18 ديسمبر، 2024 8:34 م

أقلامٌ وإعلامٌ وإضرامٌ…؟!

أقلامٌ وإعلامٌ وإضرامٌ…؟!

أقلامٌ تكتب , وإعلامٌ يَصخب , وسلامٌ يَصعُب!
أقلام وما أدراك ما تكتب , وقل أعوذ بالله من شر ما تكتب!
نفاق , دجل , كذب , أفك , خداع , مراءات , تضليل وتبرير , وتسويغ للمآثم والخطايا , وتعبير عن الشرور والظلمات , وتهويل للحوادث وتبشير بالسيئات.
وتسمى أقلاما , فتصول وتجول على صفحات المواقع والصحف والجرائد والمدونات , تحسب أن ما تنفثه من علقم وسم , هو البلسم الشافي من الويلات.
أقلام ترى بعدسات مشوهة , ومناظير نفقية وبزوايا حادة متصاغرة , غائرة في حفر العثرات.
أقلام , والويل لنا من أقلام الأحقاد , التي تُسقى بمداد الإنتقامات وتصفية الحسابات , وكأنها العقارب العمياء من شدة ما يحتقن فيها من صديد وأقياح الكراهيات.
أقلام متوحشة ساغبة تسعى لإفتراس الخير والمحبة والألفة والأخوة والرحمة , فلا يروق لها إلا مشاهد الدم والموت والدخان وأصوات الإنفجارات.
وإعلام “قل أعوذ برب الفلق من شر ما خلق”!
إعلام ولا يُعرف كيف يُسمى إعلاما , بمحطات تلفازية وسمعية ومرئية وصحف إليكترونية وورقية وما فيها إلا الكلام المرّ الزعاف , وتسعى بوقاحة وعدوانية نحو تنمية الشقاق والفرقة وتحشيد الناس على بعضهم , وتساهم في توفير ما يجعلهم مؤهلين نفسيا للقيام بأفظع الأعمال , وأنجس الأفعال , وفقا لمناهج تخريبية وأساليب تدميرية , تستهدف العقل والنفس والروح , وتشويه العقيدة وترفض الأخوة والألفة الوطنية والإنسانية.
محطات تلفازية شرسة الطباع , ناقمة على الخير والأمن والسلام , تُسخَر لها أموال طائلة , وتديرها دول ومؤسسات للفتك بالإنسان في بلداننا , ولو أن هذه الأموال المستثمرة في مشاريع الشرور , أستخدمت في مشروع توفير الأمن الغذائي والسكني , لما بقي مواطن واحد محتاج.
إعلام كريه قبيح مكياجه السوء والبغضاء , وتتعجب من المذيعين ومقدمي البرامج , كيف تطاوعهم أنفسهم وقيمهم وضمائرهم , أن يشاركوا في العدوان على الإنسان , وتدمير الدول والأوطان , وكيف لهم الميل المنفعل الشديد نحو هذا الجانب ضد ذاك , بإسم الحرية والديمقراطية , وغيرها من براقع التخفي للتعبير عن إرادة القتل المتعمد للوجود الحضاري والإنساني في مجتمعاتنا.
إنها لحيرة وإستغراب ودهشة ومرارة , أن تشاهد محطات تلفازية منحازة كاذبة متطرفة تحث على سفك الدماء , وتتساءل أي المصداقية ووثائق الشرف الإعلامي المهني التي ترفعها.
وهل أن الإعلاميين فيها قد تجردوا من ضمائرهم وقيمهم وأخلاقهم , وتحولوا إلى دمى تباع وتُشترى.
فما عاد في بلاد العرب أوطاني إعلام نزيه , ولا محطة تلفازية واحدة تنهج الحقيقة وتحترم الإنسان , بل أنها تريد العبث به وصناعة الرأي المطلوب منها صناعته , لتأجيج الصراعات والتفاعلات الدامية المتنامية , بدعم وتأثير منها.
وهذه الأقلام ومحطات الإعلام تعرف جيدا , أن الدول الديمقراطية , لا تسمح لكلمة نابية في وسائلها , ولا تقبل القول بأي فكرة تناهض الوحدة الوطنية , فهناك خطوط حمراء لا يمكن لأحد أن يقترب منها , وكم من الأشخاص أبعدوا عن وسائل الإعلام لكلمة واحدة أخطئوا في قولها.
فهل وجدتم في الإعلام الديمقراطي المتقدم , محطة تلفازية تحث على الصراع والكراهية وتفتيت المجتمعات , وهل وجدتم من يستخدم الدين كوسيلة لتمزيق المجتمع؟
إن ما يجري في واقعنا , لمؤسف ومؤلم ومدمر وفتاك , والكل يتحدث عن الديمقراطية ويتمنطق بمفرداتها , لكن السلوك يناهضها ويدمرها , ويشن عليها عدوانا شرسا , حتى تحولت الديمقراطية بفضل الأقلام ووسائل الإعلام , إلى منهج تمزيق وإحتراب وصراع وفناء ذاتي وموضوعي.
إن الأقلام والإعلام يساهمان بدرجة كبيرة في مسيرة التداعيات والإنهيارات العاصفة في المنطقة , ولا يمكن تبرأتهما من الآثام.
فهل ستتقي الله الأقلام فيما تكتبه , ووسائل الإعلام فيما تقدمه من برامج , وتبثه من أفكار سلبية وعدوانية.
وهل من ضمير إعلامي وشعور بالمسؤولية الوطنية والأخلاقية والإنسانية؟
وهل ستستعيد رشدها الأقلام , وتقوم بدورها الإيجابي النافع وسائل الإعلام؟
أم أنها تسعى إلى إقامة إمبراطوريات الأجيج والإضطرام…؟!!