المنجم كالكاهن والكاهن كالساحروالساحركالكافر والكافرفي النار – ألآمام علي بن أبي طالب –مع كل نهاية سنة وبداية سنة جديدة تزدحم الفضائيات بالمنجمين وقارئي ألآبراج وكهنة التنبؤات , وتترك تنبؤاتهم على المشاهدين والمستمعين لاسيما الذين لايمتلكون ثقافة عصرية سليمة , تترك أثارا سلبية يغلب عليها التشاؤم من المستقبل , والقنوط واليأس من الحياة وخصوصا في وسط الشباب , وأستمرار هذه الحالة التي أصبحت ظاهرة كثر فيها المنجمون وتعددت فيها التنبؤات , وأصبحت قراءة ألآبراج وكأنها حقيقة خالية من الشكوك , وألآمر ليس كذلك , ثم أن هذه الممارسات ممنوعة في أغلب القوانين الوضعية والدساتير , وهي ممنوعة وغير مقبولة علميا , وهي ممنوعة ومرفوضة من الناحية الشرعية وهي من أعمال الشعوذة , ومن أجل حماية ثقافة الناس , والحرص على أشاعة ألآمل الذي يمتلك أصلة تتهوى أمامها كل مدعيات الشك والريبة التي تفترس نفوس بعض الناس فتجعل الكأبة ملازمة لحياتهم وتجعل اليأس يلاحقهم كما يلاحق الظل الجسد , ولهذا نرى تراجع النشاط وضعف الحيوية وقلة ألآنتاج لدى من يصبحون فريسة تلك التنبؤات وضحية أدعاءات التنجيم وقراءة ألآبراج .
ومع الميل التجاري المفرط لدى بعض الفضائيات الذي شجع المنجمين وقارئي الكف وألآبراج وكهنة التنبؤات والذين وجدوا في الفضائيات مكانا مناسبا لآشباع رغباتهم وسعيهم في الحصول على ظهور يجعل منهم يتحكمون بمشاعر الناس ويتلاعبون بعواطفهم , ونتيجة غياب ثقافة تحصن فكرهم , مع عدم قدرة الطب على حل وعلاج ألآمراض المستعصية مما جعل العشابة يدخلون ميدان الطب والعلاج بدون مؤهلات مستغلين حاجة المريض وعجز الطب تجاه ألآمراض المستعصية , ورغم صحة وجود مؤشر علاجي لبعض ألآعشاب ولاسيما أن بعض المستحضرات يتم أستخلاصها من ألآعشاب , ألآ أن المشتغلين بألآعشاب تحولوا الى منتحلي صفة تجارية على حساب صحة المريض وعلى حساب علم الطب فأصبحوا كالمنجمين والكهنة وأصحاب التنبؤات وألآبراج مما شكل كارتلا جشعا دون وجود حماية للمواطن من جشعهم ودجلهم وكذبهم , وبهذه المناسبة ونحن نرى اللقاءات الفضائية تخصص ساعات طويلة للحديث عن ألآبراج والتنجيم وقراءة الكف والتنبؤات عن أحداث عام 2015 بأعتبار ذلك مايشغل أهتمام الناس ليس في العراق والمنطقة وأنما في العالم , وأصبح المنجمون والكهنة وأصحاب التنبؤات يستحوذون على مساحات كبيرة في السياسة , بل أنهم أختطفوا السياسة من السياسيين , والطب من ألآطباء والدين من علماء الدين وفقهاء الشريعة , وأصبحوا يتمتعون بأمتيازات مالية جعلت لهم أو لبعضهم طائرات خاصة وحجوزات في الفنادق خاصة , وتنقلات تثير ألآهتمام كل ذلك لسرقة ألآضواء وجلب أنتباه الناس لاسيما الذين يتأثرون بثقافة الصورة والمظهر المبالغ فيه , فبعضهم بدأ يرتدي زيا ملفتا للنظر وغير مألوف كل ذلك جلبا لآهتمام الناس .
