18 ديسمبر، 2024 4:58 م

أكراد سوريا من “pkk” إلى الأسد

أكراد سوريا من “pkk” إلى الأسد

يحلم كرد سوريا أو سكان “روجافا” مثلما يعرف عنهم باللغة الكردية التي تعني “غرب كردستان الكبرى” في الحصول على إدارة ذاتية او إقليما أشبه بإقليم كردستان العراق، وذلك مكافأة لما قدموه في حربهم ضد تنظيم “داعش” الإرهابي والسعي لتطبيق نظاما ديمقراطيا يعبر عن ثقافتهم ويضمن حقوقهم، لكن هذه الأحلام تلاشت مع غياب الرؤية المستقبلية في الشمال السوري ذات الأغلبية الكردية لتضارب مواقف الإدارة الأميركية بعد سحب قواتها من مناطقهم، واستقرار النظام السوري المحمي روسياً، فضلاً عن وجود النفوذ التركي وحلفاؤه مما يسمى بالمعارضة السورية.

أبناء هذه المناطق لم تفرقهم الاختلافات الدينية المنقسمة بين الإسلام والايزيديية والطائفة العلوية، الا انهم انقسموا سياسيا لثلاث جهات كل منها تعتقد لها الأحقية بتمثيل الكرد: الأولى إفراد مع نظام بشار الاسد وهم لا يغيروا شي من الوضع الكردي سوى استخدامهم بالضجيج الاعلامي لا اكثر. الثاني المجلس الوطني الكردي الذي يمتلك قوة عسكرية لم تخوض معارك على الرغم من التدريبات التي تقلوها في اقليم كردستان، وليس لديهم حظوظ بمسك الارض وشغلها ادارياً لتصنيفهم على القوائم السورية المدعومة من تركيا، والسيطرة على الشمال السوري يعني حصول اقتتال “كردي _كردي” مع ابناء قوميتهم من حزب الاتحاد الديمقراطي الذي يعد الجناح السوري لحزب العمال الكردستاني “PKK” او حليفهم الفكري كما يحبون هذه التسمية تطلق عليهم.

الجهة الثالثة وعي الاقوى بالمعادلة الكردية حزب الاتحاد صاحب جماهير وانصار داخل سوريا وخارجها وتمثيل دبلوماسي وعلاقات جيدة مع الدول صانعة القرار بشأن دمشق ومستقبلها، كذلك تمتلك جناحا عسكريا (وحدات حماية الشعب) التي تعد العمود الفقري لقوات سوريا الديمقراطية “قسد” وان هذا الجناح تخرج من الخبرات القتالية لقيادات جبل قنديل (معقل pkk) كما تتخذ من عبدالله اوجلان زعيم العمال الكردستاني مرجعا فكريا، وخاضت معارك شرسة ضد تنظيم “داعش” مع حلفاؤها العسكر من الامريكان والفرنسيين ولديها تفاهمات جيدة مع قوات النظام السوري.

اما سياسيا فما زال الحزب فتياً في دهاليز هذه اللعبة خاصة وان تعامله مع دول لها شأن كبير بالشرق الأوسط او لا يتخذ قرار بدون موافقتهم او لمساتهم مثل الولايات المتحدة الأميركية وروسيا المتنفذين بالشأن السوري.

الجناح السوري لـ “pkk” علقوا كل أمالهم سابقاً على الولايات المتحدة الأميركية بأنها لن ولم تتخلِ عنهم وسيذهبون بتحقيق حلمهم انشاء الادارة الذاتية لكن سرعان ما هفتت نيران المعارك واستقر الامن في سوريا نسبيا قياساً في السنوات الماضية حتى قررت اميركا سحب قواتها من دون الالتفات اين سيكون موضع حلفاؤهم الكرد، وانهم لم ياخذوَ درساً من واشنطن بانها لا تهتم للعرب او الكرد المسلمين او العلمانيين بقدر بحثتها عن مصالحها عندما بقت متفرجة بفرض الحكومة العراقية سيطرتها على محافظة كركوك (ايلول 2017) وطرد القوات الكردية “بيشمركه” منها.

القرار الاميركي بالانسحاب من الشمال السوري، وضع كرد سوريا جعلهم في خيارا واحدا ليس اكثر القبول بادارة النظام السوري لمناطقهم سياسيا واداريا وتكون قواتهم العسكرية تابعة للمنظومة العسكرية السورية مع منح سلطات النظام الحقوق التعليمية والثقافية لأبناء القومية الكردية، لان بقاؤهم بشكل مستقل سيدفع تركيا لاحتلال مناطقهم وجعلها عفرين ثانية، ولا يستطيع حتى مقاتلو حزب “pkk” حمايتهم لبعدهم عنها وسهولة تضاريس مناطق سوريا التي تساعد لانتصار الجيش التركي .

وهذا أفضل الخيارات من البقاء وحيدا او الذهاب لابرام اتفاقيات مع روسيا خاصة التجارب الكردية الروسية سيئة جدا بسبب افعال موسكو سابقا ومنها فتح الأبواب امام العمال الكردستاني (1997) واحتضان قادتهم وبنفس العام قامت روسيا بيع السلاح لتركيا لقصف جبال قنديل، كما ان الإدارة الروسية تقف اليوم مساندة ومدافعة عن النظام السوري وتفضله على شمال سوريا وأكرادها وغيرهم.