23 ديسمبر، 2024 2:25 ص

أقوال العلماء في مشروعية الجماعة في صلاة عيد الغدير

أقوال العلماء في مشروعية الجماعة في صلاة عيد الغدير

لماذا الكتابة حول مشروعية جماعة صلاة عيد الغدير:
كتابة هذه المقالات حول موضوع لم تطلع عليه أغلب الساحة الشيعية وخصوصاً البعيدة عن الحوزات العلمية الغاية منه إطلاع هذه الأغلبية على وجود رأي فقهي يتبناه قسم من مراجعنا العظام المعاصرين كالسيد الروحاني والسيد صادق الشيرازي والشيخ بهجت بالإضافة الى الشيخ الأراكي والسيد هادي الشيرازي وغيرهم ، وهذا الرأي الفقهي له قاعدة تاريخية وعلمية متينة انطلقت من اليوم الأول للحوزة العلمية على يد الشيخ المفيد الى يومنا الحاضر وضمن هذا الخط الطولي بالإضافة للعرضي تبنى هذا الرأي الفقهي العشرات من علمائنا الأعلام التي تعتبر كتاباتهم وأرائهم الفقهي الأعمدة التي تعتمد عليها الحوزات العلمية وكتبهم تدرس فيها الى اليوم في كل مناطق التشيع كالشيخ المفيد والعلامة الحلي والمحقق الكركي والشهيد الأول والثاني والمقدس والأردبيلي وغيرهم كثير ، وهذا الرأي الفقهي هو مشروعية الجماعية في صلاة الغدير ، وهذه الجماعة تكون لصلاة الركعتين التي رواها علمائنا الأعلام التي يقرأ في كل ركعة منها الحمد مرة واحدة والإخلاص والقدر والكرسي (فيها خالدون) عشراً أو الصلاة بكيفية صلاة العيد على اعتبار أن يوم الغدير عيد وهذا ما برهنه الشهيد الثاني بطريقة منطقية بسيطة ، إذن الغاية من هذه المقالات هو طرح أراء علمائنا ومراجعنا الأعلام الذين تبنوا مشروعية جماعة صلاة الغدير والتي لم تصلى منذ أكثر من الف سنة أي من زمن الشيخ المفيد الذي صلاها جماعةً في وسط بغداد ويتبعه فيها ألاف المصلين المؤمنين ، ولم تكتب هذه المقالات من أجل ضرب أراء المراجع أو العلماء الذين يقولون بعدم مشروعية هذه الجماعة بل أرائهم محترمة ونقدرها ولا نناقشها ولا نتضارب معها ، بل نقول مشروعية الجماعة في صلاة الغدير قال فيها الكثير من العلماء الأعلام الماضين والمعاصرين ولم تخرج من فراغ أو بدعة ابتدعت اليوم بل لها عمق تاريخي وفقهي تبناه عمالقة المذهب الذين يشار لأسمائهم بالبنان لخدماتهم الجليلة في نشر علوم أهل البيت عليهم السلام والتشيع ، ولكن لابتعاد المؤمنين الذين يتبعون العلماء الذين يقولون بمشروعية الجماعة من إقامة هذه الصلاة بسبب الكثير من الظروف والعوامل وأهمها السياسية ، لذا أصبحت هذه الصلاة غريبة على الشارع الشيعي مثل الكثير من تعاليم الاسلام كالمتعة مثلاً ، فطرح مثل هذه المقالات حتى نزرع المقبولية ورحابة الصدر والمعلومات العلمية لدا المؤمنين الذين يتبعون علماء لا يقولون بمشروعية هذه الصلاة أو المؤمنين الذين يتبعون علماء يقولون بمشروعية هذه الصلاة من خلال إطلاعهم على أراء علمائنا الأعلام في مختلف الفترات الزمنية للتشيع ، وهذا يصب في دفع المؤمنين للوحدة والأخوة والتجمع في المؤسسات الدينية لمعرفة يوم الغدير بشكل أفضل من خلال الاحتفال به كأعظم وأكبر عيد في الإسلام كما قال رسول الله (صلى الله عليه واله) والمعصومين من ذريته سلام الله عليهم أجمعين.

( الجزء الأول)

لقد ذكر الكثير من علمائنا الأعلام وفطاحل عظماء المذهب في مشروعية الجماعة في صلاة الغدير ، وفي مقدمة هؤلاء العلماء مؤسس الحوزة العلمية والمنظور من الإمام الحجة بن الحسن عج الشيخ المفيد ، الذي أكد على جماعة صلاة الغدير وأيضا أقام هذه الصلاة جماعة في بطن بغداد وقد صلى خلفه الألأف من البغداديين أيام الدولة البويهية (1 ) ، وقد روى ابو الصلاح استحباب الجماعة في هذه الصلاة والخطبة والتصافح والتهاني لبركة هذا اليوم وشرفه بتكميل الدين بنصب أمير لمؤمنين عليه السلام (2) ، وقد ذكر المحقق الكركي أن صلاة الغدير تقام قبل الزوال بنصف ساعة وهي ركعتان يقرأ في كل ركعة الحمد مرة وكلا من القدر والتوحيد والكرسي الى قوله (فيها خالدون) عشراً جماعة في الصحراء بعد أن يخطب الإمام بهم ويعرفهم فضل هذا اليوم ، فإذا أنقضت تصافحوا وتهانوا ، وثوابها مائة الف حجة وعمرة ويعطى ما يسأل …(3)

