23 ديسمبر، 2024 7:18 م

ألآسراء والمعراج الحدث الفضائي الصادم للعقل العربي

ألآسراء والمعراج الحدث الفضائي الصادم للعقل العربي

سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام الى المسجد ألآقصا الذي باركنا حوله لنريه من أياتنا أنه هو السميع البصير -1- ألآسراء –
هذا هو ألآسراء الذي أستحق  تنزيه الله مما سيقول الكافرون والمشركون والجهلة وكذلك تنزيه نبيه مما سيقول المصدومون بالحدث وهو في نفس الوقت أختبارا وأختيارا للعقل المنفتح على معرفة مظاهر الكون ليكون عقلا علميا قائدا , ومن هنا بدأت قيادة العقل وريادة العلم في هذه ألآمة التي سترث قيادة العالم بالمهدي المنتظر الذي هو ألآخر صدمة للعقل التقليدي الجامد , وتشريف للعقل الذي يؤمن بالله ويصدق أنبيائه ويحب الناس ويتسامح ويشيع المودة والرحمة ويحرص على التنمية البشرية لسلامة ألآعراض وألآموال والنفوس لاكما يفعل التكفيريون ألآرهابيون الذين جعلوا من كلمة ” الله أكبر ” عنوانا للقتل والذبح والتخريب والدمار كما يجري اليوم في العراق وسورية واليمن والمنطقة والعالم مما جعل الصهاينة ألآسرائيليين يجدون ضالتهم في هذه الجرائم البشعة فيسارعون لآحتضان من يقوم بها تشفيا من المسلمين والمسيحيين وكل من عرف الله ووحده بعقل منفتح ولذلك فرح ألآسرائيليون بفوز ” مودي ” في أنتخابات الهند لا لشيئ ألآ لآنه ضد المسلمين وبالرغم من أن الهند تعتبر في مفهوم الجيوسياسي من دول ” ت البريكس ” وهو محور جديد يتعاطف مع محور الممانعة والمقاومة الذي جاء ” الفيتو ” الروسي – الصيني – الجديد في مجلس ألآمن ردا على مشروع القرار الفرنسي الذي دفعت به السعودية وايدته في التصويت كل من ألآردن وقطر وامريكا والمانيا وألآمارات في سبيل جعل سورية في عهدة محكمة الجنايات الدولية بحجة ممارسة ألآرهاب غير المشخص تحديدا من قبل الداعين لتطبيق القرار , لآن الغرض هو التشويش وأدخال سورية تحت الفصل السابع أمعانا في جعلها دولة فاشلة أنتصارا للارهاب التكفيري الذي لايجرأون على أدانة جرائمه في سورية وهو صناعتهم في الوقت الذي يعلنون خوفهم من تسرب عناصره الى بلدانهم ؟

وهذا  الموقف يمثل فشل العقل ألآمريكي وألآوربي وفشل المشروع الديمقراطي وتطبيقاته في المنطقة والعالم , وهي صدمة للعقل العلماني الذي لم يكتشف الميزات الكامنة بالعقل ألآيماني لقيادة العالم والذي أعد أعدادا نهائيا منذ حادثة ألآسراء والمعراج والتي سنتعرف على أبعادها السايكولوجية والمعرفية .

وألاسراء حدث فضائي بالمفهوم العصري حدث ليلا بعد صلاة المغرب والعشاء من دار أم هاني أخت علي بن أبي طالب وزوجها هبيرة بن أبي وهب المخزومي وكان الرسول “ص” نائما تلك الليلة في بيتها – مجمع البيان في تفسير القرأن – ج6ص396 – والمراد بالمسجد الحرام هنا مكة ومكة والحرم كلها مسجد .

