23 ديسمبر، 2024 9:17 ص

أقنعني لكي أكونَ معك

أقنعني لكي أكونَ معك

من الأمور البديهية التي لا جدال فيها أن أي قائد لا يمكنه أن يقود المجتمع دون أن تتوفر في خصائص قيادته وسائل الاقناع الفعالة التي يمكن بها كسب القلوب والعقول . وليس كل من ادعى لنفسه القيادة يصلح لها ، فالكثير من القيادات التي لا تحمل مقومات القيادة الصحيحة سقطت وتلاشى بريقها وانتهى بها الحال الى مزابل التاريخ . ومن هنا أتوجه بهذا الموضوع الى السيد مقتدى الصدر من باب الحوار المنطقي ( وليس من باب الطعن والتنكيل ) لكونه يدعي أنه حامل لواء الاصلاح وأنه يطلب من العراقيين كافة الانضواء تحت لوائه والانخراط ( بثورة عاشوراء ) . وبعيدا عن الصراعات السياسية وما يرافقها من تصرفات مخجلة أقول له باعتباري مواطن عراقي لا ناقة لي ولا جمل في كل التقاطعات السياسية وعنترياتها المتنوعة ، كيف تطلب مني أن أكون معك وأن أنضوي تحت لوائك ولدي الكثير من الملاحظات التي تقف سدا منيعا أمام قناعتي بقيادتك ، أم أنك ترى أن الانضمام اليك واجب شرعي لابد منه بغض النظر ان اقتنعت أو لم أقتنع ؟ وأولى هذه النقاط : التحليل الدقيق لشخصيتك على مدى سبعة عشر عاما . حيث لم أجد في هذه الشخصية ملامح الثبات في المواقف ، بل العكس من ذلك ، شخصية مترددة متقلبة تحكمها المصالح الآنية . وعلى سبيل المثال وليس الحصر ، في عام 2005 وبعد تفجير المرقدين الشريفين في سامراء اتهمت المملكة العربية السعودية بالوقوف وراء ذلك العمل الاجرامي ( والمملكة لا علاقة لها به لا من قريب ولا من بعيد ) ووصفت آل سعود بأعداء العراق ، ورجعت بعد سنوات لتقول أن المملكة العربية السعودية الأب الحنون للجميع . كما أنك في أحدى اللقاءات التلفزيونية قبيل الانتخابات البرلمانية لعام 2020 قلت : ( هذا عهد بيني وبين الله لن أعود للسياسة مرة أخرى ولن أخوض الانتخابات القادمة ) ولكنك بعد فترة قصيرة نسيت كلامك هذا ونسيت حتى عهدك مع الله ، فكيف تريدني أن أقتنع بك وأن أكون معك ؟ والنقطة الثانية : عليك أن تعرف من يرفع لواء الاصلاح عليه أن يبدأ باصلاح المقربين منه قبل كل شيء ، وليس من المعقول أن تطالبنا بالوقوف معك وأغلب قيادات التيار متورطة بالفساد ( من الرأس حتى أخمص القدم ) مع العلم أن هذه القيادات لا تعيش في كوكب آخر لكي يتعذر علينا نحن العراقييون من رؤية وتشخيص فسادهم ، فهم يعيشون هم وعوائلهم بيننا ويتمتعون بكل أسباب العيش المترف من قصور فخمة وسيارات غالية الاثثمان ، ونحن كعراقيين نقارن مع أنفسنا بين أحوالهم في السابق وبين أحوالهم الآن . فاذن كيف تريد مني أن أقتنع قناعة حقيقية بك وبتيارك من أجل التطوع للانضمام اليك ؟ أما النقطة الثالثة : مفهوم الاصلاح مفهوم شامل لا ينحصر في مجال واحد فحسب ، بل يتعدى الى مجالات كثيرة ، والمتفق عليه لدى كل العقلاء أن أهم مرتكزات الاصلاح اصلاح النفس . والنفس يتحكم فيها العقل واللسان والضمير ، والفرد ( الذي هو أساس المجموعة ) لا يمكن أن يؤمن بالاصلاح الشامل وهو يملك عقلا فارغا ولسانا سليطا لا يرحم أحد وضميرا ميتا خاليا من الرحمة والانسانية . وهذا الوصف ينطبق على معظم أتباع وأنصار التيار الصدري . فهم لا يعترفون اطلاقا بحرية التعبير عن الرأي ، ويرون معادلة النقد ذات اتجاه واحد فقط وغير مسموح لها الاتجاه المعاكس . وأصبح من المؤكد للجميع أن من يريد أن يكتب موضوعا ينتقد فيه تصرفات وسلوك البعض من التيار الصدري عليه أن يتبع حلين لا ثالث لهما ، اما أن يكتب باسم مستعار أو ينتظر العقاب الأليم بالطعن والنيل من شرفه وبالتصفية الجسدية ( التي ربما تصل الى أفراد عائلة الكاتب أيضا ) . فكيف اذن تتحقق القناعة عندي لأكون معك وأقاتل معك وربما أخسر حياتي من أجلك , وأنت وتيارك لا تملكون مقومات الاقناع اطلاقا ؟