وقد ذكر المحقق البحراني في الحدائق الناظرة : فأعلم أنه نقل في المختلف عن أبي الصلاح أنه قال في صفة صلاة الغدير : ومن وكيد السنة الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في يوم الغدير وهو الثامن عشر من ذي الحجة الحرام بالخروج الى ظاهر المصر وعقد الصلاة قبل أن تزول الشمس بنصف ساعة لمن تتكامل فيه إمامة الجماعة بركعتين ، يقرأ في كل ركعة منهما الحمد وسورة الإخلاص عشراً وسورة القدر عشراً وسورة الكرسي عشراً ويقتدي به المؤمنون وإذا سلم ودعا بدعاء هذا اليوم ومن صلى خلفه ، وليصعد المنبر قبل الصلاة فيخطب خطبة مقصورة على حمد الله والثناء عليه والصلاة على محمد وآله الطاهرين …( 4)

وقد ذكر المتقي في ( المختلف) أنه قال في وصف صلاة الغدير : من وكيد السنن ، الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في يوم الغدير وهو الثامن عشر من ذي الحجة بالخروج الى ظاهر المصر وعقد الصلاة قبل أن تزول الشمس بنصف ساعة لمن يتكامل صفات إمامة الجماعة بركعتين ، يقرأ في كل ركعة الحمد وسورة الإخلاص عشراً وسورة القدر عشراً وآية الكرسي عشراً ……( 5) الى أن قال ( وتقتدي به المؤتمون وإذا سلم دعا بدعاء هذا اليوم ومن صلى خلفه ، وليصعد المنبر قبل الصلاة فيخطب خطبة مقصورة على حمد الله تعالى والثناء والصلاة على محمد وآله ، والتنبيه على عظم حرمة يومه وما أوجب الله فيه من إمامة أمير المؤمنين (عليه السلام) ، والحث على امتثال أوامر الله سبحانه وتعالى ……( 6)

وقال المقدس الأردبيلي في مجمع البرهان : إن المشهور بين الأصحاب جواز فعلها جماعة وليس ببعيد لعدم المنع من الجماعة في النافلة مطلقاً بحيث يشملها ظاهرا ولا إجماع فيه ، مع الترغيب في الجماعة خصوصا في هذه الصلاة في هذا اليوم ولحصول كثرة الثواب لمن لم يعرف هذه الآيات بالإقتداء وبها يظهر شعار الإيمان انتهى (7)

وقد ذكر الشيخ كاشف الغطاء : أن يغتسل قبلها يقرأ في كل واحدة منهما الحمد مرة وكلا من القدر والتوحيد وآية الكرسي الى خالدون عشرا عشرا ويستحب فيها الجماعة والإنفراد أحوط وأن يكون في الصحراء تحت السماء تأسياً كما ذكره بعض الفقهاء والخطبة قبل الصلاة أوبعدها ويعرفهم الإمام فضل اليوم فإذا تمت الخطبة تصافحوا وأكدوا الأخوة ( 8) .

هذه بعض الآراء التي أطلعنا عليها لعلمائنا الأعلام التي تقول بمشروعية الجماعة في صلاة الغدير .

(1) مصابيح الظلام في شرح مفاتيح الشرائع – الشيخ البهبهاني ج8 ص260(2) تذكرة الفقهاء- العلامة الحلي ج2ص285(3) رسائل الكركي – المحقق الكركي ج1ص135(4) الحدائق الناظرة – المحقق البحراني ج10ص533(5) المتقي – المختلف ، حاشية مفتاح الكرامة لمحمد جواد العاملي ج9ص211(6) جواهر الكلام – الشيخ الجواهري – ح12 ص214(7) مجمع الفائدة والبرهان – المقدس الأردبيلي ج3ص23(8) كشف الغطاء ( ط ق) – الشيخ جعفر كاشف الغطاء ج1 ص26

(الجزء الثاني)

وقد ذكر الكثير من العلماء الأعلام بمشروعية الجماعة في صلاة الغدير ونذكر في هذه العجالة أراء ممن أطلعنا على أرائهم :

وقد حكي عن الحلبي استحباب الجماعة والخطيتين والخروج الى الصحراء فيها ( 1)، وفي المصباح عن داود بن كثير عن أبي هارون العبدي عن ابي عبد الله عليه السلام قال في حديث يوم الغدير ومن صلى فيه ركعتين أي وقت شاء وأفضله ما قرب الزوال وهي الساعة التي أقيم فيها أمير المؤمني عليه السلام بغدير خم علما للناس وذلك أنهم كانوا قربوا من المنزل في ذلك الوقت فمن صلى في ذلك الوقت ركعتين ثم يسجد ويقول شكراً لله مائة مرة ويعقب الصلاة بالدعاء الذي جاء فبه ، وفي الحدائق نقلها عن المصباح نحوه إلا أنه قال ودعا بعقب الصلاة إجابة ، وحكى عن جملة من الأصحاب القول باستحباب الجماعة في هذه الصلاة ( 2)

