم رجحوا مشروعهم الاستعماري اللصوصي على الجميع أطلقوا الحبل على الغارب للتيار الشيعي الخميني في صياغته وتثبيت فقراته , مع دعم من نصّبوهم لتمثيل السنّة في العراق مثل ” صالح المطلك ” الذي يتحمل مسؤولية هذا المشروع الفاشل ” الدستور ” . في احدى ترويجاته الاعلامية قال ” وافقوا على الدستور مخاطبا شعب العراق واذ كانت هناك فقرات لم تتماشى ومصلحتكم فبلإمكان تغييرها . لكن الحاصل لم تتغيير ولم يستطيع الشعب تغيير اياً من فقرات هذا الدستور ” الاعور الخبيث “. ولن يستطيعوا لأنه يتماشى مع مصالح امريكا وإيران واسرائيل ولا يتماشى مع مصالح الشعب .

تباً للمذهبية وتباً للطائفية في حكمها للعراق او لأيّ مكان آخر في العالم . حال العراق يفرض ويحتم الرجوع للحالة الوطنية التي تسمو فوق جميع الشواهد وتُعتَبَر المنقذ للعراق وشعبه . غير ذلك لا يجدي نفعاً ويبقى العراق أشبه ” بلعبة بليارد ” يلعب به الجميع .