أثنى وسادته و مد قدميه و رفع طرف الشماغ عالياً و ألقاه فوق رأسه و قال : إن هذه الحكومة كلها فاسدة , ما بيهم خير , كلمن يعين ربعه و جماعته ,( و أحنة الفقرة محد بحالنة ) و بدأ بكيل السباب و الشتائم و مختلف التهم على الحكومة و أحزابها و وزرائها و نوابها و هو لا يفرَق بين وظيفة وزير أو نائب في البرلمان أو عضو مجلس محافظةو بعد أن سكت الشيخ ( شيخ عشيرة) تعالت الاصوات في المجلس مؤيدة له في ما نطق به و زادوا عليه و بدأ كل واحد يذكر لنا قصة ما أو واقعة معينة يستعرض لنا فيها بطولاته في مكافحة الفساد و كشف المفسدين و يصب جام غضبه على هذا الوزير و ذاك المدير و ذلك المسؤول و يلعنه بأشد ما يلعن به أنسان لأنه سرق الوطن و الشعب و خان الامانة !! فحمدت الله و شكرته و أنا ساكت لأني شعرت أني جالس في هيئة النزاهة و القضاة جالسون يحاكمون المفسدين , و عندما سكت الجميع التفت الي شيخ العشيرة طالباً رأي في الموضوع متوقعاً مني تأييداً لما أطلقته الالسن من سباب و نقد لاذع باعتباري كتبت عدة مقالات في هذا الموضوع و ألتفت الي الجميع فبادرت الشيخ متسائلاً : يا شيخ لو فرضنا أن السيد رئيس الوزراء أعطاك بضعت درجات وظيفية و طلب منك أسماء شباب لتعيينهم في الدولة فمن ترشح لشغل هذه الوظائف فسارع بالجواب أنه سيعطيها لأبنائه و ابناء أخوته وعمومته فجاسم و عباس و عويد ( كاعدين ) لا شغل و لا عمل و هم يستحقون التعيين لانهم دائماً يمنا بالمضيف ( فالأقربون أولى بالمعروف )! قلت : اذن لماذا تلعن و تسب من يعين اقاربهُ أو ( ربعهُ ) فأطرق براسه في الارض .. و لكني لم أسكت بل ألتفت الى جاسم البقال و انت يا جاسم ألست تمارس الغش في عرض الفواكه و الخضر أم أن هذا ليس بفساد ؟ و أنت يا أسطة ( …….) الا تمارس التسخيت في البناء ؟ و أنت يا ابو حسين الفلاح الا تغش في زرعك و تضرب البقال ( بوري ) ؟ و أنت يا أستاذ ( ………) كيف يخرج التلاميذ من تحت يديك لا يقرءون و لا يكتبون أليست هذه خيانة للوطن ؟ و أنت أيها الشرطي عندما تقضي واجبك في اللعب بالموبايل هل ترضي ضميرك و أنت أيها الطبيب و أنت أيها المهندس و الموظف و المصلًح و البائع وووووو و أنت أيها العراقي …….. هل أنتشر الفسادلدرجة لا تستطيعون تمييزه فيكم و ترصدونه فقط في الحكومة كالمرض الذي باتت أعراضه منتشرة فلم نعد نميز بينها و بين طبيعتنا لنرفع التقصير عنا أولاً و نبدأ بأصلاح انفسنا , إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم, لنشخص ما فينا من فساد و نصلحه فينصلح ما فوقه و رحم الله من قال (لا تنهى عن خُلق و تأتيَ بمثله عارٌ عليكَ إن فعلتَ عظيمُ ) فتغيرت وجوه القوم و أنقبضتالانفس وكان الشرر يتطاير من عيونهم فخرجت مسرعاً من المجلس و قلت في أمان الله فلم يرد عليً أحد السلام … و دمتم سالمين .