وقد ذكر الشيخ المفيد في باب صلاة يوم الغدير واصلها ويوم الغدير هو اليوم الثامن من ذي الحجة ، نزل رسول الله صلى الله عليه وآله فيه مرجعه ، من حجة الوداع بغدير خم وأمر أن ينصب له في الموضع كالمنبر من الرحال وينادى بالصلاة جامعة ، فأجتمع سائر من كان معه من الحاج ، ومن تبعهم لدخول المدينة من أهل الأمصار ن واجتمع جمهور أمته فصلى ركعتين ، ثم رقى المنبر فحمد الله وأثنى عليه ، ووعظ ، وزجر ( 3)

وقد ذكر السيد محمد جواد العاملي في مفتاح الكرامة : وصلاة يوم الغدير ركعتان قبل الزوال بنصف ساعة يقرأ في كل منهما الحمد مرة وكلا من القدر والتوحيد وآية الكرسي الى قوله تعالى : هم فيها خالدون ، عشراً جماعة في الصحراء بعد يخطب الإمام بهم ويعرفهم فضل اليوم ، فإذا أنقضت الخطبة تصافحوا وتهانوا ( 4)

وقد ذكر الشيخ أبن زهرة الحلبي : وأما صلاة الغدير وهو الثامن عشر من ذي الحجة فركعتان يصلي قبل الزوال بنصف ساعة ، يقرأ في الأولى والثانية بعد الحمد سورة الإخلاص عشر مرات وسورة القدر كذلك وآية الكرسي كذلك ، ويستحب أن يصلي جماعة ، وأن يجهر فيها بالقراءة ، وأن يخطب قبل الصلاة خطبة مقصورة على حمد الله والثناء عليه والصلاة على محمد وآله ( 5)

الجماعة مستحبة في الفرائض وتتأكد في الخمس ، وتجب فيما سبق وبالنذر ، وتحرم في النافلة إلا الاستسقاء وما أصله فرض كالإعادة والعيد وألحق الحلبي ……( 6) صلاة الغدير ، وفضلها عظيم ، لقول النبي… (7 ) صلى الجماعة تفضل صلاة الفذ بخمس وعشرين درجة ، وقال (المحاسن ( كتاب ثواب الأعمال ص53 ) : من صلى الغداة والعشاء الآخرة في جماعة فهو بخمس فهو في ذمة الله ومن ظلمه فإنما يظلم الله . (( 8)

وروى أبو الصلاح أستحباب الجماعة فيها والخطبة والتصافح والتهاني لبركة هذا اليوم وشرفه بتكميل الدين (9) ويستحب ان يصلي جماعة وأن يجهر فيها بالقراءة وأن يخطب قبل الصلاة خطبة مقصورة على حمد الله والثناء عليه والصلاة على محمد واله وذكر فضل هذا اليوم وما أمر الله به من النص بالإمامة على أمير المؤمنين عليه السلام ( 10)

صلاة الغدير : وهي ركعتان قبل الزوال بنصف ساعة يقرأ في كل منهما الحمد مرة وكلا من القدر والتوحيد وآية الكرسي الى قوله ((وهم فيها خالدون)) عشرا جماعة في الصحراء بعد أن يخطب الإمام بهم ويعرفهم فضل اليوم ، فإذا أنقضت الخطبة تصافحوا وتهانؤا ونيتها ((أصلي صلاة الغدير لندبها قربة لله تعالى. ( 11) وفي (المدارك) – بعد أن نقل الصحاح السابقة في استحباب الجماعة مطلقا في النافلة – قال ومن هنا يظهر أن ما ذهب اليه بعض الأصحاب من استحباب الجماعة في صلاة الغدير جيد ، وأن لم يرد فيه نص على الخصوص ، ونظره رحمه الله الى ان القائل بالاستحباب غير منحصر في أبي الصلاح ، قال به من جهة الرواية لا من العموميات بخلاف غيره ، إذ لعله قال به من جهة العموميات ، مع أن قولهم جيد وان كان من خصوص رواية ، وعدم الانحصار في ظاهر ، حتى أنه نقل أن المفيد صلاها جماعة بألوف من الناس في بطن بغداد (12) بل وتشرع في صلاة الغدير (13) وقد وردت رواية دالة على جوازها في صلاة الغدير ( 14)

وقال الشيخ كاشف الغطاء باستحباب الجماعة في صلاة الغدير حيث قال : ويستحب فيها الجماعة والانفراد أحوط (15 ) ، وقد أفتى السيد صادق الشيرازي باستحباب ان تصلى صلاة الغدير جماعة (16)

ومن خلال إجابته على سؤال فقهي أظهر الشيخ بهجت بمشروعية الجماعة في صلاة الغدير ، (1130) لا تشرع الجماعة في شيء من النوافل عدا صلاة الاستسقاء وصلاة العيدين في عصر الغيبة إذا لم تتحقق شرائط الوجوب على الأظهر ولا يبعد استحباب الجماعة في صلاة الغدير إذا أتى بها رجاء المطلوبية (17) ، وقد أظهر السيد الروحاني مشروعية الجماعة في صلاة الغدير من خلال إجابته على على سؤال فقهي حيث أجاب : مسألة 773: لا تشرع الجماعة لشيء من النوافل الأصلية وإن وجبت بالعارض لنذر أو نحوه ، حتى صلاة الغدير ( الأظهر مشروعية الجماعة فيها ) على الأقوى ( 18).

