23 ديسمبر، 2024 4:13 ص

أقتلوه قبل أن ينتصر

أقتلوه قبل أن ينتصر

أصحاب الرسالات، سماوية كانت أو بشرية، يحصدون أعداء أكثر من الأنصار، ليس لضعف حججهم، بل لأن رسالاتهم، جاءت ضد مصالح، الجزء الأقوى و الأكثر نفوذاً.
الوطنية، مفهوم ضاع بين الكثير من الشعارات، خصوصاً في دولة كالعراق، محكومة بأعراف و تقاليد، تتعدى حدود الوطن، فلا نجد من يطالب، بوحدة الوطن، والمصلحة العامة، بقدر الإهتمام بالمصالح الفئوية.
الإمام محسن الحكيم ( قدس سره)، كان من أهم الأصوات القليلة، التي كانت تنادي بالوطنية، كخيمة تجمع كل الطوائف والجماعات، وكان له دور كبير، في حفظ الهوية الوطنية، مقدماً أبناءه جنوداً، لتحقيق هذا الهدف.
ورث شهيد المحراب (قدس سره)، الدور القيادي في الدفاع عن الوطنية، فكان حاملاً لرايتها، طوال فترة المعارضة، في تحركاته العسكرية والسياسية، للضغط على النظام البائد، وتقويض مراكز قوته وتأثيره داخلياً وخارجياً، فكان له أعظم دور، في إقناع المجتمع الدولي، بضرورة زواج نظام صدام.
إستمر شهيد المحراب، في أداء دوره الوطني، بعد سقوط النظام البائد، فأعلن رغبته في جمع الجهات، تحت خيمة الوطن، وهذا ما أثار حفيظة أطراف متعددة، منها من يخاف القصاص، بعد أن يستتب الأمن، وتلتفت الناس إلى طلب حقوقها؛ ومنها من يخاف ضياع فرصته في إستغلال الفراغ والفوضى، لتحقيق أكبر قدر من المكاسب.
هذه الأطراف تتعدى الأفراد، إلى مستوى الدول، التي كانت تنظر الى العراق الجديد، ساحة خصبة لفرض النفوذ، وتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية، فكان المشروع الوطني لشهيد المحراب( قدس سره) ضربة موجعة لها، حيث إجتماع الأخوة، تحت خيمة واحدة، يهدم كل مخطط لزرع التفرقة، واضعاف الأطراف، لإجبارها على الخضوع لإرادات دول المنطقة.
الموقف الواضح من هذه المحاولات، جعله ( قدس سره) مصدر خطر على مصالح الأطراف المتنازعة، على كعكة العراق الجديد، و إستمراره يهدد وجودها على الساحة، فحاولت أن تشوه سمعته، وتوجهاته و أهدافه، أملاً في إضعاف موقفه، ودوره الذي يؤديه على الساحة، لكن انطلاقته كانت أقوى و أسرع، من أن تواجه بالإشاعات.
بعد أن يئس الكل، من إضعاف همته وشعبيته، و إبعاده عن الساحة، كان خيار الغدر، هو الخيار الوحيد المتبقي، فأجمعت الأطراف المتنازعة، على أن مصلحتهم في قتله، فرفعوا شعار ( أقتلوه قبل أن ينتصر)، لكنه انتصر رغم ذلك، لأنه جسده حلق مع النسيم، ليدخل صدور كل العراقيين، وينشر حب الوطن، في نفوسهم، وسيأتي يوم، يتحقق فيه حلمه، ويكون نبراساً للمواطن الحر، الذي لا يهنأ له العيش، غير في بلد مستقل مالك لمقدراته.