ولقد عرفت بعض أسماء المنجمين والمتكهنين وقارئي ألآبراج والعشابة من المتطفلين على الطب والدين من الذين يدعون العلاج بالرقية , وهؤلاء أصبح لبعضهم فضائيات خاصة وبعضهم أصبحت له برامج خاصة وثابتة في بعض الفضائيا ومن المؤسف أن بعض الممثلين المرموقين أصبحوا مقدمي برامج أولئك القائمة على الدجل وأستغلال حاجة الناس لاسيما المرضى منهم , فالمدعو الشيباني الذي يفرض على المتصلين به دفع مبلغ “600” دولار قبل أن يعطيه رأيه وهذا المبلغ لايأخذه أشهر أطباء العالم وهو لم يدرس الطب ولا علوم البيولوجيا ولاعلوم الدين و يدعي أنه يعالج السرطان وألآمراض المستعصية بالقرأن مستغلا قوله تعالى ” وأذا مرضت فهو يشفين ” وناسيا قول الرسول “ص” ما أنزل الله من داء ألآ وجعل له دواء فتداووا ياعباد الله ” وهو مايفرض ضرورة العلم في الطب والتدرج في مستويات التجربة والملاحظة للوصول الى نتائج قائمة على أصول علمية معترف بها في أوساط علماء ذلك ألآختصاص .
ومن ألآسماء التي أصبحت معروفة بالتنبؤات نهاية وبداية كل سنة هم كل من : مايك فغالي , وليلى عبد اللطيف , وميشيل حايك , وماغي فرح ,وكلهم لبنانيون ومعهم مصري يظهر على قناة البغدادية , ولقد تنبأ مايك فغالي في السنة الماضية 2014 بمائة وثمانين تنبؤءا وهو أكثرهم وأغلب تنبؤاته لم تصدق مثل ضم البحرين الى قطر , وقدمت ليلى عبد اللطيف أربعين تنبأ لم تصدق منها ألا سبعة تنبؤات , وكذلك الحال مع ميشال حايك الذي يعتبر أقلهم , أما المتنبئ المصري فلم يتسنى لنا متابعة تنبؤاته في السنة الماضية , ومن المناسب أن نلفت أنتباه القراء الى أن التنبؤات غيب مطلق لايجوز للآنسان أن يدعي أنه يعرف المستقبل ويجزم به حتى وأن راودته حاسة خاصة وخيال أستثنائي , ثم أن سنة الحياة قائمة على : السعادة , أو الشقاء , والفرح والحزن , وألآمل والرجاء واليأس والقنوط , واللقاء والفراق , والزواج والطلاق , والحياة والموت , والغنى والفقر , والصحة والمرض , والقناعة , وعدمها , والرضا والسخط , والنجاح والفشل , والشجاعة والجبن , والكرم والبخل , وقصر العمر وطول العمر , وكل هذه وبعضا حتما تقع في حياة كل واحد منا وبالتالي فكل برج من أبراج كل واحد منا لابد وأن تظهر في حياته واحدة من مفردات الحياة التي ذكرنا , والذين يدعون المعرفة بألآبراج يكذبون على الناس ويقدمون معلومات عامة من أرشيف الحياة فيصدقها الذين لايعرفون خلفياتها , ومن المفيد أن نذكر القراء أن مدينة بابل بالعراق قبل أربعة ألاف سنة أشتهر علماؤها بألآبراج لآن حسابهم كان قمريا , وهم أول من وضع ألابراج والمنازل للشمس والقمر , ولكن بعد تطور التلسكوبات وتطور علم الفضاء أصبحت معلومات البابليين بدائية , وبعد أكتمال رسالة الدين وأصبح مفهوم السماوات وألآرض مفهوما كونيا مرتبطا بمفهوم العبادة والقدرة , وأصبح مفهوم التمكين مرتبط بقدرة الله تعالى الذي أمر ألآنسان بالعلم والعمل ” أن أستطعتم أن تنفذوا من أقطار السماوات وألآرض فأنفذوا لاتنفذون ألآ بسلطان يرسل عليكم شواظ من نار ونحاس فلا تنتصران ” وكشوفات رحلات الفضاء أيدت ذلك فدرجات الحرارة التي تصل الى ” 500 ” عند بعض الكواكب لايمكن تجاوزها بالنسبة للآنسان , والحمم الشمسية ودرجات حرارتها التي تصل ” 15000″ في أطرافها والى ” مليون ونصف في عمقها ” هو مايمنع ألآنسان وكل المخلوقات من التقرب منها .
أننا بحاجة الى ثقافة تحصن وعي الناس وبحاجة لوعي ينفتح على الحياة بقوة التجربة والملاحظة مقرونة بقوة ألآيمان بالله حتى نتمكن من بناء أوطاننا والعالم بناءا يتكامل مع السماء ولايعاكسها , فالتكامل مع السماء تقدم وسعادة وأطمئنان