ومن خلال هذه القراءة السريعة لاحظنا أن كثير من العلماء الأعلام الماضين منهم والمعاصرين قد صرح بمشروعية الجماعة في صلاة عيد الغدير منهم ( أبو الصلاح ، أبن زهرة ، وأبن أبي المجد الحلي، والفاضل الآمي ، والمحقق الثاني ، وولده ، والشهيد الأول في اللمعة ، والمقدس الأردبيلي ، وصاحب المدارك ، والشيخ أبو الحسن صاحب المدارك ، كاشف الغطاء ، بل يمكن إسناده الى المحدث الكاشاني والشيخ المفيد والسيد الروحاني والسيد صادق الشيرازي والسيد محمد الشيرازي والشيخ بهجت والشيخ الأراكي والشهيد الثاني والمحقق الكركي وغيرهم كثير ).

(1) مستند الشيعة المحقق النراقي ج6 ص381 ، الكافي في الفقه ص160(2) مصباح الفقيه ( ط ق) – آقا رضا الهمداني ج2ق2 ص525 ، وسائل الشيعة ( آل البيت) – الحر العاملي ج8ص89 (3) المقنعة للشيخ المفيد ج1 ص203(4) مفتاح الكرامة محمد جواد العاملي ج9 ص 211(5) غنية النزوع – أبن زهرة الحلبي ص108(6) الكافي في الفقه ص160(7) وسائل الشيعة ب1 من أبواب الصلاة الجماعة ح14ح5ص374(8) الدروس – الشهيد الأول ج1ص217(9) نهاية الأحكام- العلامة الحلي ج2ص96(10) جامع الوفاق بين الإمامية أئمة الحجاز والعراق – علي بن محمد القمي ص119 )(11) الرسائل الفخرية في معرفة النية – محمد بن الحسين بن المطهر الحلي ص53(12) مصابيح الظلام في شرح مفاتيح الشرائع – الشيخ البهبهاني ج8 ص260(13) شرح تبصرة المتعلمين – آقا ضياء العراقي ج2ص201(14) نهاية التقرير في مباحث الصلاة – تقرير بحث السيد البروجردي للشيخ الفاضل اللنكراني هامش ص200، مصباح المتهجد ص696،702-703 ، الوسائل ج10ص444، أبواب الصوم المندوب ب14ح11 (15) مدارك العروة – الشيخ علي بناه الأشتهاردي ج16 شرح ص393(16) أجوبة السائل الفقهية – الموقع الرسمي لسيد صادق الشيرازي(17) توضيح المسائل – الشيخ محمد تقي بهجت ص271(18) منهاج الصالحين – السيد محمد صادق الروحاني ص220

( الجزء الثالث )

وأما صلاة الغدير فعن جملة من الأصحاب القول باستحباب الجماعة فيها بل عن بعض نسبته الى المشهور وأستدل عليه بما حكى عن أبي الصلاح من نسبته الى الرواية وما عن المقنعة من حكاية ما وقع للنبي صلى الله عليه وآله يوم الغدير ومن جملته أنه أمر أن ينادي الصلاة جامعة فاجتمعوا وصلوا ركعتين ثم رقى المنبر وكفى بمثلهما دليلا لإثبات مثله من باب المسامحة ولكن في الجواهر منع التعويل عليها في المقام وقال أنا وإن قلنا بالتسامح في دليل المستحب لكن حيث لا يعارضه ما يقتضي الحرمة ، أقول هذا فيما أقتضى حرمته ذاتاً لا من حيث التشريع وكونه بدعة وإلا فبعد ورود النص على جوازه أنتفى موضوعهما سواء كان ذلك النص بنفسه حجة أو دليل آخر على حجيته أو على جواز العمل به لا من باب الحجية لإثبات متعلقة بل من جهة آخرى ……..( 1)

ثم ينسب الى المشهور مشروعية الجماعة في صلاة الغدير التي هي ركعتان قبل الزوال ، وحكي في التذكرة ……(2) ، عن التقي نسبة ذلك الى الرواية ، ونقل عن النبي صلى الله عليه وآله في يوم الغدير في حجة الوداع أنه أمر أن ينادي الصلاة جامعة فاجتمعوا وصلى ركعتين ثم رقى المنبر وخطب الخطبة المعروفة …..(3)

