23 ديسمبر، 2024 7:53 م

أفكــار في القيـادة

أفكــار في القيـادة

ترجمة – وليد خالد أحمد
نص – وليم آر. فريمان
لقد أنهيت مؤخراً ثلاثين عاماً في الخدمة الفيدرالية . وبذلك سوف أفتقد للتحديات والأوقات الممتعة والرديئة والمراكز الكبيرة وغير الكبيرة . كما سأفتقد للرؤوساء المخلصين وللمرؤوسين وجميع الأشخاص الآخرين ، وفوق ذلك كله ، افتقادي للصحبة والرفقة.
ومن خلال ترسخ هذه الفترة في ذهني ، أود أن أدون بعضاً من أفكاري حول القيادة وعلى الورق.
كم مرة طُلب منك أن تجري تحليلاً لذاتك ، وأن تميز بين خواصك القوية وخواصك الضعيفة ، ومن ثم الاستفادة من خواصك القوية والعمل من أجل تقوية خواصك الضعيفة ؟
ربما كان ذلك في أحوال كثيرة ، إلا أنني سوف أراهن على أنك نادراً ما تخبر بالطريقة التي تمكنك من فعل ذلك . إذن جرب هذه التقنية :-
أولاً- استخدم نفاذ بصيرتك لكي تقدم صورة ذهنية جيدة عن الشخص الذي يتحتم عليك احترامه والإعجاب به أو كل ما ترغب في تسميته . بعد أن تتكون لديك فكرة حية عن هذا الشخص . قم بتحليل هذا الشخص تدريجياً وجزءاً جزءاً ، وخطوة بعد خطوة ، ثم استخرج صفاته التي تضعه ضمن هذه الفئة أو تلك ، وأياً كان ذلك الشخص ، فأنا أعرفه ، وفي ما يلي بعض من صفاته :-
– إنه شخص غير أناني.
– يعنى ويهتم بالأمور بإخلاص.
– يبدو موجوداً دائماً عندما تكون هناك حاجة إليه.
– تكون نصائحه وتوجيهاته سليمة ، إلا إنه عندما يقدم لك معلومات خاطئة عن طريق الصدفة ، فإنه سوف يعمل كل ما بوسعه ليصحح الوضع.
– يؤمن بالقاعدة الذهنية التي تقول :- أن على المرء أن يعامل الناس كما يجب أن يعاملوه.
– يضع نفسه بعد الآخرين.
– يقوم بوظيفته على أحسن وجه ، ويتوقع من الآخرين عمل الشيء نفسه.
– يثق في الطبيعة البشرية ، رغم أن ذلك وفي بعض الأحيان يكلفه الكثير.
– كثيراً ما يضغط على نفسه رغم أن ذلك يؤذيه أحياناًًًًً.
– إنه شخص صديق سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة.
وسوف نطلق على هذا الشخص اسم الأول.
ثانياً- إفعل الشيء نفسه مع الشخص الذي غالباً ما تحتقره ، أظهر له كل الازدراء والاستخفاف أو كل ماترغب في تسميته . قم بتحليل هذا الشخص بنفس الطريقة ، ثم أوجد الصفات التي تصفه ضمن هذه الفئة أو تلك من الناس مرة ثانية. فقد أجبرت على القول إنني أعرف هذا الشخص.
وفي مايلي بعض من صفاته:-
– إنه شخص أناني.
– يعتني ويهتم بنفسه وطموحاته.
– يبدو دائماً موجوداً في الوقت الذي يحين فيه منح المكافأة.
– سوف تظل نصيحته وتوجيهه إذا كانت سيئة ، سارية المفعول ، وسوف لايعترف أنه يستطيع أن يرتكب خطأ (أنت لاتسمع) أو (إنك تسيء الفهم).
– يؤمن بالقاعدة الذهبية التي تعود عليه بالفائدة.
– يضع نفسه أولاً في المقام الأول والدائم.
– يمنح وظيفته غاية الجهد إذا التقت مع أهدافه الشخصية.
– يثق بالطبيعة البشرية ويستغلها إلى آخر قطرة من الدم.
– ينهمك في عمله عندما يكون الشخص المسؤول متيقظاً.
– إنه شخص صديق حتى في وقت الشدائد.
– سوف يعاملك وجميع الآخرين بسوء إذ رأى أنه من جراء ذلك يستطيع أن يحصل على مكسب شخصي.
