في بلاد السواد الشهيرة ببساتينها الخضراء استأثر على مدى عقود حفنة من الحكام الجائرين، استباحوا ارض الرافدين وإرثها الحضاري، العلمي والفكري والأدبي والثقافي ، وأساءوا للمجتمعات العراقية وثقافاتها الملتصقة بارض بلادهم المعروفة بإسم بلاد الفصول الأربعة المزدهرة. لكن طيفا واسعا من بنات وابناء هذه المجتمعات، لازال تواقا لرفع شأن وطنه وسمعته رغم تعرضه لمعاناة عدة عرضت حياته للخطر والهجرة الى عوالم اخرى في أقاصي المعمورة.. من هؤلاء الشباب المواطنة الالمانية من أصول عراقية ريم العبلي. الذي كان جدها مناضلا وطنيا اعدمه قادة انقلاب 8 شباط 1963، وعنده بدأ مسلسل ” دراما السياسات الدموية” للاسئثار بالسلطة وانتاج الحروب والقتل والدمار
ومازال الى يومنا هذا.
بعد ان نكثت الانتخابات عن كاهلها بهرجة الاحتفالات بعد صدور النتائج، ومن ثم توقيع اتفاق تشكيل حكومة الوحدة الجديدة من الحزب الاشتراكي الديمقراطي وحزب اللبراليين الاحرار وحزب الخضر، وإناطة رئاسة الوزراء بالحزب الاشتراكي. أعلن “المستشار” الالماني الجديد Olaf Scholz “أولاف شولتس” عن تعيين الألمانية من اصول عراقية ريم العبلي في منصب وزيرة الدولة لشؤون الهجرة واللاجئين في ألمانيا.
ولدت ريم العبلي في موسكو لأبوين عراقيين. في عام 1996 جاءت مع عائلتها وهي طفلة صغيرة إلى ولاية مكلنبورغ فوربومرن Mecklenburg-Vorpommernكلاجئين. درست العلوم السياسية في جامعة برلين الحرة وبعد التخرج عملت، في معهد الشرق الألماني وسلطات الهجرة في مكلنبورغ. منذ كانون الثاني 2020، شغلت منصب مسؤول التكامل الحكومي للاندماج في وزارة الشؤون الاجتماعية في مقاطعة مكلنبورغ فوربومرن.
في الانتخابات الفيدرالية في سبتمبر، فازت ريم البالغة من العمر 31 عاما بالانتخابات المباشرة لدائرتها الانتخابية في شفيرين وستجلس في البوندستاغ عن شفيرين وويست مكلنبورغ، وتنتقل الى مكتب المستشارية الاتحادية كوزير دولة للاندماج عن الحزب الاشتراكي الديمقراطي الالماني.. تقول العبلي: بصفتي امرأة شابة لها تاريخ في الهجرة، أن اكافح لاختراق المحظورات بثلاث طرق ـ وتقصد، القانونية والانسانية والمجتمعية. في الوقت نفسه، تعد هذه علامة جيدة على أنها تستطيع الآن أن تمثل جيلا جديدا من السياسيين في البوندستاغ.
لقد فازت ريم العبلي بنحو تسع نقاط مئوية على خصمها من الاتحاد الديمقراطي المسيحي ديتريش مونشتات، الذي سبق له الفوز بالدائرة ثلاث مرات متتالية. “لقد كنت مرتبكة تماما” ـ ولم أكن لأظن “أن الأمر سيكون بهذه الوضوح” قالت بعد فترة وجيزة من الانتخابات في مقابلة مع احدى الصحف.. لم تنتمي العبلي للحزب الاشتراكي الديمقراطي منذ فترة طويلة. بعد أن تم ترشيحها لانتخابات البوندستاغ، انضمت إلى الحزب في بداية العام 2021 ، لكنها كانت دائما قريبة جدا من الديمقراطية ـ الاجتماعية..
تقول: “بالنظر إلى الماضي، كنت أرغب في أن أكون مع الحزب الديمقراطي الاشتراكي لفترة أطول من الوقت، لكن ببساطة لم يكن لدي إمكانية الوصول إليه. هذا ما أريد أن يآخذ بعين الاعتبار. وقالت “علينا أن نصبح أكثر جاذبية للشباب والأشخاص الذين لديهم تاريخ مهاجر”. ويجب على الحزب الاشتراكي الديمقراطي تبسيط القضية وتجنيد الأعضاء بنشاط للوصول الى هذا الهدف.
والجدير بالذكر أن المهندس المدني الالماني من اصول عراقية من مواليد مدينة زاخو، قاسم طاهر صالح، هو الآخر فاز بمقعد في البرلمان الألماني عن قائمة حزب الخضر. ومن القضايا التي تشكل محور اهتماماته السياسية هي الهجرة واللجوء والاندماج، كذلك مشاكل العنصرية واليمين المتطرف ومكافحة الفاشية..
في معرض حديثه للاجابة على سؤال: ما الأشياء التي يرغب تحقيقها في البوندستاغ؟ يقول قاسم طاهر: (سأعمل من أجل إجراءات لجوء سريعة وعادلة. هذا لا يتطلب تغييرا قانونيا فحسب، بل يتطلب أيضا رقمنة الإدارة العامة. من أجل حق لجوء فعال في البقاء، يحتاج اللاجئون إلى اليقين القانوني وفهم الهياكل اللازمة من أجل تعلم اللغة. اللغة هي الوصول إلى كل شيء. ويجب البدء بدورات الاندماج في اليوم الأول، بغض النظر عن احتمال الحصول على الإقامة أم لا.. أنا أكافح أيضا من أجل عدالة مناخية متعددة الأبعاد. لا يمكن أن تكون هناك عدالة مناخية إلا إذا فكرنا فيها بطريقة مناهضة للعنصرية ومن زاويا اجتماعية وسياسية. أولئك الذين تضرروا بشدة من أزمة المناخ هم الأقل مساهمة. لذا يجب أن إبعاد العدالة المناخية عن الصراعات الدولية والسياسية. هذا ما سأعمل من أجله في البوندستاغ).
لا وزيرة الدولة ريم العبلي هي الوحيدة التي لها تاريخ في الهجرة، ولا قاسم طاهر صالح. انما الجديد في هذه الانتخابات وصول مجموعة من الشباب الأكثر تنوعا في تاريخ المانيا الى المنظومة البرلمانية الجديدة. أعتقد أن هذا رائع حقا، وانها لحظة ساخنة في حياة المجتمع الالماني عندما يقدم لدقائق جميع الوافدين الجدد انفسهم في البرلمان الاتحادي “البوندستاغ”.