فأذن القول بعدم مشروعية الجماعة في النوافل وفاقا لمعظم الأصحاب ( رض) لا إشكال فيه ، نعم أستثنى صلاة الاستسقاء من النوافل لمشروعية الجماعة فيها بالنصوص و قيل صلاة الغدير أيضاً …….((4))

عن العلامة في التذكرة عن أبي الصلاح أنه روى استحباب الجماعة في صلاة الغدير ، وهن جملة من الأصحاب القول باستحباب الجماعة فيها ، وأستدل عليه بذلك وما عن المقنعة من حكاية صلاة النبي صلى الله عليه وآله يوم الغدير جماعة ، والاستدلال بالروايتين إنما يتم على القول بالمسامحة في أدلة المستحبات وتطبيقها على المقام ….. ( 5)

وأما صلاة الغدير وهو اليوم الثامن عشر من ذي الحجة فركعتان يصلي قبل الزوال بنصف ساعة يقرأ في الأول والثانية بعد الحمد عشر مرات وسورة القدر كذلك وآية الكرسي كذلك ، ويستحب أن يصلى جماعة ……( 6)

ومنها صلاة الغدير : وهي ركعتان قبل الزوال بنصف ساعة ، يقرأ في الأولى منها الحمد مرة وكلا من القدر والتوحيد وآية لكرسي الى : هم فيها خالدون ، عشرا جماعة في الصحراء بعد أن يخطب الإمام بهم ويعرفهم فضل اليوم فإذا أنقضت الخطبة تصافحوا وتهانوا ونيتها : أصلي صلاة يوم الغدير لندبه قربة الى الله …..( 7)

قال الفاضل المعاصر في الروضات : و للكراجكي أيضاً كتاب في الدعاء سماه روضة العابدين ينقل عنه شيخنا الكفعمي في كتاب الجنة الواقية وغيره ، أنتهى ، وفيه مالا يخفى ، وفي مجاميع الشيعة جملة وافرة منه يعلم منها أنه كسائر كتب فقه القدماء ومنه أخرجت خبر جواز الجماعة في صلاة الغدير في أبواب الجماعة ( منه قدس سره )…. ( 8)

ومها صلاة يوم الغدير قبل الزوال بنصف ساعة ، وهي ركعتان يقرأ في كل ركعة الحمد مرة وكلا من القدر والتوحيد وآية الكرسي الى قوله ” فيها خالدون ” عشراً جماعة في الصحراء بعد يخطب الإمام بهم ، ويعرفهم فضل اليوم ….(9)

(1) مصباح الفقيه ( ط ق) – آقا رضا الهمداني ج2ق2 ص625 (2) التذكرة ج1ص73(3) المقنعة : ص34 ، شرح اللمعة ج1ص791(4) كتاب الصلاة – شيخ عبد الكريم الحائري ص446(5) البحث في رسالات العشر – محمد حسن القديري ص15 (6) الينابيع الفقهية – علي أصغر مرواريد ج4 ص567 (7) الينابيع الفقهية – علي أصغر مرواريد ج28ص582(8) حاشية خاتمة المستدرك – الميرزا النوري ج3ص127 (9) رسائل الكركي – المحقق الكركي ج1 ص135

الشيخ المفيد أول من صلى صلاة الغدير جماعةً

(الجزء الرابع)

ولد الشيخ المفيد في عام ٣٣٦ أو ٣٣٧ هجري أي في أواخر الغيبة الصغرى وبداية الغيبة الكبرى، وترعرع في أحضان العلم والعقيدة الحقة حتى بلغ ، فكان شابّاً بسيطاً ، وكان والده معلماً في تل العكبري (على مسافة عشرة فراسخ من بغداد) فاشتهر بلقب (ابن المعلم). محمد بن محمد بن النعمان ، الشهير بالشيخ المفيد وابن المعلم (٣٣٦-٤١٣ هجري) فقيه ومتكلم ومحدّث إمامي كبير، من تلامذة ابن قولويه والشيخ الصدوق وأبي غالب الرازي ، تتلمذ علي يديه الكثير من العلماء منهم : الشريف الرضي ، الشريف المرتضى ، الشيخ الطوسي ، وسلار بن عبد العزيز الديلمي . اشتهر الشيخ المفيد بسرعة البديهة ، ولمناظرته مع القاضي عبد الجبار المعتزلي قصة معروفة….(1)
فارتقي سلّم العلم حتى بلغ منزلة عظيمة ومكانة اجتماعية رفيعة يشهد لها مستوي التشييع المهيب الذي شهدته جنازته في بغداد رغم أنّ هذه المدينة لم تكن ذات أغلبية شيعية حينذاك كما هي اليوم، ويروي المؤرخون أنّه كان تشييعاً لم تر بغداد نظيراً له حتى ذلك الوقت .(2)