– عندما يتساءل عن عمد عن شيء ما ، فإن سؤاله الأول هو :- ماهي الفائدة التي تعود إلي من جرائه ؟
نطلق على هذا الشخص اسم الشخص الثاني.
ومن هذين الشخصين ، يتوفر لديك الآن مثالان حيويان وحقيقتان عن الصفات القوية التي طلب منك تحليلها ، وعن الصفات الضعيفة التي طلب منك تغييرها . بعد ذلك ، أعط نظرة مفصلة عن الشخص الثالث . وهذا الشخص هو الذي سوف يسبب لك القلق والاضطراب ، فهو أجبن وأمكر شخص ، وهو غير ذي أهمية وغير موثوق به ، وكثيراً مايستخدم مصطلحات مثل (النفس/الذات) و(نفسي / أنا) . فإذا تطرق إلى مصطلح (النفس/الذات) بلغة الشخص الأول والشخص الثاني ، ستجد أنه يقترب من صفات الشخص الثاني.
ولكن دعنا نكون عادلين مع مصطلح (النفس/الذات) . أنت تعرف الكثير عنه ، كما تعرف الأمور العميقة والغامضة التي لم يعرفها الآخرون عنه ، فإذا كنت تستطيع من خلال نفاذ بصيرتك أن تجعله يقف بشكل صحيح في موقع وسط بين الشخص الأول والثاني ، فإن بقية العالم سوف يراك بنفس الطريقة التي ترى فيها الشخص الأول.
ولايتطلب ذلك مطلقاً بذل الجهد المتعمد أو التفكير لمعرفة كونه يشبه الشخص الثاني . وإن كل ما عليك فعله ، هو أن تكون قلقاً على نفسك ، وسوف تكون مثله تماماً.
فإذا كنت مديراً أو قائداً على سبيل المثال ، تذكر رؤساءك وأفكارك عنهم الجيدة منها والرديئة.
حسناً ، إن مرؤوسيك يمتلكون نفس الأفكار عنك ، ويمكنك اليوم أن تكون شديداً معهم . كما ترغب أن تكون جاداً وعادلاً ومستقيماً وصادقاً ومهتماً بسير الأمور . وفي حالة فشلك في أي هذه الأمور ، فإنك سوف تخسر ، وحالما تخسر، سوف يكون من المستحيل استعادة ماخسرته.
نعم ، إنها مهمة عسيرة ، لذلك سوف لايتم إكمال العمل ، وما يحصل عليه المدير أو القائد في المقابل ، هو ساعات عمل أطول وعمل أصعب ، وكلمة (شكراً) ، إضافة إلى الرضا الشخصي الذي يشعره بأنك منحته أفضل مالديك.
وكل مايطلبه المسؤول (الرئيس ، المدير ، القائد…) هو أن يكون محترماً من قبل مرؤوسيه وربما لايكون محبوباً ؟
ولكن أليست مسألة الاحترام مسألة أكثر أهمية ؟
أما إذا كنت تابعاً ، تذكر أن مرؤوسيك لايمكنهم إشباع جميع حاجاتك ورغباتك ، وإذا حاولوا ذلك فإنهم سوف يصابون بالجنون حالاً وسوف يكون عليك أن تحاول أن تحل محلهم في القيادة . وإذا أعطيت الأمور التي تتوقعها من القائد (التخصيص والصدق والعمل الجاد والعناية) كأن كلاً منكما سوف يكون راسباً ، وفيما بعد سوف تتلاقى حاجاتك وبعض من رغباتك.
عبر التاريخ ارتفع مستوى الأمم والشعوب إلى القمة ، فقط لكي يعودوا أدراجهم ثانية . فشعوب (الهون) وسلالة (المنغ) والرومان مثلاً ، امتلكوا جميعهم مجتمعات جيدة وقوية ، إلا أنهم ارتكبوا جميعاً خطأ محتوماً . فقد نسوا المعايير والمبادئ التي جعلتهم عظماء ، وعندما تذكروها هووا.
لقد بنيت الأمم على أساس الجماعة وليس الفرد ، وفي التحليل النهائي ، يتبين أن الجماعات هي التي سوف تبقى على قيد الحياة وتصنع التاريخ ، أما أولئك الذين يعتقدون أن الفرد يجب أن يكون له أسبقية على مصالح الدولة والمجتمع ، فسوف يصيبهم الهلاك وسيكونون مجرد هامش في صفحات التاريخ.

* عن مجلة  Infantry 
[email protected]