23 ديسمبر، 2024 7:34 م

أمبراطورية الشعر كان ولا يزال يحكمها نزار قباني والدليل  ….. اني خيرتك فأختاري

أمبراطورية الشعر كان ولا يزال يحكمها نزار قباني والدليل  ….. اني خيرتك فأختاري

ما كتبه امبراطور الشعر العربي ( نزار قباني ) من كلمات وحروف في لوحات شعرية سيبقى محفورا في قلوب الملايين من البشر فتأريخ الشعر يبدأ من الجاهلية ويقف منتصب القامة امام دواوين قالت لي السمراء وطفولة نهد والرسم بالكلمات والى بيروت الانثى مع حبي والاوراق السرية لعاشق قرمطي وهكذا اكتب تأريخ النساء …..
هنا يقف الشعر ويختفي بين براثن الحضارة والانسانية والثورة ولا يبقى للقصيدة معاني يمكن ترجمتها الى سطور حية في ذاكرة الشعراء بل تتحول الحروف والكلمات الى صدى صرخة يقولها شاعر من هنا وشاعر من هناك …..
فرحيل نزار قباني اعلن نهاية عصر شعر الحب والعشق والهوى وتراجيديا عصر ما قبل وما بعد العولمة فالمدرسة النزارية صنعت خارطة الصورة  الشعرية الحية لذا فالعمق الفلسفي لتركيب هذه الحروف والكلمات ستبقى صامدة امام مدارس الشعر الاخرى …..
وخير دليل على ذلك ان قصائد امبراطور الشعر العربي وابي الروحي نزار قباني قد تم ترجمة سطورها داخل احشاء الصورة الغنائية المعاصرة والكلاسيكية بقديمها وحديثها فما غناه العندليب الاسمر عبدالحليم حافظ وصولا الى القيصر كاظم الساهر يعتبر بمثابة صمود وشموخ وخلود كبرياء قصائد نزار قباني …..
لذا ما كتبه شاعر المرأة والوطن والتمرد يعتبر ابداع انساني وثوري وفلسفي وفكري بكامل تفاصيله وهوامشه وفواصله بدءا بقصيدة مدرسة الحب وزيديني عشقا وحافية القدمين وقولي احبك  …..
والقائمة طويلة لا نهاية لها فكل من يحمل همسات الطرب في صوته غنى قصائده في صورة روائع غنائية خالدة مثل نجاة الصغيرة ولطيفة التونسية واصالة نصري وملكة الطرب الشرقي صاحبة العذوبة والنقاء في صوتها ماجدة الرومي واخرون …..
فمنذ طفولتي ومراهقتي المبكرة ورجولتي المكبلة بالاغلال والسلاسل مع امرأة لا تعرف ما معنى الشعر وما قيمته ولا يهمها سوى الموضة والمكياج حاولت ان احفظ الجزء الاكبر من قصائد العظيم الراحل نزار قباني ونجحت في هذه المهمة لذا في كل حالاتي التي اعيشها في فوضى يومياتي اطلق العنان لصوتي وحنجرتي كي اعيد مرارا وتكرارا ما كتبه من شعر خالد …..
لكن تبقى لقصيدته اني خيرتك فأختاري نكهة مخملية عندما يغنيها القيصر كاظم الساهر فهي كقصيدة تعتبر احدى روائع الشعر العربي وكأغنية تعتبر ملحمة تأريخية تجسد حالة العشق بين الرجل والمرأة في صور الثورة والتمرد والصراخ والانتحار وصولا الى الكبرياء …..
هذه الاغنية والقصيدة استثنائية لها صورة شعرية منفردة تخرج عن النص لا يمكن الدخول الى معانيها دون التغلغل داخل متاهاتها من الحروف والكلمات فهي كقصيدة تلفت انتباه العقل وكأغنية وضعت اسس وقوانين جديدة للطرب المعاصر فلا يمكن لأي فنان او مطرب ان يغنيها لأنها عبارة عن مسرحية فيها فصول من الالم والوجع واللقاء والفراق هذه الفصول يجب ان تدون تفاصيلها بدقة وعناية بين زوايا الاوتار الصوتية والموسيقية اضافة الى الصوت الساحر الذي يخترق المشاعر والاحاسيس …..
هذه المعادلة تنطبق على القيصر كاظم الساهر فهو الوحيد من بين امراء واميرات الطرب من استطاع ان يترجم هذه القصيدة الى لوحة غنائية متكاملة الزوايا فيها عبق الشعر والغناء والطرب …..
لذا اردد كلماتها كقصيدة تارة وكأغنية تارة واذا ما وصلت حالتي كشاعر الى اقصى درجاتها مع العشق وحبيبتي التي تفصل بيني وبينها مساحات من الاراضي الشاسعة تنتهي بشواطىء البحر انتحر بين خيوطها وانا استمع اليها مرارا وتكرارا لذا التزم الصمت حينها لكنني افشل  واصل الى مفترق طرق امام الهدوء الذي اتقمص جذوره من الوريد الى الوريد واتحول الى مهووس خارج عن قوانين الجنون لأنني اشعر بحالة ثورة وعشق وتمرد  كامنة تقتلع ذاكرتي وعقلي …..
اني خيرتك فأختاري لم يكتبها سوى نزار قباني ولن يستطيع شاعر على وجه الارض ان يحيك وينسج من مغامراته وقصصه مع النساء قصيدة تساوي قدارتها اللغوية والفلسفية والفكرية قدرات هذه القصيدة لأن الشاعر يعيش حالة معينة في زمن معين تمتزج فيها المشاعر والاحاسيس وتختلط موازين العقل ما بين الابداع واقصى مراحل العشق لكي تولد الصورة الشعرية  …..
هذا الكلام ينطبق على هذه القصيدة لذا بقدر ما هي رائعة التشكيل اللغوي وساحرة المفردات تسرد لحظات التحدي والارادة والقوة بين سلطة الرجل العاشق المستبد وبين انثى حائرة تائهة تنتظر بداية ثورتها لكي تحظى بأنوثتها على عرش الرجولة …..
لذا لا شاعر بعد نزار قباني ولن يولد الشعر بجدائل ذهبية من بعد نزار …..
فأمبراطورية الشعر كان ولا يزال يحكمها نزار قباني وسيبقى هو الامبراطور الوحيد الذي ليس له وريث او ولي عهد …..
فنحن الشعراء كلنا تلاميذ وسنبقى نتعلم الشعر من دواوينه وقواميسه اللغوية ودفاتره الفكرية والفلسفية …..
نحن نكتب الشعر وكل واحد منا يغني على ليلاه نتغزل بالسيقان والشفاه والنهود لكننا لن نكتب ما كتبه نزار ……
فالاباطرة يولدون مرة واحدة والحضارة انجبت نزارا واحدا ولن تنجب نزارين …..
وستبقى قصيدة اني خيرتك فأختاري لغزا شعريا لا يمكن نسخها بكلماتنا وحروفنا كشعراء او نقل وقائعها بصورة معاصرة الى قصيدة تحمل نسخة طبق الاصل من معانيها وفلسفتها من جانب ورسالة العشق الخالدة من رجل الى انثى من الجانب الاخر …..