في يوم الاحد 19 تموز ثاني ايام العيد قررت كسرا ً للرتابة واحتفاءا ً به ان اذهب الى مسرح البهو لحضور حدث مسرحي كان عنوانه ” بلوة حلوة ” .قام المنظمون للمسرحيه بتقسيم الجلوس في المسرح – المقسم اصلا ً الى ثلاثة قواطع – الى شباب يمينا ً وشمالا ً اما القاطع الاوسط فكان مخصص للعوائل.كان اول عرض مسرحي احضره ولم تكن المسرحيه غنية بالأحداث او الحوار بل العكس اعتمدت على الحركات الراقصه وعلى الاغاني التي ملئت الفراغ والنكتة ” التحشيش ” على وجه الدقة.
لكنها على اية حال كانت فرصة للقاء وجها ً لوجه مع فنانين عراقيين مثل نجلاء فهمي التي بدت اجمل مما هي عليه في التلفاز والفنان مناف طالب الذي بدت شخصيته واثقة وقوية على المسرح والمطربة اديبه فكانت تبدو اكثر ودا ً وطيبة حتى مما كانت عليه في لقاءاتها .
ورغم الركاكة بالمجمل الا ان المسرحية ارسلت رسائل مباشره تحث على نبذ الظواهر السلبيه من خلال الحث على ترك تعاطي الحبوب المخدرة التي كان يتعاطاها زوج احدى الفتاتين وايضا ً الحث على ترك الاستهزاء بمن يرتدي العقال ومن بن الجنوب في كلمات الاغاني والفن عموما ً من خلال توجيه والد الفتاه لزوج ابنته الثاني الذي كان كاتبا ً غنائيا ً .كما ان والد الفتاتين قام بتوجيه رسالة دعم للحشد الشعبي عندما لف نفسه بالعلم العراقي في اخر مشهد وأحاط به بقية الممثلين بعد ان وجه رسالة من ام الى ولدها. كما تم نقد الانقطاع بالتيار الكهربائي والفساد في هذا الجانب وسواه.
لاحظت ان الفنانين كانوا مدركين انهم في مواجهة مع جمهور مشاكس فقد عاملوا الجمهور بجانبيه الايمن والأيسر على انه ثور هائج لا يسعهم الوقوف اما قرنيه والحل الوحيد هو في اقتياده من هذين القرنين وتوجيههما بعيدا ًعنهم .وهو ما تمكنت اديبة من فعله بلطافتها وبساطه اسلوبها حتى انها اشارة للجمهور بحركة وضع اليد على الراس مره وضَمّنتهم في كلام اغنيتها مره اخرى , كما استطاع الفنان مناف طالب ان يدخل الجمهور بالمزاح لأكثر من مرة.
لكن مع هذه المحاولات الناجحة فقد ادركت ان الفنانين يعانون من موضوع ترويض الجمهور فواجبهم الاساس هو التمثيل وليس الترويض. فقد استمر الافراد القليلين المشاكسين باطلاق بعض العبارات التي لم تكن سب او سواه بل كسر لسلسلة الحوار ورد مباشر على ما يقوله الفنان حتى ان الفنان علي المطوع وفي مشهد تقلده للعلم اطلق احدهم كلمه استهزاء فرد عليه “مع الاسف مو صوﭽﻚ صوﭺ التشريفات ” وانه عندما كان يقول بوية بطريقته التطويلية اعادها لمرتين وفي الثالثة عندما طلب احدهم منه الاعادة قال ” احنا مو بملهى حتى اعيد ” .
ترى ما الذي حدى بفنان تبدو عليه امارات الوقار المهول ان يخاطب بعضا ً من الجمهور ” قنادركم على راسي اكيد اكو ناس جايه تستفاد ….. ” .
لا شك انه كسب العيش الذي اصبح هادرا ً للكرامة الانسانية في مؤشر لتقاعس الدولة عن اداء واحد من واجباتها.
فكما ان واجب الدولة حماية حياة مواطنيها وتوفير الخدمات لهم فكذلك من واجباتها حفظ كرامتهم لانها وإضافة الى كونه واجبها فهي تمتلك الاذرع التي تمكنها من ان تفعل ذلك بسهولة.حيث لم يكن يتطلب الامر اكثر من ستة عناصر استخبارات ثلاثة على كل جانب يقومون بإخراج كل من يتوجه بتعليق مسيء او معيق للعمل المسرحي ولن يتطلبهم الامر سوى اخراج اثنان من الخمسة او الستة لان الباقين سيبتلعون السنتهم بعدها ويرتدعون.ويتم اعتباره واجب مضاف لواجبات الاستخبارات في هذه المدينة الامنة والتي منها انتشارهم في شارع الحبوبي عند العصر حيث العذر بعذرين .
طبعا ً لا يمكن حينها اعتبار هذا الأجراء ان تم كفرض قسري للارتقاء بالذوق والأدب العام لان الغالبية العظمى منا كان لديها هذا الشعور العالي بالذوق العام والاحترام للآخرين بل هو قيام الدولة بواجبها بتأديب افراد خمسة او ستة من بين خمسمائة قاموا بالاستهزاء العلني برعاياها ومنع لإزعاج وتكدير جو العرض الذي جاء لمشاهدته المجموع وبالتالي منع افساد متعتهم وغاية حضورهم من قبل هؤلاء فالكلمة بحاجى الى ان تحمى لا ان يحتمى منها فقط.