كل يوم أقول سينقذني رفيقي الدائم الملل منها ، واتحرر من قهرها لي ، وأتخلص من شعوري بالإنسحاق حينما أراها ، في كل مرة أتوجه الى محراب الصلاة كي أتضرع الى مسير الأقدار لكي يمدني بالعزم والقدرة على الفرار من أسرها .. أجد نفسي تشهق باكية وتخر ساجدة لذكرها و تتهجد في حضرة طيفها ، تناجيه .. بإسمكِ تقدست كل الحروف التي (تجاور ) حروف إسمك في تسلسل الأبجدية ، بإسمكِ الذي ملائكة الجمال تتغنى به في لحظات مسراتها ، وتردده ألسنة الأجنة في الأرحام ، وحين هبوطها على الأرض ، تمجدت كل الأرض والسماء حين تمرين فوقها وتحت قبتها ، وتبارك الكون الذي ينحني لكِ حين ترسلين نظراتكِ مستطلعة الآفاق ، بماذا تفكر أميرة الدنيا ، وهل هي بحاجة الى الأحلام ؟
أقرفص منهارا متوحداً مع حضور بهاء ثراء جسدها ، مستمعا الى فتنة ضحكتها ، أشاهد بعين الخيال مشيتها الراقصة ، أغمر وجهي بين طيات شعرها ، أحتضنها بهلع المذعور من فرارها … وأُساءل الأقدار : منذ متى كتبت لي طلسم السقوط في فوهة البركان .. هل كانت هذه المكيدة في زمن اللوح المحفوظ وعصر يوم كانت الأرواح سابحة في ملكوت خالقها تنتظر إطلاقها الى مثواها الجسدي ، منذ متى كُتب عليَ هذا الزلزال والعبودية قهرا لجبروت فخامة جسدها .
إيروس .. يارب عذابات شبقية الروح والجسد ، أنا أحد أتباعك المخلصين الذين تعمدوا على يديك .. إسبغ عليَ بركات صبر أنانيتي على نيل مبتغاها .. إيروس .. أنا العابد في دوحة محرابك ، المتوضىء في ماء شيطان اللذة ، إسكب عليّ السكينة والغيبوبة والنسيان .. أني أتمزق من ضربات سياط الذاكرة .
ليس عدلاً ان يكون قانون العشق بعيدا عن الندية ، ويبطش بالعاشق ويطيح به في علاقة غير متكافئة ما بين العابد والمعبود ، الهائم والمهيوم به ، ليس عدلاً هذا الإفتراس للمعشوق لعقل وإرادة العاشق وإحتكار دموعه وأنفاسه ، وإجتياح مقلتي عينيه ، ليس عدلا هذه الإستباحة المضرجة بدموع الشوق وآهات العجز وصرخات الروح الغريبة في عالم موحش خلا من المعشوق .
باكياً أخر صريعاً .. أضرب بكفي أرض الخيبة ، وأتمرغ فوق تراب عجز أنانيتي وسوء حظها ، لم أستطيع لقاؤها ، فشلت في إمتلاكها ، أعيش مذعوراً في فراغ قاتل من دونها ، كانت أيام مطاردتها في شوارع بغداد هي عروس أيامي ، إلتهمت الأعوام عمري ، وإنقشعت الأوهام عني ، وظلت هي حقيقة ماثلة بإعتبارها المعنى والسعادة الذي قتلني غيابها !.