ولم نستطع أن نجد من يُقيَّم الشيخ المفيد أفضل من الإمام الحجة بن الحسن (عج) الذي أرسل اليه بثلاث رسائل حفظ لنا التاريخ منها أثنين والثالثة ضاعت منا في فترات الظلم التي عاشها أتباع أهل البيت عليهم السلام ، نلاحظ من هذه الرسائل أن الشيخ المفيد وصل الى مقامات و درجات عالية لم يصلها إلا قليل من أصحاب الأئمة سلام الله عليهم أجمعين ، بل لم يحصل أي شخص حتى النواب الأربعة على مدح من الناحية المقدسة كما حصل عليه الشيخ المفيد ، ونستعرض الآن مقتطفات من هذه الرسائل التي تظهر مقام ومكانة الشيخ المفيد عند الإمام الحجة عج :

الرسالة الأولى : قال العلّامة الطبرسي رحمه الله:
ذكر كتاب ورد من الناحية المقدسة حرسها الله ورعاها في أيام بقيت من صفر سنة عشرة وأربعمائة علي الشيخ المفيد أبي عبد الله محمد بن محمد بن النعمان قدس الله روحه ونوّر ضريحه ، ذكر موصلُه أنه يحمله من ناحية متصلة بالحجاز؛

نسخته :
«للأخ السديد والولي الرشيد ، الشيخ المفيد أبي عبد الله محمد بن محمد بن النعمان – أدام الله إعزازه – من مستودع العهد المأخوذ على العباد
بسم الله الرحمن الرحيم
أما بعد ؛ سلام عليك أيها الولي المخلص في الدين ، المخصوص فينا باليقين ، فإنا نحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو ، ونسأله الصلاة على سيدنا ومولانا ونبينا محمّد وآله الطاهرين ، ونُعلمك – أدام الله توفيقك لنصرة الحقّ وأجزل مثوبتك علي نطقك عنا بالصدق – أنه قد أذن لنا في تشريفك بالمكاتبة ، وتكليفك ما تؤدّيه عنا إلي موالينا قبلك ، أعزّهم الله بطاعته وكفاهم المهمّ برعايته لهم وحراسته.

فقف – أيدك الله بعونه علي أعدائه المارقين من دينه – علي ما أذكره ، واعمل في تأديته إلي من تسكن إليه بما نرسمه إن شاء الله: ………………………………………………………………………الى أن قال عج :

هذا كتابنا إليك أيها الأخ الولي والمخلص في ودّنا ، الصفي والناصر لنا الوفي ، حرسك الله بعينه التي لا تنام ، فاحتفظ به ولا تظهر على خطّنا الذي سطّرناه بما له ضمنّاه أحداً وأدّ ما فيه إلي من تسكن إليه ، وأوصٍ جماعتهم بالعمل عليه إن شاء الله ، وصلّى الله على محمد وآله الطاهرين ….(3)

(1) ريحانة الأدب، ج ٥، ص ٣٦١-٣٦٥؛ الأعلام للزركلي، ج ٧، ص ٢١(2) بحار الأنوار، ج ٥٣، ص ٢٥٦(3) الأحتجاج للطبرسي ج2ص497

الشيخ المفيد أول من صلى صلاة الغدير جماعة

(الجزء الخامس)

الرسالة الثانية :

وورد على الشيخ المفيد كتاب آخر من قبله صلوات الله عليه يوم الخميس الثالث والعشرين من ذي الحجة سنة اثنتي عشرة وأربعمائة ؛

نسخته :
«من عبد الله المرابط في سبيله إلي ملهم الحق ودليله
بسم الله الرحمن الرحيم
سلام الله عليك أيها الناصر للحقّ ، الداعي إليه بكلمة الصدق ، فإنا نحمد الله إليك الذي لا إله إلا هو إلهنا وإله آبائنا الأولين ، ونسأله الصلاة علي سيدنا ومولانا محمد خاتم النبيين وعلي أهل بيته الطاهرين.
وبعد ؛ فقد كنا نظرنا مناجاتك عصمك الله بالسبب الذي وهبه الله لك من أوليائه وحرسك به من كيد أعدائه ، وشفعنا ذلك الآن من مستقرّ لنا ينصب في شمراخ من بهماء صرنا إليه آنفاً من غماليل ألجأنا إليه السباريت من الإيمان ، ويوشك أن يكون هبوطنا إلى صحصح من غير بعد من الدهر ولا تطاول من الزمان ، ويأتيك نبأ منا يتجدد لنا من حال ، فتعرف بذلك ما نعتمده من الزلفة إلينا بالأعمال ، والله موفقك لذلك برحمته……………………………………………………………………………

الى قال عج :

هذا كتابنا إليك أيها الولي الملهم للحقّ العلي بإملائنا وخطّ ثقتنا ، فأخفه عن كلّ أحد ، واطوِهِ ، واجعل له نسخة تطلع عليها من تسكن إلى أمانته من أوليائنا – شملهم الله ببركتنا إن شاء الله – الحمد لله والصلاة علي سيدنا محمد النبي وآله الطاهرين… .(1 ).

ولاحظنا من محتوى هذه الرسائل المقام الذي وصل اليه الشيخ المفيد الذي يناديه الإمام الحجة عج بالأخ الولي والمخلص في ودنا ، أيها الولي المخلص في الدين ، المخصوص فينا باليقين .