وسورة ألآسراء وأيتها نزلت في أسرائه “ص” وكان ذلك بمكة صلى المغرب في المسجد الحرام ثم أسري به في ليلته ثم رجع فصلى الصبح في المسجد الحرام وكان ألآسراء الى بيت المقدس , ولم يكن رؤية منام كما زعم بعضهم فهو باطل , وروايات ألآسراء والمعراج  رواها كثير من الصحابة مثل : أبن عباس , وأبن مسعود , وأنس , وجابر بن عبدالله , وحذيفة , وعائشة , وأم هاني , وغيرهم – مجمع البيان – ج6ص395 – وزمان الحدث هو قبل الهجرة بسنة .

وأما المعراج فقد شرحته سورة ” النجم ” قال تعالى :-

والنجم أذ هوى -1- ماضل صاحبكم وماغوى -2- وماينطق عن الهوى -3- أن هو ألآ وحي يوحى -4- علمه شديد القوى -5- ذومرة فأستوى -6- وهو بألآفق ألآعلى -7- ثم دن فتدلى -8- فكان قاب قوسين أو أدنى -9- فأوحى الى عبده ما أوحى -10 – ماكذب الفؤاد ما رأى – 11- أفتمارونه على مايرى – 12- ولقد رأه نزلة أخرى -13- عند  سدرة المنتهى -14- عندها جنة المأوى -15- أذ يغشى السدرة مايغشى -16- مازاغ البصر وما طغى -17- لقد رأى من أيات ربه الكبرى – 18-

والمعراج هو الصعود في السماء , وجاء في قصة المعراج ماروي أن النبي “ص” قال : أتاني جبرائيل “ع” وأنا بمكة فقال قم   يامحمد فقمت معه وخرجت الى الباب فأذا جبرائيل ومعه ميكائيل وأسرافيل فأتى جبرائيل “ع” بالبراق وكان فوق الحمار ودون البغل خده كخد ألآنسان وذنبه كذنب البقر وعرفه كعرف الفرس وقوائمه كقوائم ألآبل عليه رحل من الجنة وله جناحان من فخذيه خطوه منتهى طرفه فقال أركب فركبت ومضيت حتى أنتهيت الى بيت المقدس , ثم قال فلما أنتهيت الى بيت المقدس أذا ملائكة نزلت من السماء بالبشارة والكرامة من عند رب العزة وصليت في بيت المقدس وفي بعضها بشر لي أبراهيم في رهط من ألآنبياء ثم وصف موسى وعيسى ثم أخذ جبرائيل “ع” بيدي الى الصخرة فأقعدني عليها فأذا معراج الى السماء لم أر مثلها حسنا وجمالا فصعدت الى السماء الدنيا ورأيت عجائبها وملكوتها وملائكتها يسلمون علي ثم صعد بي جبرائيل الى السماء الثانية فرأيت فيها عيسى بن مريم ويحيى بن زكريا ثم صعد بي الى السماء الثالثة فرأيت فيها يوسف ثم صعد بي الى السماء الرابعة فرأيت فيها أدريس ثم صعد بي الى السماء الخامسة فرأيت فيها هارون ثم صعد بي الى السماء السادسة فأذا فيها خلق كثير يموج بعضهم في بعض وفيها الكروبيون ثم صعد بي الى السماء السابعة فأبصرت فيها خلقا وملائكة وفي حديث أبي هريرة رأيت في السماء السادسة موسى ورأيت في السماء السابعة أبراهيم “ع” قال ثم جاوزناها متصاعدين الى أعلى عليين ووصف ذلك الى أن قال ثم كلمني ربي وكلمته ورأيت الجنة والنار ورأيت العرش وسدرة المنتهى ثم رجعت الى مكة فلما أصبحت حدثت به الناس فكذبني أبوجهل والمشركون وقال مطعم بن عدي أتزعم أنك سرت مسيرة شهرين في ساعة أشهد أنك كاذب قالوا ثم قالت قريش أخبرنا عما رأيت فقال مررت بعير فلان وقد أضلوا بعيرا لهم وهم في طلبه وفي رحلهم قعب مملوء من ماء فشربت الماء ثم غطيته كما كان فسألوهم هل وجدوا الماء في القدح فقالوا هذه أية واحدة قال ومررت بعير بني فلان فنفرت بكرة فلان فأنكسرت يدها فسألوهم عن ذلك فقالوا هذه أية أخرى قالوا فأخبرنا عن عيرنا قال مررت بها بالتنعيم وبين لهم أجمالها وهيئاتها وقال تقدمها جمل أورق عليه قرارتان محيطتان ويطلع عليكم عند طلوع الشمس قالوا هذه أية أخرى ثم خرجوا يشتدون نحو التيه وهم يقولون لقد قضى محمد بيننا وبينه قضاء بينا وجلسوا ينتظرون متى تطلع  الشمس فيكذبوه فقال قائل والله أن الشمس قد طلعت وقال أخر والله هذه ألابل قد طلعت يقدمها بعير أورق فبهتوا ولم يؤمنوا – مجمع البيان – ج6 ص 396 –

