هنا محور المشكلة دائماً. السلطة العراقية لم تستطيع ضبط إيقاع الإعلام العراقي بصورة مباشرة، لعدة عوامل منها: تعدد منابر الإعلام الحربي والحزبي، وأيضا عدم وجود تشريع خاص يقنن العمل الإعلامي بصورة صحيحة وجيدة.
معركة “الثرثار” وزعزعة الرأي العام، وهدم المعنويات كانوا احد ضحايا الانفلات الإعلامي وتوحيد مصدر الخبر. لم تكن المعركة الأخيرة “مجزرة” كما وصفها البعض، وإنما مواجهه مشرفة قام بها أبطال الفرقة الأولى ضد عصابات مجرمة وراح ضحيتها شهداء أبرار.
ملابسات الحادث تكمن في مهزلة مصدر الأخبار.! الفيديو الذي نشره ” تنظيم الدولة” ذو الدقيقتين لم يكن سوى إطلالة إعلامية مزيفة كالعادة. ثلاث جنود قتلى ومعدات حربية خفيفة وسيارات وبعض الغرف المهجورة. ثم بُث للإعلام قيامه بإعدام 150 جندياً على يده. لا ندري هل “داعش” طرفاً مهماً في نقل الحدث؟ كيف يمكن للمؤسسات الإعلامية الأخذ بكلام العدو بصدق تام.
إذا كانت الفرقة الأولى هي المحاصرة، ألم يكن عددها أكثر من ألف جندياً حتى تكون فرقة في المفهوم العسكري؟ أين ذهبت بقيت الأعداد؟ الخبر الذي صرحت به “داعش” لم يكن مدروساً بشكل صحيح، لكن منابره الإعلامية هي الأداة التي من خلالها تهول الأحداث.
هذه هي الحرب النفسية وإدارة “التوحش” التي تعتمدها “داعش” لا إسقاط المدن دون قتال. وخصوصا بعد ما فقدت مراكزها في الانتصارات الأمنية للقوات المشتركة. كم من مدينة سقطت سابقا دون مقاومة نتيجة بث الرعب والإشاعات الكاذبة؟
السياسيون العراقيون ينتظرون الشاشة لترفد معلوماتهم المحدودة عن الوضع، لم يبحثوا ولم يتصلوا او يتقصوا، وإنما سارعوا لكتابة بيانهم ، ليكونوا هم الحاضرون الأوائل أمام من يريد أن يعرف.
“مجزرة الثرثار” خديعة إعلامية ضحلة، كان من المفترض الأخذ بتقرير وزارة الدفاع، ولم نكتفي بنفي “سعد معن” للخبر. فهي مسألة عسكرية تحل بأداة عسكرية وليس إعلامية. لِمَ نترك لــ”داعش” مشاعرنا تتحكم بها؟