يتميز الشعر الشعبي في مناطق جنوب ووسط العراق بعمقه ويحمل في طياته معاني عديدة ودلالات ؛وقبل الدخول في موضوعة هذا البيت من الشعر ؛أحب أن أوضح بعض معانيه{خيطين تعني مشارتين بالعامية او دونمين} أما الصفجي فتعني ألأرض البور التي لاتصلح للزراعة ؛والبيش تعني ألنباتات التي لايتنفع منها مثل العاكول والدغل والصفصاف وغيرها و{حسوة} تعني كمية قليلة تكاد لاتكفي لأطعام عصفور} والحنية هي البيت الذي يبنى من سعف النخيل أو البردي.
هذه الحكاية التراثية حدثت في عشرينيات القرن الماضي ؛عندما وعد أقطاعي أحد ألفلاحين؛ بأن يهديه قطعة ألأرض المشار اليها أعلاه.
هذا ينطبق تماما على الوعود التي سمعناها من حكامنا منذ قيام مايسمى بالدول العربية الى يومنا هذا؛ 1-الجمهوريات :مصر.ألحكم العسكري الذي أطاح بالملكية لم يحقق أيا من الشعارات التي رفعها ؛فلا الوحدة تحققت وحلت محلها المؤمرات التي راح ضحيتها عشرات الألوف من ألأبرياء ومنها العراق واليمن ؛أما ألأشتراكية هي عملية تخريب للمؤوسسات ألرصينة التي بنتها الحكومة الملكية ؛والفساد الذي أستشرى في ألعهد الجمهوري ؛ألذي أستمر لأكثر من ستين عاما .وشعارات تحرير فلسطين ألتي تحولت الى أحتلال لسيناء والجولان وكامل ماتبقى من ألأرض الفلسطينية من قبل ألدولة ألعبرية.
2- العراق:ألعهد الملكي كان فاسدا بأمتياز؛أذا تسلط عليه العسكريون من أيتام الدولة ألعثمانية مثل نوري السعيد وطه ياسين الهاشمي والعسكري وغيرهم ؛بقي نوري السعيد على رأس السلطة لأكثر من اربعين عاما؛ وسلطوا ألأقطاع على الفلاحين يعاملونهم كالعبيد وقيمتهم عندهم لاتختلف عن الماشية التي يربونها .ربطوا البلاد بمعاهدات مذلة حتى سقوط الملكية ولم يحققوا لاديمقراطية ولا حرية ولا رفاهية.
* العهود الجمهورية :بأستثناء ماحصل في فترة حكم مؤوسس الجمهورية العراقية الشهيد عبد الكريم قاسم من أنجازات أجتماعية وأقتصادية وخاصة في مجال تحرير العراق من النفوذ ألأجنبي وأعادة حقول ألأراضي النفطية ألى ألسيادة ألوطنية وتحريرها من سيطرة الشركات الغربية؛و حصول تغير ملموس في تحسين ألحالة المعيشية للطبقات الفقيرة والمحرومة وخاصة في توفير السكن للعوائل الفقيرة.
ما حصل بعد أسقاط الجمهورية ألأولى كان كارثة بكل المقاييس في جميع النواحي؛فقد تسلطت عصابات الجهل والمافيات لمدة نصف قرن تعيث بالأرض فسادا .رفعت شعارات الوحدة والحرية وألأشتراكية ؛حيث تحولت هذه الشعارات في ظل الحزب الطليعي والقائد الضرورة ؛ الى تجزيئ المجزء وتمزيق الممزق بدلا من الوحدة ،أما الحرية فهي تكميم الأفواه وملئ السجون بالأبرياء وأعدامهم بالجملة .ألأشتراكية تعني بمفهوم الحزب هي توزيع أموال العراق بين العائلة الحاكمة وزبانيتهم ؛وأخير الهروب من أرض المعركة وألأختباء بالحفر المظلمة.
أستبشرنا خيرا بعد سقوط النظام وتوقعنا أن يعم الخير والرفاه والطمأنينة وألأستقرار ويصبح العراق{ يابان} الشرق ألأوسط !!؛ويستفيد الحكام الجدد من أخطاء من سبقهم.فلا ألأمريكان وفووا بوعودهم بالحفاظ على أمن العراق وأستقراره وبناء ماتدمر على أيديهم؛ بل تركوه ممزقا محطما منقسما على نفسه تحكمه كتل سياسية معظمها جاهلة أمية لاتفقه من السياسية وأدارة الدولة سوى الشعارات الفارغة ؛أنصب كل جهدها على سرقة أموال الشعب وتهريبها للخارج .تركت الشعب العراقي المظلوم تحت رحمة عصابات القتل والتدمير وألظلام ؛وراح قادة النظام الجديد يتصارعون على الكراسي والمكاسب لكياناتيهم وطوائفهم ؛فألخدمات أسوء ماكانت عليه في العهود السابقة ؛والمافيات سيطرت على مقدرات ألناس وعيشهم وأصبحت تصول وتجول في كل مرافق الدولة؛ وتبخرت الوعود بانصاف المظلومين ومساعدة ضحايا النظام السابق وتحسين أحوالهم المعيشية ؛وتحولت وعودهم بين ليلة وضحاها الى سحابة صيف .يبدوا أن بيت الشعر الشعبي أعلاه قدتم تطبيقه حرفيا من قيل حكامنا ؛وتشابه ماقاله الشاعر :نامي جياع الشرق نامي تحرسك الهة الطعامي؟!!.
3-رجال ألدين:في الوقت الذي وعدنا رب العزة؛بجنة عرضها السموات وألأرض وقال في محكم كتابه{ والله يدعوا الى دار ألسلام}؛يوعدنا رجال ديننا بالجنة بعد أن نزهق أرواح ألآبرياء بالمفخخات وبألأحزمة الناسفة وقطع الرؤوس؛وبدلا من ملئ بطون الجياع وتوفير السكن لهم ؛ملؤا بطون الفقراء بالرصاص القاتل وأسكنوهم في حفر مظلمة تحت ألأرض رحمة بهم !!وكما قال ألأرهابي ألزرقاوي{ من كان مؤمنا عجلنا له بالجنة ومن كان كافرا عجلنا له بالنار}.