الحزن ألم نفسي يصاحب الانسان منذ طفولته ولايقوى على الصمود امامه ، تصاحبه مشاعر سلبية يعيشها الانسان الاسى ، الكآبة ، اليأس , يولد لديه انفعالات وتصرفات وخمول يقلل نشاطه ويكون منفعلاً عاطفياً وانطوائياً , إزاء فراق عزيزٍ , وقوع تغيُّرات كبيرة في حياة المرء ، فقدان العمل ، شعور المرء بأن الآخرين لم يعودوا بحاجة إليه , فشله في المدرسة وانحباس قدراته وتبدد احلامه , ومعاملة غير انسانية من قبل عائلته , قصر اليد والعوز وبيئة ملوثه وفقد احبه وخيانة حبيب, رسمت اثارها على سلوكه آهات والآم . وهو موروث من اعماق الظروف الصعبة التي عاشها الانسان بدأ من طفولته وبيئته عندما كانت والدته تترنم بآهات ونغمات حزينة وهي تداعب مهده قبل منامه تبث مشاعرها المكبوتة ولوعتها العميقة بآهات و ترانيم جميله وصوت أخاذ تناغم وليدها في المهد ( دلول دلول يلولد يبني دلول .. عدوك عليل وساكن الجول ) شكل عند ذاكرة الطفل مشاعر حزينة تنامت بذاته عبرسنين العمر لتصبح جزء من حياته .
يتجلّى الحزن بأعراض عديدة: تعب شديد، مزاج متقلّب، صعوبة في التركيز، وتملمُل. وآلام محيطة بالقلب و المعدة، و مشاكل النوم , يؤدي إلى سلوك هدّام، كتناول الأقراص المخدرة ومعاقرة الخمور تؤدي لاعتلال جسده وافراغه من المشاعر الجميلة والأحاسيس يبكي ناحبا ( تمنيت راسي من حديد … وابجي على الدنيا اشما اريد … وارتاح ساعه ولا أهيد ) . كلّ حالة من الحزن حالة فريدة بذاتها ولا توجد طريقة نموذجية له المهم أن يأخذ المرء الأمور حسب إمكانياته وبطريقته الخاصة. هذه الانتكاسة النفسية المدمرة تأتي بعد اي ظرف صعب يمر به , أحيانا ضرورية ليرى نفسه والعالم من حوله فداحةَ ما أصابه . وهو مؤشر على أن الشخص المُصاب بحاجة إلى ألا يُحمّل نفسه فوق طاقتها خلال فترة من الزمن. من المهم أن يجرؤ المرء على إبداء مشاعره وعدم إبقاءها مكبوتة داخله يجعله محاولا الهروب منها من خلال الإفراط في العمل أو كثرة السفر مثلاً.. ويمكن لهذه التصرفات أن تؤجّل الحزن إلى وقت آخر في المستقبل ، وكذلك تساعده على فهم نفسه ومشاعره الحقيقية وما تحتاج إليه وما تخسره أو تكسبه، وستصبح أكثر قدرة على التعاطف مع الآخرين عندما يكون المرء في خضمّ الحزن يشعر وكأن الحياة لن تصبح أفضل أبداً وهذا غير صحيح , بل يجب على المرء أن يتجاوز مصائبه مهما كانت مؤلمة وعليه ان يكون منفتحاً ويتحدّث عن أحزانه ويحافظ على روتينيات يومياته كالعمل , الأكل , النوم على نحو منتظم ولابأس ان يخلو بنفسه وحيدا , وننصح بعدم الانطواء على النفس انطواءا كليا والمهم ان يشد أزره اصدقاء واقارب وان يتحلى بالصبر لأنه علاج نفسي لمرحلة الحزن وقال سبحانه: «وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ ۚ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ» (النحل: 127) , وقد اقترحت دي هولمز خبيرة العلاقات نقطة انطلاق جديده اخرى ( امنح نفسك بعض الوقت الممتع ).
ونستذكر قول احد الشعراء
أرى الحزن لا يجدي على من فقدته ولو كان في حزني مزيد لزدته
تغيرت الأحوال بعدك كلها فلست أرى الدنيا على ما عهدته
عقدت بك الأيمان بالنجح واثقا فحلت يد الأقدار ما قد عقدته
والحزن الكبير الذي لا يفارق الجميع وزادهم حزنا على أحزانهم ما أصاب البلد من تراجع كبير في الخدمات وسوء اداره وتدمير البنى التحتية واجندات اجنبية وملفات فساد وغياب التخطيط وتداخل الصلاحيات زاد الحزن حزنا والألم ألما وانعدمت الرؤيا فلابصيص أمل ولاحزمة نور في القريب العاجل أضاع بوصلة الاتجاه وخلق فوضى( كلمن اله ). الحزن واقع معاش يرافقنا في الحل والترحال لا خوف من الله ولا من البشر .