18 ديسمبر، 2024 11:04 م

أفلا تتفكرون…….. ؟!

أفلا تتفكرون…….. ؟!

غدت الحياة في تطور مستمر في جميع مفاصلها وسبلها واصبح لزاماً على الفرد ان يتطور معها فتتطور طرق تفكيره وتحليله لجميع الامور التي تحدث على صعيد الحياة الشخصية ،البيئة المحيطة ، مجتمعه او حتى العالم . فيكّون افكارة بعد تحليل وتدقيق ومتابعة فينشأ منفرداً وبعيداً عن سلوك القطيع . ولعل الامور التي تحدث في عالمنا ومحيطنا من كوارث طبيعية وأوبئة وحروب تسفر عن تصدر افكارً شائعة الى العلن فيتداولها الناس فيما بينهم ولا يهم اذا كانت هذهِ الافكار تستوجب التفكر ام لا ولا يهم ان كانت حقائق او افكار غير صحيحة باسلوب ينم على كسلً في التفكير. فالمعلومة الكاذبة ومن غير اهل التخصص تغدوا وباءاً ينتشرُ بين الناس حتى يصل الفرد الى مرحلة لا يستطيع تمييز الفكرة السوية والنافعة من الافكار والمعلومات الكاذبة والمضللة. ولو رجعنا الى السبب الرئيسي في ان يكون للافراد طرق تفكير متشابهة فسنجد ان لمواقع التواصل الاجتماعي الدور الكبير فقد يلعب هذا الفضاء الالكتروني الدور الابرز في ادلجة العقول وتسهيل انصياعها الى الافكار المنتشرة من غير تفكر او تمعن فيعطى الفرد الجرعة الكافية مما يعرض ويُنشر فيتشبع بها باسلوب نفسي سايكلوجي. ومن هذا المنطلق يجب الفهم أنه ما من عبودية إلا واقترنت بحركة تحرر تهدف إلى تحرير الفرد من الأضرار التي جعلت من وجوده العقلي والاجتماعي احادياً. حيث ان مبدأ الوحدة في الافكار السائدة قد لا يكون حراك ايجابي وهدفاً مهماً للتحرر والاستقلال. ان هذا التلاعب الفكري السلبي هوه ما ادى بقيمة الانسان الى الانحدار فلا يعي قيمة نفسه ولا يعي قيمة فكرة وامكانياته في تغيير نفسه بالدرجة الاولى ومجتمعه وبيئته في الدرجة الثانية . ان التفكر هوه جوهر وجود الانسان وهوه من صلب الدين والاديان السماوية الاخرى. فقد وردت كلمة يتفكرون في القران الكريم ثماني عشر مرة. وهي دعوة إلهية للانسان بأن يسلك سلوك منفرد في التفكير ويعي ويفهم جوهر وجوده. كذالك فعل نبينا محمد عندما كان يجلسُ في غار حراء ويتفكر في الخلق والحياة قبل البعثة. وعلى النقيض من ذالك فان الانصياع الى تأثير الرأي العام والافكار الشائعة والسائدة هو استلاب للعقل الانساني ، الهبة التي منحها الله للإنسان وميزهُ بها عن سائر مخلوقاته .وبالتالي فقدان الانسان لحريته واستقلاله الذاتي .وهذهِ الحالة لم تخلق عن طريق الوهم والخطب واهداف الوهم الجمعي فحسب ،بل اصبحت هدفاً مستمراً في الحياة اليومية للفرد الحالي . ومن خلال مواقع التواصل الاجتماعي وكما اشرنا سابقاً بدء التلاعب بالوعي .بجعل الجماعة تسير على منهج استهلاكي وانتاجي واحد فيستهلك ما تستهلكهُ الجماعة وينتج ما تنتجهُ الجماعة ولا يميز بين الحاجة وفائض الحاجة . بينما الاجدر بالأولوية والاهمية يكون الحرية الدينية والحرية الفكرية. وبرغم تراثنا الغني اهملنا العقل فسادت الاراء الخاطئة فاهملنا قاعدة المؤرخ ومؤسس علم الاجتماع الحديث ابن خلدون (علينا اعمال العقل في الخبر ). ان هذا الاستلاب الفكري ادى الى ولوج الفرد الى دائرة مغلقة تسود فيها الافكار والمفاهيم الخاطئة.
ان ما يحدث في الحياة في القرن الواحد والعشرين يستوجب توقف واستدلال فلا شيء يتغير الا بهدف ولا حادثاً يحصل الا لغاية وعلينا كأفراد ان نعي ضرورة الرأي الخاص والثورة الفكرية.