من الأمور البديهية التي لا جدال فيها أن أي قائد لا يمكنه أن يقود المجتمع دون أن تتوفر في خصائص قيادته وسائل الاقناع الفعالة التي يمكن بها كسب القلوب والعقول . وليس كل من ادعى لنفسه القيادة يصلح لها ، فالكثير من القيادات التي لا تحمل مقومات القيادة الصحيحة سقطت وتلاشى بريقها وانتهى بها الحال الى مزابل التاريخ . ومن هنا أتوجه بهذا الموضوع الى السيد مقتدى الصدر من باب الحوار المنطقي ( وليس من باب الطعن والتنكيل ) لكونه يدعي أنه حامل لواء الاصلاح وأنه يطلب من العراقيين كافة الانضواء تحت لوائه والانخراط ( بثورة عاشوراء ) . وبعيدا عن الصراعات السياسية وما يرافقها من تصرفات مخجلة أقول له باعتباري مواطن عراقي لا ناقة لي ولا جمل في كل التقاطعات السياسية وعنترياتها المتنوعة ، كيف تطلب مني أن أكون معك وأن أنضوي تحت لوائك ولدي الكثير من الملاحظات التي تقف سدا منيعا أمام قناعتي بقيادتك ، أم أنك ترى أن الانضمام اليك واجب شرعي لابد منه بغض النظر ان اقتنعت أو لم أقتنع ؟ وأولى هذه النقاط : التحليل الدقيق لشخصيتك على مدى سبعة عشر عاما . حيث لم أجد في هذه الشخصية ملامح الثبات في المواقف ، بل العكس من ذلك ، شخصية مترددة متقلبة تحكمها المصالح الآنية . وعلى سبيل المثال وليس الحصر ، في عام 2005 وبعد تفجير المرقدين الشريفين في سامراء اتهمت المملكة العربية السعودية بالوقوف وراء ذلك العمل الاجرامي ( والمملكة لا علاقة لها به لا من قريب ولا من بعيد ) ووصفت آل سعود بأعداء العراق ، ورجعت بعد سنوات لتقول أن المملكة العربية السعودية الأب الحنون للجميع . كما أنك في أحدى اللقاءات التلفزيونية قبيل الانتخابات البرلمانية لعام 2020 قلت : ( هذا عهد بيني وبين الله لن أعود للسياسة مرة أخرى ولن أخوض الانتخابات القادمة ) ولكنك بعد فترة قصيرة نسيت كلامك هذا ونسيت حتى عهدك مع الله ، فكيف تريدني أن أقتنع بك وأن أكون معك ؟ والنقطة الثانية : عليك أن تعرف من يرفع لواء الاصلاح عليه أن يبدأ باصلاح المقربين منه قبل كل شيء ، وليس من المعقول أن تطالبنا بالوقوف معك وأغلب قيادات التيار متورطة بالفساد ( من الرأس حتى أخمص القدم ) مع العلم أن هذه القيادات لا تعيش في كوكب آخر لكي يتعذر علينا نحن العراقييون من رؤية وتشخيص فسادهم ، فهم يعيشون هم وعوائلهم بيننا ويتمتعون بكل أسباب العيش المترف من قصور فخمة وسيارات غالية الاثثمان ، ونحن كعراقيين نقارن مع أنفسنا بين أحوالهم في السابق وبين أحوالهم الآن . فاذن كيف تريد مني أن أقتنع قناعة حقيقية بك وبتيارك من أجل التطوع للانضمام اليك ؟ أما النقطة الثالثة : مفهوم الاصلاح مفهوم شامل لا ينحصر في مجال واحد فحسب ، بل يتعدى الى مجالات كثيرة ، والمتفق عليه لدى كل العقلاء أن أهم مرتكزات الاصلاح اصلاح النفس . والنفس يتحكم فيها العقل واللسان والضمير ، والفرد ( الذي هو أساس المجموعة ) لا يمكن أن يؤمن بالاصلاح الشامل وهو يملك عقلا فارغا ولسانا سليطا لا يرحم أحد وضميرا ميتا خاليا من الرحمة والانسانية . وهذا الوصف ينطبق على معظم أتباع وأنصار التيار الصدري . فهم لا يعترفون اطلاقا بحرية التعبير عن الرأي ، ويرون معادلة النقد ذات اتجاه واحد فقط وغير مسموح لها الاتجاه المعاكس . وأصبح من المؤكد للجميع أن من يريد أن يكتب موضوعا ينتقد فيه تصرفات وسلوك البعض من التيار الصدري عليه أن يتبع حلين لا ثالث لهما ، اما أن يكتب باسم مستعار أو ينتظر العقاب الأليم بالطعن والنيل من شرفه وبالتصفية الجسدية ( التي ربما تصل الى أفراد عائلة الكاتب أيضا ) . فكيف اذن تتحقق القناعة عندي لأكون معك وأقاتل معك وربما أخسر حياتي من أجلك , وأنت وتيارك لا تملكون مقومات الاقناع اطلاقا ؟