18 ديسمبر، 2024 11:02 م

الأكباش تتناطح وتتهاوى من علياء صخرتها , فتتكالب عليها المفترسات من الأطيار وذوات المخالب والأنياب.

ومن الصعب فهم نزعة الأكباش للتناطح , رغم أن كلا منها قد فاز بقطيع من الأغنام , خانع لا يُثاغي بل يريد السِفاد.

كنت أرقب الأكباش المندفعة نحو بعضها بعنفوان إرادة اللذات والرغبات , التي تعميها عن تقدير نتائج ما تقدم عليه.

كبش ينطح كبشا , كبش يقتل كبشا , والقاتل ينتظر قصابا لا يعرف الرحمة , سيذبحه ويبيع لحمه للناس.

فالكبش القاتل للكبش قد نال جزاءه , فالناطح مأكول والنطيح مأكول , فالقوة تمحق القوة , والنار لا تطفيئ النار.

تكاثرت الأكباش , وكل يوم نحضر ميادين تناطحها , وموت بعضها , وإنتظار بعضها لمن سيذبحها , فالأكباش تنطلق نحو غاياتها المشحونة باللذات بلا هوادة.

الأكباش عمياء بصيرة , وللويلات بصيرة , تركض خلف غبار المآسي , وتريد قطيعا منوما معلوفا بالدجل والبهتان , لتأخذه إلى جحيمات سوء المصير الشديد.

الأكباش تبحث عن النعاج , ولا تقبل ببضعة نعاج , فدع الأكباش تنكح وتتناطح وتموت.

والقصاب يتربص بها , ويتأهب لجزرها , فالنعاج قد حملت والأكباش إنتفت الحاجة إليها , فأهلا بالجزارين وستصبح ألشاشا معلقة أمام دكاكينهم.

وما أشهى اللحوم الكبشاوية بعد نفاذ مدة صلاحيتها للنكاح.

وكل من عليها طاح , والغالب مَن يتعامل مع الواقع الأجاج بفحولة ورعونة , ويدري بأن عمره قصير , وهو كالفراشة المتوهمة بأن الحياة في الإقتراب من ضوء مصباح حارق.

و” لكل داء دواء يستطب به…إلا الحماقة أعيت مَن يداويها”

” وما اجتمعت بأذوادٍ فحول…”!!