26 ديسمبر، 2024 5:07 م

 

أمة العرب ليست واحدة إلا في فترة قصيرة من عمرها , وبقيادة محمد بن عبد الله , الذي خلعها من ثوابتها القبلية والعشائرية , التي تهتم بالنسب وتقاتل بعضها , فوحّدها برابطة الدين , وصنع منها أمة واحدة , إستطاع أن يوجه طاقاتها نحو الخارج , فأسس بها دولته التي قادها لبضعة سنوات قبل وفاته.

ويبدو ان محمدا كان يستشرف المستقبل بقدرات متميزة , وأول ما فعله في طريق بناء الدولة وصناعة الأمة , أنه كتب معاهدة المدينة حال وصوله إليها وأصبح قائدا فيها , ومن ثم صلح الحديبية , وبعد سنتين فتح مكة , فدانت له القبائل العربية بالولاء وسار بها كأمة واحدة إلى العلاء.

وبعد تأسيس الأمة الواحدة الريادية بقيادته , لم يستطع قائد أن يوحّد أمة العرب , ومعظمهم إتخذوا من الإسلام وسيلة للحكم لا غير , وتفاعلوا مع الواقع السياسي بعقلية الدولة وليس الأمة , ففعلوا  كغيرهم من الأباطرة والملوك والحكام في زمانهم.

ومنذ لحظة وفاته وعفلية الدولة والسلطة تهيمن على وعي قادة العرب بدرجاتهم , فكان لكل منهم تصوراته وتقديراته وقراراته التي يرى أنها تخدم الدولة وتقويها , وتزيدها منعة وقدرة على التحدي والمجابهة , والتفوق على ما حولها من الدول والإمبراطوريات والممالك العريقة القوية.

والكثير من الكتاب والمفكرين يخلطون بين سلوك الدولة والدين , فما جرى من أحداث وتطورات كانت سياسة دولة , وتقديرات حاكم بتأثيرات مستشاريه والمقربين منه أو القابضين على مصيره.

وعقلية الدولة بسلطاتها الغير محكومة بدستور واضح ,  أدّت إلى مقتل ثلاثة من الخلفاء الراشدين , وعدد كبير من الخلفاء في الدولة الأموية والعباسية.

ذلك أن القادة العرب لم يفلحوا في وضع عقد إجتماعي رشيد يحافظ على كيان الدولة , ويصون الحكم من التفاعلات السلبية والعدوانية , فكان الحكم على هوى الفرد الذي وصل للسلطة وصار يُسمى خليفة , بكل ما تعنية وتدل عليه ويترتب عليها من تفاعلات وقرارات , فالخليفة يمثل إرادة الله وطاعته واجبة , ولا يجوز الخروج عليه لأن في ذلك كفر وخطيئة.

ولا تزال أمة ” واعتصموا بحبل الله جميعا ولاتفرقوا” , فئات وجماعات تأكل بعضها , وما جاءت به (سايكس – بيكو) أرحم للعرب مما هم عليه اليوم من تمزقات وتناحرات وتآمرات على بعضهم , وإستدعاءات لأعدائهم للنيل من أخيهم العربي , فالعربي لا يريد عربيا قويا , ويتلهف للأجنبي وينكل بالعربي , وما أقسى العربي على العربي , والمسلم على المسلم , وتلك فجيعة أمة بدينها , واجيال بذاتها وموضوعها.

وقل تبت يدا الكراسي المؤدينة يا عرب!!

د-صادق السامرائي

أحدث المقالات

أحدث المقالات