وهناك تفاسير كثيرة لمعنى ” والنجم أذا هوى ” وكل ينطلق من فهم عصره , ونحن من فهم عصرنا وما تركه لنا أهل البيت عليهم السلام من علوم رسول الله “ص” حيث قال ألآمم علي “ع” : سلوني قبل أن تفقدوني فأني أعلم بطرق السماء , وعلم الفضاء اليوم صار يقدر المسافات بالسنين الضوئية , وحركة النجم وهو يهوي فيها من السرعة مالايعلمها ألآ الله , وبهذه السرعة أراد الله سبحانه وتعالى أن يقرنها بأسراء النبي “ص” على ظهر البراق من مكة الى بيت المقدس , وأن يقرنها كذلك بصعود النبي “ص” ومعه جبرائيل الذي أخذ بيده من الصخرة الى السماء الدنيا مرورا بالسموات السبع ثم الى سدرة المنتهى والعرش , فكان ألآسراء سفرا من مكة الى بيت المقدس , وكان المعراج صعودا في السماء , وبهذا المعنى فأن رسول الله “ص”  هو أول رائد للفضاء بقدرة الله , ولايجوز مقارنة رواد الفضاء الذين عرفهم عصرنا به لعدم وجود المشابهة والمقارنة في كل حيثيات السفر الفضائي في رحلة ألآسراء والمعراج .

وألآسراء والمعراج حدث فضائي غير مسبوق بتفاصيله وما صاحبه من أنكار العقول الجامدة التي عرفت بشركها وكفرها لآنه عندما نزلت السورة أخبر بذلك عتبة بن أبي لهب فجاء الى النبي “ص” وطلق أبنته وتفل في وجهه وقال كفرت بالنجم ورب النجم فدعا عليه رسول الله “ص” وقال أللهم سلط عليه كلبا من كلابك فخرج عتبة الى الشام فنزل في بعض الطريق والقى الله عليه الرهب فقال لآصحابه أنيموني بينكم ليلا ففعلوا فجاء أسد فأفترسه من بين الناس وفي ذلك يقول حسان :-

