في كل شاردة وواردة يحضرني ماكتبه الدكتور علي الوردي في مذكراته” كنت في امريكا فنشب صراع عنيف بين فريقين من المسلمين المغتربين بشان عمر وعلي رض الله عنهما، فسألني احد الاساتذة الامريكان عنهما هل يتنافسان على الرئاسة في بلادكم؟! قلت لا انهم قادة الامة قبل 1400عام والنزاع الذي تراه اليوم بشأن احقهما في الخلافة ،فضحك الامريكي حتى كاد ان يستلقي على قفاه وضحكت معه وشر البلية ما يضحك”
وبناء على ماتقدم فأننا كثيراً ما نسمع من بعض -الفضائيين- ممن قضُّوا مضاجعنا، واستباحوا دمائنا، واستخفوا بمشاعرنا، واستهانوا بعقولنا، بإطلالتهم الكالحة غير المرحب بها، عبر وسائل الاعلام العربية والاقليمية فضلا عن المحلية ، أقاويل ، بل قل اباطيل لاكتها ألسن القصاص ممن عرفوا بالتدليس وتزييف الحقائق ونبش صحائف الماضي الصفراء وياليتهم نبشوا في الجميل المشرق ، وانى لهم ذلك وقد عاشوا واسترزقوا على انعاش روايات لم تصمد امام الحق لأن نقلتها وبأجماع المحدثين ،فضلا عن المؤرخين “كذبة ممخرقون “.
ولعل ماكتبه أحدهم قبل ايام مستدعيا الى الذاكرة رواية هزيلة نصها “اقتلوا نعثلاً فقد كفر ” ظنا منه انه قد أصاب للحقيقة كبدا بسهم ثاقب لم يصب من قبل ولن يصب من بعد وأقول له لقد جاءت هذه الرواية من طريق سيف بن عمر الذي قال عنه يحيى بن معين ، وابن أبي حاتم ” ضعيف الحديث ،” وقال النسائي عنه ” كذاب “، وقال ابن حبان ” يروي الموضوعات عن الأثبات “، وقالوا ” إنه كان يضع الحديث “، وقال الدارقطني ” متروك “، وقال ابن أبي حاتم ” ” متروك الحديث ، يشبه حديثه حديث الواقدي”، وقال عنه أبوداود ” ليس بشيء “وقال ابن عدّي ” عامّة حديثه منكر “.
وفي سلسلة الرواية ايضا ، نصر بن مزاحم الذي قال فيه العقيلـي “في حـديثه اضطراب وخطأ كثـير وقال فيه الذهـبي ” جـلد، تركوه ” وقال أبو خيثمة” كان كذابـاً،” وقـال أبو حاتم” واهي الحديث، متروك” ، وقال الدارقطني” ضعيف” وقال فيه الجوزجاني ” كان نصر زائفاً عن الحق مائلاً” ، وقال صالح بن محمد” نصر بن مزاحم روى عن الضعفاء أحاديث مناكير” وقال الحافظ أبي الفتح محمد بن الحسين” نصر بن مزاحم غال في فكره ، بوناء على ذلك فأن الرواية لا يعول عليها ولا يلتفت إليها لامن بعيد ولم من قريب .
بقي ان نعرف إن تسمية عثمان بنعثل لم تجر الا على ألسنة قتلته وأول من سماه بها جبلة بن عمرو الساعدي ،ونعثل تعني كما جاء في لسان العرب ” الشيخُ الأَحمقُ ” أو “طويل اللحية وقد كنوه بالثانية بعد ان لم يجدوا فيه عيبا يستحق الأزدراء وكفى بالمرء نبلا ان تعد معايبه .
حقا ان الضعفاء يتحمسون للأشخاص ..فيما الأقوياء يتحمسون للمبادئ فأختر لمن تتحمس لتكون قويا او ضعيفا ..وما أجمل ان تتحمس لشخص يحمل مبادئ ويدافع عنها بكل ماأوتي من قوة ..شجرة راسخة في عمق الأرض ،اغصانها كالصقور تحلق عاليا في سماء الحرية ، واعلم ان المهم في التأريخ هو صناعته لا كتابته لأن المنتصر هو من يكتب التأريخ دوما ولكن الأقوى وان هزم هنيهة ..حقبة … مدة هو من يصنعه ، فكن صانعا للتأريخ كعثمان رضي الله عنه ولاتكن كاتبا للتأريخ كناقل اكذوبة ” اقتلوا نعثلا فقد كفر ” .