23 ديسمبر، 2024 5:12 ص

أليست هذه الكأس نفسها التي تقدمونها لغيركم؟

أليست هذه الكأس نفسها التي تقدمونها لغيركم؟

قرأت مقالاً في بعض الصحف الاكترونية الشيعية يتحدث بمرارة عن ما يلاقيه الشيعة العرب من تشكيك، وانتقاص من قدرهم، وحقوقهم، من قبل شراكائهم في الأوطان، والقومية. فالشيعة العرب، كما يقول صاحب المقال، ليسوا – بنظر الآخرين – سوى “عملاء لإيران”، وهم “فرس وصفويون ومجوس وهنود”، بل هم “كفار ومشركون وأبناء متعة ويهود”، ويخلص إلى الاعتقاد الجازم بأن عيون القوميين الطائفيين لن تذرف دمعة واحدة على مئات الالاف من قتلى الشيعة في عمليات التفجير والذبح.

من جهتي أعتقد أن ما كتبه صاحب المقال يمكن تأكيده، بيسر، من خلال مئات، بل آلاف الوقائع والأدلة، كما إن الكلمات المريرة التي كتبها لا تعبر عن شعوره الخاص، وإنما هي حقيقة شعورية تمتد جذورها في أعماق قلب، وضمير كل شيعي تقريباً.

إذن، لا اعتراض لدي، من هذه الجهة، حتى لا تقال بحقي التهمة الجاهزة التي تُردد بمجانية، للأسف الشديد، وهي إن هذا الرجل يصطف مع أعداء التشيع.

ولكن إذا كانت الكأس التي يسقيها لكم خصمكم مُرّةً وظالمة، فلماذا تصرون على أن تقدموها لغيركم، ألستم بهذا التناقض البشع تظهرون تظلّمكم – في الأقل – بصورة التظلم غير الأخلاقي؟

إذا كنتم حقاً لا تحبون الظلم، وتشمئزون من أهله، وإذا كنتم تريدون اقناع العالم بأنكم لا تستحقونه، أليس عليكم أنتم أن تكفوا عن ممارسته؟ لا أدري، حقاً، كيف يمكن أن تكون لديكم قضية حقيقية، تكونون أنتم مقتنعين بها في أعماقكم، قبل كل شيء، إذا كانت لديكم القابلية الأخلاقية نفسها على ممارسة الظلم والتعدي على الآخرين، وبالبشاعة ذاتها التي تكتوون بجمرها؟

أليست بشعةً الصورة الأخلاقية التي تُظهركم تذرفون الدمع بعين، وتضحكون بالعين الأخرى، أم تحسبون أن من تمارسون ظلمكم وساديتكم عليه لا يملك صوتاً يوصل به ظلامته إلى العالم، ويمكنكم، كما حصل بالفعل للأسف، أن تزيفوا قضيته، وتشيطنوه؟ إذا كنتم تظنون هذا، فاعلموا أن من يظلمكم يعتقد أنه قادر على تزييف قضيتكم وإظهاركم بمظهر الجلاد، بدل الضحية، فأنتم وظالمكم من الطينة ذاتها، لا تختلفون عنه ولا يختلف عنكم.

أقول هذا بمناسبة حملة الاعتقال الظالمة البشعة التي شنتها الإدارة المحلية في كلٍ من “ذي قار” و”الديوانية” على أنصار الإمام المهدي، في شهر الصيام، وتحديداً، في الأيام التي وافقت جرح الإمام علي، ووفاته، وبأساليب لم تترك لداعش ما تتميز به، من جهة ضرب الرجال أمام نسائهم وأطفالهم، واقتيادهم بصورة همجية، لا يقبلها عرف ولا قانون.

علماً، إن الذنب الذي جرموهم بموجبه، هو هو الذنب الذي يؤاخذهم به الآخر الذي يئنون من وطأة ظلمه، ففي الحالتين، الذنب هو النوايا، وفي الحالتين، الاعتداء عملية استباقية لتهديم قلاع الأفكار العدوانية المخبأة في الصدور!!