23 ديسمبر، 2024 8:10 ص

تسألني: لماذا لا يوجد عندنا نوابغ مثل غيرنا من الأمم؟

فالأمم فيها أشخاص نبغوا في شتى المجالات , وأسسوا لمسيرات ذات قدرات منحت دولهم القوة والريادة والسيطرة على إرادة الغير.

لو نظرتم أيا من الأمم المعاصرة لوجدتم فيها ما يؤكد ذلك , بينما أمتنا تفتقد هذه الإنطلاقات الحضارية المغيرة لمسار البشرية.

ترى لماذا تتفتح البراعم عندهم وتموت عندنا؟

النبات بحاجة لتربة صالحة للإنبات , وبيئتنا المجتمعية غير صالحة للإنبات!!

في أمتنا مئات النوابغ والأفذاذ الذين يموتون حتف أنوفهم , ويدفنهم المجتمع ويطمر وجودهم , ويأبى أن يسمح لهم بالتفتح والإزهار.

ويعود السبب الأول لفقدان منهاج الحكم الراعي للطاقات والقدرات الوطنية في دول الأمة.

فأنظمة الحكم تتكون من الجهلة والمنفعلين المتمسكين بالكرسي , فهو هدفهم ومعنى وجودهم , ويمضون فترات حكمهم بالذود عنه وتدمير مَن يقترب من قوائمه , فيستهلكون الأيام بعبثيات وتفاعلات خسرانية مريرة , ويخشون من الأذكياء وأصحاب الرأي والقدرات الفريدة , لأنهم يحسبون كل ما يفوقهم تهديد للكرسي الذي يتعبدون في محرابه.

هذه العاهة المريرة محقت إرادة الأجيال , ووشحتها باليأس والقنوط والمشاعر الدونية , وعززت التبعية والإتكالية وفقدان الثقة وغياب إرادة التحقق والرقاء.

فالسائد في مجتمعات الأمة ,عليها أن تتبع غيرها في نشاطاتها , ولا يوجد مَن يدعو للإعتماد على النفس والعمل الجاد لتحقيق إرادة الإنسان وعزته وكرامته , وأكثرها تجرد المواطن من قيمته , وتأسره بالقهر والحرمان من أبسط الحاجات , وتنكر عليه حقوقه الإنسانية المتعارف عليها.

وبإختصار إن المواطن لا يعرف الحرية , وعقله مجمّد في أوعية الأضاليل والأوهام الزمهريرية المقدسة , فأنى يبصر يجد أمامه خطوط حمراء , ومصدات وعثرات قد تكلفه حياته.

والأدلة كثيرة , والدليل الإيجابي في الأمة أنها في العصر العباسي الذهبي , رفدت البشرية بنوابغ متميزين في ميادين العلوم المتنوعة.

ونبغ في بعض دول الأمة أفذاذ لا يزال تأثيرهم فاعل في الأجيال.

فالأمة غنية بالعقول الحضارية الأصيلة , والذي تفتقده القادة الذين يستصلحون بيئة الوجود العربي.