فأي مقام وصل اليه هذا الشيخ الجليل الذي جعل الإمام عج يناديه بهذه العبارات العظيمة ذات المعنى المقدس الكبير .

هذا الشيخ الجليل العظيم الشأن قد قال في باب صلاة يوم الغدير واصلها : ويوم الغدير هو اليوم الثامن من ذي الحجة ، نزل رسول الله صلى الله عليه وآله فيه مرجعه ، من حجة الوداع بغدير خم وأمر أن ينصب له في الموضع كالمنبر من الرحال وينادى بالصلاة جامعة ، فأجتمع سائر من كان معه من الحاج ، ومن تبعهم لدخول المدينة من أهل ألأمصار واجتمع جمهور أمته فصلى ركعتين ، ثم رقى المنبر فحمد الله وأثنى عليه ، ووعظ ، وزجر…. (2) ، ونتيجة سيطرة البويهيون الشيعة على بغداد ورعى معز الدولة البويهي أول احتفال للشيعة بعيد الغدير عام 352 هجري ، ونتيجة هذه الظروف الجيدة فقد أقام الشيخ المفيد صلاة الغدير جماعةً وقد ألتف حوله الألأف من المصلين ، وقد ذكر الشيخ البهبهاني في مصابيح الظلام في شرح مفاتيح الشرائع في صلاة الغدير ان العامة نقلوا أنهم في بطن بغداد صلوا هذه الصلاة جماعة في ألاف ألوف منهم ، ( 3)، حتى أنه نقل أن المفيد صلاها جماعة بألوف من الناس في بطن بغداد (4).

(1) الاحتجاج للطبرسي ج2 ص498(2) المقنعة- الشيخ المفيد ج1 ص203 (3) مصابيح الظلام في شرح مفاتيح الشرائع ج2ص36 ، شرائع الأسلام ج1ص94، المختصر النافع ص35، إيضاح العوائد ج1ص118(4) مصابيح الظلام في شرح مفاتيح الشرائع – الشيخ البهبهاني ج8 ص260

الشهيد الثاني يثبت مشروعية الجماعة في صلاة عيد الغدير

(بطريقة منطقية مبسطة)

(الجزء السادس)

الشهيد الثاني :

هو زين الدين علي الجبعي العاملي ولد 911 وأستشهد سنة 965 هجري أو عمره حوالي54 سنة ، وقد ذكر بن العودي في سجايا الشهيد وخصائله الكريمة ما خلاصته ( إنه لم يصرف لحظة من عمره إلا في إكتساب فضيلة ووزع واوقاته على مايعود نفعه في اليوم والليلة ، أما النهار ففي تدريس ومطالعة وتصنيف ومراجعة وأما الليل فله فيه أستعداد كامل لتحصيل ما يبتغيه من الفضائل ، وهذا مع غاية إجتهاده في التوجه الى مولاه وقيامه بأوراد العبادة ، حتى يكل قدماه ، وهو مع ذلك قائم بالنظر في احوال معيشته على أحسن نظام ، وقضاء حوائج المحتاجين بأتم قيام . وقد ألف مجموعة كبيرة من الكتب ومنها : روض الجنان في شرح إرشاد الأذهان والروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية ومسالك الإفهام الى تنقيح شرائع الإسلام وغيرها كثير .

وقد أثبت الشهيد الثاني في كتابه (الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية ) خلال شرحه اللمعة الدمشقية للشهيد الأول مشروعية صلاة الجماعة في عيد الغدير ، عندما شرح عبارة الشهيد الأول التي يقول فيها بجواز صلاة الجماعة في عيد الغدير وهذا نص عبارة الشهيد الأول في اللمعة الدمشقية مع الطريقة المنطقية المبسطة التي أثبت بها الشهيد الثاني مشروعية صلاة الجماعة في عيد الغدير .

( الفصل الحادي عشر – في الجماعة)

وهي مستحبة في الفريضة مطلقاً …… الى أن قال :

(وواجبة في الجمعة ، والعيدين مع وجوبهما ، وبدعة في النوافل مطلقاً إلا في الإستسقاء ، والعيدين المندوبة ، الغدير) في قول لم يجزم به المصنف إلا هنا ، ونسبه في غيره الى التقي ، ولعل مأخذه شرعيتها في صلاة العيد وأنه عيد

وقد علق السيد كلنتر على عبارة الشهيد الثاني بهذا الإستدلال المنطقي الذي طرح فكرته بشكل واضح وجلي ولكن السيد أظهر هذا الإستدلال الذي توصل إليه الشهيد الثاني :

( هذا أستدلال لطيف مؤلف من الشكل الأول المنطقي )هكذا :

( الصغرى : الغدير عيد )

( الكبرى : وكل عيد تجوز الجماعة في صلاته)

النتيجة : فالغدير تجوز الجماعة في صلاته.

