23 ديسمبر، 2024 12:39 ص

أمة منشغلة ببعضها وكلها مستهدف!!

أمة منشغلة ببعضها وكلها مستهدف!!

كنت أرقب مشهدا فيه أيّلان يتناطحان وقد تشابكت قرونهما المتشعبة , ومن بعيد لمحهما أسد فإندفع نحوهما وقبض على عنق أحدهما ولاذ الآخر بالفرار.

فتذكرت أحوال الأمة التي يصارع بعضها البعض الآخر , والأسود متربصة لها , فحالما يشتد صراعها وتتقيد ببعضها تختار ما تشتهيه منها وتنقض عليه بوحشية لا حدود لها , فيأنس به البعض المنفلت من قبضة أنيابه , وكأنه لا يدري بأن وقت إفتراسه سيحين حتما.

ويحضرني قول قديم وشائع أن الحرامي عندما يريد سرقة بيت ما , كان يحمل معه عظاما لكي يلقيها للكلاب التي تحرس الدار , فلا تنبح فتوقظ صاحب الدار , أي أنها تنشغل بالعظام وتترك الحرامي يفعل ما يشاء.

وما يجري في واقع الأمة , أنها منشغلة عن مصيرها بالتلهي بموضوعات غابرة عفى عليها الزمن وتجاوزتها الدنيا , فهي منهمكة بما ألقوه في حجرها من مذهبيات وطائفيات وتحزبات وعدوانيات وكراهيات وآليات إستنزافية , ولا تأبه للمنقضين عليها والمدمرين لوجودها وذاتها وموضوعها , بل أن في الأمة مَن صاروا أعوانا لأعدائها , وأشداء في تنفيذ المهمات المطلوبة.

ويحضرني أيضا ما كنا ندرسه في المدرسة الإبتدائية والمتوسطة والذي عنوانه ” فرّق تسد” , وكأننا نعبّر عن ذكائنا عندما نفسر ما يدور في واقعنا بأنه من فعل “الإستعمار” , الذي يعتمد سياسات ” فرّق تسد” , وكأننا موجودات ميتة أو بلا إرادة , وإنما ترفع رايات ” السمع والطاعة”!!

وأتذكر إفتتاحيات في جرائدنا اليومية كانت تطرح الذي يحصل في المنطقة اليوم , وتتحدث عنه وكأنها تراه في فلم معروض أمامها , أي أنها كانت ترى وتستسلم ولا تفعل شيئا للوقاية والمواجهة , وإنما تنحدر بإذعانية مطلقة نحو الغاية المنشودة , كالدمى التي تحركها إرادة الذين يريدون البلاد والعباد.

هذه بعض الصور التي تشير إلى أن القائمين على شؤون الأمة هم أعدؤها الحقيقيون , وأنهم الذين ينفذون مشاريع العدوان السافر عليها , وبسببهم تحولت الأمة إلى وجود مسلوب الإرادة وكالنطيحة المتردية.

ولهذا فأن الأمة ينالها الحيف والظلم والقهر والإذلال , والمصادرة الكاملة والشاملة لحقوقها , ويجري العمل بكل قوة على وصمها بما لا يمت بصلة إليها , وإخراجها من دائرة الوجود الإنساني , وتحويلها إلى آفة ضارة تستحق الرجم بأعتى أنواع الأسلحة التي ستمحقها عن بكرة أبيها.

فإلى متى ستبقى الأمة تدفن رأسها في الويلات , ولا تريد أن ترى وتسمع , وتنتظر العدوان الرهيب عليها , لتبرر لنفسها بأنه القدر المحتوم , وهي جاثمة لا تروم؟!

أيتها الأمة المأزومة بكل ما فيها , لا بد من اليقظة قبل أن لا تميمة سوف تنفع!!