من جملة ما سمعناه من اهلنا وما اكثر الذي سمعناه ولم نكتثرت له، وما اكثر الذي لم يعجبنا سماعه. وما اكثر ما اضعنا.
قالوا:” من رأى مصائب الاخرين هانت عليه مصيبته” ويبدو ان مصائبنا كعراقيين قد فاقت التصور واصبحت تحتاج لمصطلح جديد وصار من الانسب القول: “من رأى مصائب العراقيين هانت عليه مصائب الدهر”وكأننا على موعد من النوائب بل هامت بنا عشقاً وشغفناها حباً فلا يهدأ لها جفن ولا يرتاح لها بال إلا اذا حطت بين ظهرانينا فما ان نخرج من ازمة حتى نجد اختها الادهى والافضع قد تهيأت لتتلقفنا بشغف.
ملامح اليأس والقنوط والاحباط والتشاؤم ترتسم محفورة بعناية على الوجوه المتعبة والعيون التي طاف بها الجهد والسهد لكل من نلتقي بهم ومن نصبحهم ونمسيهم. عبارات التصبّر؛ وسوف؛ وان شاء الله؛ ولعلّ؛ و”بيها صالح؛وعسى؛و بلكي” بتنا نخجل منها ونحن نعلل الاولاد والنسوان بها فنلجأ للهروب من انفسنا وممن نعدهم ونمنيهم وتضيق بنا السبل.
واوجع ما يدمي القلب؛ ويحزن النفس: ان اسمع من يقول يائساً ليت الذي جرى ماجرى! وقد سمعت، ولا والله يجب ان يجري من سنين وسنين! ولكن بغير هذه الصورة وباعشار اعشار هذا الثمن الخرافي! ترى هل هنالك علاقة بين ما يجري وبين “اكل الاباء اعناباً لم تنضج فضرست اسنان الابناء”؟!.
أم كيفما تكونوا يول عليكم؟!.
أم ماذا؟.
قد أجد عند صديق العمر “ابو حارث” تفسيراً مقنعاً ومتنفساً مؤقتاً فقد هوّنت عليّ مصيبتي في ذلك الشهر مصيبته الامرّ والادهى ؛اذ قُتل ابنه ذو السابعة عشرة من عمره حين شبت النار في عجلة ال ( تك تك ) اثناء مشاركته في تظاهرات ساحة التحرير.
(حارث) كان يعيل والديه واخوته من خلال عمله بأجور يومية كسائق (تك تك)تعود لأحد أصدقاء والده في مدينة الثورة وقد ذهب للعمل في ساحة التحرير بترغيب واغراء بعض اصدقائه ودون علم اهله ودون موافقة مالك (التك تك).
أصدقاء (ابو حارث) وجيرانه جمعوا مبلغ (التك تك)وسلموه لمالكها ؛الرجل تنازل عن حقه وطلب منهم مرافقته الى بيت (ابي حارث) ليسلموه المبلغ مواساة لعائلته وجبرا لخاطرهم .