أما إثبات الصغرى : وهو كون الغدير عيد فلقول الإمام الصادق عليه السلام في فضل يوم الغدير ” وهو عيد الله الأكبر” راجع ( وسائل الشيعة – ص224، الباب 2، الحديث 1)

وأما كلية الكبرى : وهي مشروعية الجماعة في كل صلاة عيد فلقوله عليه السلام أيضاً ” من لم يصل مع الإمام في جماعة يوم العيد فلا صلاة له ولا قضاء عليه ” بناء على إطلاق كلمة العيد ، أو عمومها .(1)

ومن خلال هذا الإستدلال أثبت الشهيد الثاني مشروعية صلاة الجماعة في عيد الغدير .

(1) ((( شرح اللمعة – الشهيد الثاني ج1 ص791)))

السيد صادق الروحاني يثبت مشروعية الجماعة في صلاة عيد الغدير

(الجزء السابع)

الجماعة في صلاة الغدير : ومنها صلاة الغدير فعن المشهور جواز القدوة فيها عن أبي الصلاح أن ذلك من وكيد السنن واستدل له بمراسل أبي الصلاح ( الكافي ص160 الطبعة الحديثة ، والإشارة من الجوامع الفقهية ص 82) ، وما عن المقنعة من حكاية أن النبي (ص) قبل نصب علي (ع) بالخلافة صلى ركعتين بالجماعة واحتمال كونها صلاة ظهر مندفع بأن النصب كان قبل الزوال على ما في النصوص ، وهذان الخبران وإن كان لا يثبت بهما المشروعية في أنفسهما إلا أنه وقع الكلام في إثباتها بهما بضميمة دليل التسامح ، فعن الجواهر والمحقق النائيني ويتبعهما بعض المعاصرين العدم ، وذهب المحقق الهمداني (رض) الى إثباتها بهما بواسطة دليل التسامح ، وقد أستدل على الأول بوجوه :

الاول : إن أخبار من بلغ إنما تدل على ترتيب الثواب على مجرد الانقياد فلا طريق لإثبات المشروعية

وفيه : ما حققناه في حاشيتنا على الكفاية من دلالاتها على استحباب العمل الذي بلغ عليه الثواب

الثاني : إن أخبار من بلغ إنما تجري حيث لا دليل على نفي المشروعية وفي المقام دلت النصوص والأصل على عدمها وفيه : أنه بعد ثبوت استحبابها بأخبارها من بلغ تحرج عن موضوع تلك الأدلة وينتفي موضوع عدم المشروعية وبعبارة أخرى أن الفعل المشروع به لا يكون حراما ذاتا وإنما المحرم هو التشريع المرتفع ببركة أخبار من بلغ ولولا ذلك لما أمكن أثبات استحباب شيء مما ورد الدليل على استحبابه التعبدي بها.

الثالث : مانسب الى المحقق النائيني (رض) وهو أن الأدلة إنما تدل على أن الجماعة في النافلة بدعة ، والبدعة عبارة عن فعل ما أراد الشارع عدمه وهي من المحرمات الذاتية كشرب الخمر ومعلوم أن أخبار من بلغ لا تصلح لإثبات مشروعية مادل الدليل ولو بعموميه أو إطلاقه على حرمته ذاتا .

وفيه : أن ما ذكر من عدمه دلالة الأخبار على استحباب ما ثبت حرمته بالدليل وإن كان لا يبعد لظهورأخبارمن بلغ فيما إذا كان المورد مما بلغ عليه الثواب فقط ولا تشمل ما إذا ثبت العقاب عليه بدليل معتبر ، إلا أن ما ذكره من أن الفعل الذي يبدع به حرام ذاتا محل إشكال ومنع ، فإن البدعة كالتشريع ، ولعل الفرق بينهما استعمال البدعة فيما جعل في الدين في زمرة الأحكام مع عدم كونه منها وهذا بخلاف التشريع فإنه عبارة عن عقد القلب والبناء على كون شيء من الدين والجري على وفقه عملا مع عدم كونه كذلك ، وبالجملة ، لا دليل على حرمة البدعة أي الفعل الذي يبدع به ذاتاً كي تصير الجماعة في النافلة محرمة ذاتاً ، فلا تكون موردا لأخبار من بلغ .

الرابع : أن أحكام الجماعة إنما تكون مترتبة على الجماعة المستحبة ذاتاً ، ولا تكون مترتبة على ما ثبت استحبابا عرضاً لعنوان البلوغ الذي هو عنوان ثانوي .

وفيه : أن الأخبار إنما تدل على ثبوت الاستحباب بالنحو الذي يدل عليه بالخبر الضعيف مثلا لو دل الخبر الضعيف على استحباب الاستعاذة قبل القراءة فببركة أخبار من بلغ يثبت جزئيتها الإستحبابية لا الاستحباب الاستقلالي ، وفي المقام بما أن المرسل يدل على ثبوت مشروعية الجماعة بالنحو الذي تكون مشروعية في سائر الموارد تثبت ذلك ببركة أخبار من بلغ لا شيء آخر فتحصل مما ذكرناه أن الأظهر مشروعية الجماعة في صلاة الغدير فتدبر في أطراف ما ذكرناه (( فقه الصادق (ع) السيد محمد صادق الروحاني ج6 شرح ص114)