سائل بني الآصفر ن جئتهم .. ماكان أنباء بني واسع

لا وسع الله له قبره … بل ضيق الله  على  القاطع

رمى رسول الله من بينهم .. دون قريش رمية القاذع

فسلط الله  به  كلبه …… يمشي الهوينا مشية الخادع – مجمع البيان – ج9 ص 179 –

فهذا هو الحدث الفضائي غير المسبوق في تاريخ العرب والبشرية , وأنما أختير العقل العربي للآمتحان وألاختبار لآن فيهم من سيكون له مكان الصدارة في قيادة العالم ومنهم من قال الرسول “ص” عنهم مبشرا بتميزهم بالعلم اللدني : لاتعلموهم فهم معلمون ” وأمثالهم في القرأن الكريم قد تمت ألآشارة اليها مثل ” العبد الصالح ” الخضر صاحب موسى “ع” ومثل صاحب النبي سليمان الذي عنده علم من الكتاب والذي جلب عرش بلقيس من سبأ الى أرض الشام حيث مملكة سليمان , ومثل الرجل الجوال في الزمن ألآول وهو ذو القرنين الذي مكن له الله تعالى في ألآرض فجال فيها من مشرقها الى مغربها وهو أول من بنى السدود كما في سورة الكهف ألاية ” 84″ – أنا مكنا له في ألارض وأتيناه من كل شيئ سببا ” , ولهذا لايكون حديث ألآمام المهدي عجل الله فرجه الشريف مستغربا , والذين أنكروه سقطوا في ألآمتحان كما سقط عتبة بن أبي لهب وغيره من كفار قريش ومشركي العرب وأصحاب العناد من أهل الكتاب .

والعناد ورفض الحقائق سايكولوجية بشرية لازالت متفشية بين المجتمع البشري , وما مواقف الدول الكبرى اليوم التي تسهل للمجموعات التكفيرية ألآرهابية عملها وتجهزها بكل ماتحتاج بحجة ألآسلحة غير الفتاكة , مثلما سهلت ظهور دويلة سرائيل ووفرت لها كل مقومات البقاء والعدوان ناسية قول العقلاء : ” كل باغ مصروع ” وأسرائيل لامحالة مصروعة وعلامات ضعفها منذ أنسحابها من جنوب لبنان عم 2000 م ثم في حرب تموز عام 2006 , وعم 2008 , 2012 واليوم تبدو أسرائيل خائفة مترددة من مواجهة حزب الله في لبنان الذي عمل بعقل أيماني منفتح على التكنولوجيا الحديثة , وظهر تسامحا قل نظيره في تجارب الحروب والصراعات مما جعل الناس تحترمه وتميل اليه يتساوى في ذلك المسلم والمسيحي ألآ الذين في قلوبهم مرض وهم الذين كشفتهم دعوات ألآنبياء وختبرتهم بشكل نهائي رسالة ألآسلام عبر حدث ألآسراء والمعراج وعبر حدث بيعة الغدير التي زلت فيها أقدم , وحدث أنتقال الرسول “ص” الى الرفيق ألاعلى حيث حدث أنقلاب بعض العقول كما صرح بذلك القرأن الكريم مستبقا زمان الحدث .

أن ألآشكال الذي تواجهه البشرية اليوم ويعرض العالم الى هزات وكوارث ومصائب هو نتيجة لسايكولوجية الرفض والعناد التي لاترتكز على مقومات صالحة للحوار , ولذلك نجد أبواب الحوار متعثرة في أغلب مناطق العالم وبين أغلب الشعوب وألآحزاب ومثالها مايجري من خلاف بين أعضاء مجلس ألامن الدولي , ومايجري من خلاف بين بعض الاحزاب اللبنانية والسورية والمصرية والعراقية , ومايجري من خلاف بين أيران ومنظومة 5+1 , ومايجري من خلاف بين الهند وباكستان حول كشمير , ومايجري بين الكوريتين , ومايجري بين أمريكا وروسيا ألآتحادية حول أوكرانيا , ومايجري من خلاف بين الجمهورية ألآسلامية في أيران والمملكة السعودية , وما يجري بين دول أمريكا الاتينية وأمريكا , ومايجري بين الدول ألآفريقية وأخرها مشاكل المياه , كل ذلك يجري بعقلية العناد وألآستحواذ الذي يرفض فضاءات العقل المتحرر , فيضع عقبات عدم القبول سواء للقضايا الشخصية والمجتمعية و سواء للقضايا ذات البعد المعرفي ومنها قضية  ألآسراء  والمعراج كحدث فضائي مرتبط بمعارف الكون وفيزياء الفضاء وسايكولوجية الفهم المرتبط عميقا بالذات وطبيعة تكوينها عبر ظروف النشأة وعوامل الموروث ألآجتماعي .