23 ديسمبر، 2024 2:28 م

ألا الاستاذ الجامعي

ألا الاستاذ الجامعي

بالتزامن مع جو المظاهرات والاعتصامات والاصلاحات الموعودة .. خرجت علينا الاخبار بوجود سلم رواتب جديد تم اعداده ليكون اكثر عدالة ولتقليل الفوارق بين اصحاب المناصب العليا وصغار الموظفين .. الى هنا هذا شيء جيد وخطوة بالاتجاه الصحيح … لكن تبين بعد ذلك ان تقليل الفوارق هو بين صغار الموظفين انفسهم والذين هم رواتبهم قليلة بالاصل … يسحبون رواتب من فئة ويعطوها للفئة الاخرى ليعم الفقر وقحط العيش الجميع ويبقى المسؤولين الكبار اصحاب المناصب العليا في واد وباقي الموظفين في واد اخر … فحسب الاصلاحات الاخيرة الراتب الاسمي للنائب ستة ملايين وللوزير اربعة ملايين .. من دون المخصصات والمكافئات وقطع الاراضي والسيارات وتحسين المعيشة والنثريات والتي قد توصل الراتب الى اكثر من عشرون مليون.. بينما راتب اقل موظف مع المخصصات اربعمئة الف اي اقل بخمسين ضعف … اين العدالة الاجتماعية واين تقليل الفوارق … تقليل الفوارق بين المسحوقين فقط … والطامة الكبرى جائت بورود اخبار ان هناك نية بالغاء المخصصات الجامعية الخاصة باساتذة الجامعات كون رواتبهم فلكية (حوالي مليون ومئتين وخمسين الف للاستاذ الجامعي بدرجة دكتور في بداية تعيينه) حسب راي صانعي القرار ويعيشون برغد ونعيم وان الحل بتقليل رواتبهم كون هذه الرواتب فوق استحقاقهم ويعتبر هدر لاموال الدولة !!..

خرج الشعب ضد الظلم ضد الفساد ضد سراق المال العام خرج لالغاء مجالس المحافظات والاقضية والنواحي ومناصب المستشارين ومناصب الترضية وجميع ابواب هدر المال العام خرج ضد رواتب وامتيازات المسؤولين الفلكية ولم يخرج ضد رواتب من علمهم المسحوقة اصلا… خرج الشعب لاقتلاع الفساد المعشعش في جميع مفاصل الدولة ضد تسفيه العقول وتسويف الامور والضحك على الذقون خرج لاصلاح منظومة الدولة ومنها منظومة التعليم التي تعاني من الاهمال وقلة الدعم والتخصصيات … لتاتي التوجهات الجديدة ان صحت لتقضي على ما تبقى من هذه المنظومة …

ان الدول تبنى من خلال العلم والتعليم وان التقصير او المساس باي ركن من هذه المظومة يعتبر خيانة للوطن وامعان في تدميره وهو الفساد بعينه .. الا يعلم اصحاب القرار ان راتب الاستاذ الجامعي هو اقل من نظراءه في وزارات التربية والنفط والكهرباء كي يفكروا بتقليله .. الا يعلموا ان راتب موظف بسيط من موظفي الرئاسات الثلاث يزيد عن راتب الاستاذ الجامعي بالضعف من غير قطع الاراضي التي وزعت لموظفي الرئاسات الثلاثة والتي تقدر بمئات الملايين في حين اهمل الاستاذ الجامعي وترك يئن تحت وطأة الايجارات حيث لم يستلم اي استاذ جامعي ولو شبرا واحدا من الدولة (خصوصا في العاصمة) .. الا يعلموا ان اكثر من نصف راتب الاستاذ الجامعي يذهب للايجار والنصف الاخر لتوفير لقمة العيش … نخشى ان الجهل والامية قد ضربت اعلى مفاصل الدولة بحيث باتوا لا يفرقون بين الاستاذ الجامعي وواجباته ومتطلباته وبين موظف الخدمة المدنية … لكي تنهض الدولة بالتعليم لابد من توفير الاجواء المناسبة للكوادر التعليمية لكي يتفرغوا للعلم والابداع ولا ينشغلوا بامور الحياة … الاستاذ الجامعي يحتاج مبالغ لاجراء البحوث العلمية واجراء التجارب والاختبارات .. يحتاج مبالغ للنشر في المجلات العلمية المحلية والعالمية … مبالغ لحضور المؤتمرات الدولية .. مبالغ لشراء البحوث الحديثة والكتب للاطلاع على اخر التطورات والمستجدات العلمية واعداد المحاضرات وتطوير المناهج … كيف يؤدي الاستاذ الجامعي دوره ويقوم بواجباته وهو راتبه لا يسد رمقه .. والادهى من ذلك التفكير بتقليله

.. كيف ينهض التعليم؟ .. كيف يتطور البلد؟.. في البلدان المتقدمة والمجتمعات الراقية يكون راتب الاستاذ الجامعي اعلى من راتب الوزير .. ونحن يزيد راتب الوزير يزيد بعشرات الاضعاف عن راتب الاستاذ الجامعي … ولكي نقوم بالاصلاح نقلل من راتب الاستاذ الجامعي!! .. الم تسمعوا بقول المستشارة الالمانية العظيمة ميركل (التي اصبحت ملاك من ملائكة الرحمة بعد مواقفها النيلة تجاه النازحين المظلومين الذين تقطعت بهم السبل) حين خاطبت القضاة والاطباء الذين طالبوا بمساواة مخصصاتهم مع الاساتذة الجامعيين .. “كيف اساويكم بمن علموكم”.. اننا ندعوا السيد رئيس الوزراء د. حيدر العبادي والسادة اعضاء مجلس النواب الى محاربة اي توجه يدعو الى المساس بالعلم والتعليم .. والى دعم الكوادر التعليمية من خلال توفير العيش الكريم لهم وجعل مخصصاتهم مماثلة للمخصصات الواردة في قانون رواتب القضاة والمدعين العامين كخطوة اولى .. وصرف مخصصات بدل سكن لا تقل عن خمسمائة الف شهريا لغاية توفير السكن الملائم .. صرف المخصصات الهندسية للمهندسين من الاساتذة الجامعيين اللذين حرموا منها بدون وجه حق او سند قانوني .. صرف مخصصات الخطورة للاساتذة الجامعيين كونهم يتعاملون مع مواد كيميائية ونانوية خطرة اثناء اجراء التجارب والبحوث .. كما ندعوا الاساتذة الجامعيين الى تكوين نقابة خاصة بهم لتوحيد المواقف والدفاع عن حقوقهم لحين اقرار قانون نقابتهم المنسي في اروقة مجلس النواب